مقالات العلاقات المميزة بين الإماراتواليابان ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 02/03/2014 تقوم العلاقات بين الدول على التعاون لتحقيق المصالح المشتركة، فعمارة الأرض لا تتم إلا بتضافر جهود جميع الشعوب لما فيه الخير العام لكل منها، ومنذ أقدم العصور اهتدى البشر إلى أهمية التواصل، وظهرت صلات كبيرة بين مشرق الأرض ومغربها، وكذلك بين جنوبها وشمالها، ورغم أن وسائل التواصل في الماضي كانت صعبة، لكنها حققت أعظم الأثر على الحياة في العصر الحالي، فقد توحد البشر اليوم تجمعهم في ذلك الرغبة في تحقيق مستقبل أفضل لهم وللأجيال من بعدهم، وكانت العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الدول أصدق تعبير عن تلك الرغبة الجامعة في التلاقي فيما بينها . وقد دأبت دولة الإمارات على إقامة علاقات متميزة مع مختلف الدول، بما يحقق مصالحها في تأمين متطلبات العيش الكريم لأبنائها، وكانت العلاقة الراسخة مع اليابان إحدى مفاخر السياسة الخارجية الإماراتية، فاليابان إضافة إلى انتمائها للقارة الآسيوية، الامتداد الجغرافي والسياسي الأرحب للإمارات، فإنها تمثل قوة اقتصادية كبرى، ومن ثم فتعزيز الشراكة معها يمثل شرياناً اقتصادياً وتكنولوجياً مهماً للجانبين . لقد كان وصول الكومودور الأمريكي "ماثيو بري" عام 1853 إلى سواحل اليابان لفك حدودها، عن طريق محاصرتها بأربع سفن حربية، نذيراً لليابانيين لكي يستفيقوا من غفوتهم، ورغم أن حكومة الامبراطور وقعت على إثر ذلك معاهدة صداقة مع أمريكا وبريطانيا . وتبع ذلك بقليل نوع من الاضطرابات والحروب الداخلية دامت عشر سنوات، بسبب معارضة الانفتاح على الخارج، ورغبة الإقطاعيين في تقوية حكومتهم . لكن ما لبث الامبراطور ميجي أن قام بإلغاء نظام الإقطاع ونظام الطبقات عام ،1868 ووضع الأسس الحقيقية لنهضة اليابان المعاصرة في جميع المجالات، وفي ذلك العصر انتقلت العاصمة اليابانية من كيوتو إلى طوكيو، وانصرفت الدولة كلياً إلى دراسة الحضارة الغربية وتبنيها، وخلال سنوات قليلة تحولت اليابان إلى قوة اقتصادية كبرى ليس في الشرق الأقصى فقط؛ بل في العالم أجمع . ورغم أنها اتجهت في البداية نحو الاستعمار من أجل تأمين المواد الأولية اللازمة للصناعة، وأيضاً بهدف نشر مبادئها الفكرية والأخلاقية بين الشعوب المجاورة، لكنها بعد الحرب العالمية الثانية، قررت أن تنهج سياسة جديدة تقوم على تبادل المصالح مع سواها من الدول في العالم، واستطاعت بقوة إرادة شعبها أن تصبح قوة اقتصادية عظمى، فهي اليوم ثاني اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة وناتجها القومي نحو 4 .5 تريليون دولار، وعدد سكانها 110 ملايين نسمة، وبتلك الثروة الكبيرة يعيش اليابانيون حياة آمنة مستقرة ومزدهرة . وتأكيداً على الروابط المتينة التي تجمع بين الشعبين، جاءت زيارة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى اليابان في 25/2/2014 لتأكيد عمق العلاقات التي تربط بين دولة الإماراتواليابان، والذي أشار سموه، إلى أن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدةواليابان تمثل نموذجاً للعلاقات المتطورة باستمرار، وحرص قيادتي البلدين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1971 على تعزيز هذه العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات؛ بما يحقق مصالح البلدين الصديقين، ويعزز الرفاه والازدهار لشعبيهما . إن العلاقات الاقتصادية بين اليابانوالإمارات علاقات متكافئة، وتعد اليابان ثالث شريك تجاري للإمارات، وأكبر مستورد للنفط الإماراتي . وشهدت العلاقات بين الدولتين نقلة نوعية على صعيد التعاون المشترك . وتؤكد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم حيال التبادل الأكاديمي في المجال البترولي، ومذكرة التعاون في مجال الجودة والمطابقة، وغرف التجارة والصناعة بين الإماراتواليابان، أن دولة الإمارات مع اليابان تجمعهما علاقات وطيدة، ومصالح مشتركة . وقد تطورت العلاقات بين البلدين حتى شملت جميع مجالات التعاون الاقتصادي والتكنولوجي . وشهدت العلاقات قفزة نوعية خلال السنوات القليلة الماضية، تُوجَت بتوقيع العديد من اتفاقيات التعاون، في عدد من المجالات . ففي عام ،2011 وقعت إمارة أبوظبيواليابان، اتفاقية لإنشاء مجلس أبوظبياليابان الاقتصادي؛ بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية، وتنمية التبادل التجاري في قطاع السلع والخدمات، وتطوير الاستثمارات بين الجانبين لإرساء التعاون الاقتصادي وترسيخ استمرار تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين الجانبين . وفي عام ،2013 وقعت الدولتان اتفاقيتين لتجنب الازدواج الضريبي، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، فضلاً عن مذكرة تفاهم ثقافية . لا شك أن زيارة سمو الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى اليابان سوف تسهم في تعزيز وتقوية العلاقات بين الإمارات، وبين دولة اليابان؛ لما يحظى به سموه من حضور لافت على المستوى القاري، والمستوى العالمي، ولما يتصف به سموه من الحكمة السياسية البالغة، والأفق الواسع، والإدراك الشامل لطبيعة وجوهر العلاقات بين الدول، وبما يهيء له تحقيق ما تصبو إليه دولته وشعبه . محمد خليفة [email protected] الخليج الامارتية