GMT 1:32 2014 الخميس 3 أبريل GMT 1:33 2014 الخميس 3 أبريل :آخر تحديث نسيم الخوري أمس في ال2008 أي منذ سنوات ست، بعدما حشر سياسيو لبنان في طائرة نحو الدوحة بعد فراغ كرسي بعبدا، طرحنا سؤالاً واحداً مع انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وهو: مَن انتخب الرئيس؟ شاغلو الصالة من النوّاب يمارسون فعل الاقتراع ثمّ الإصغاء لخطاب القسم الذي أنقذ بعض التجاذب والانقسامات، أم الذين اصطفّوا على البلكون أو الشرفة من سفراء الدول التي كانت مشغولة بلبنان كثيراً منذ ال 2005 حيث ملفات ثلاثة: مقتل الرئيس الحريري، إخراج سوريا من لبنان والمقاومة. هل نبري أقلامنا ونشحذ ألسنتنا لنصّ مشابه تتبدّل فيه الأسماء أو نعاين الفراغ ونداويه في حمّى الاستحقاق الرئاسي الذي يشغل البرامج الإعلامية والشاشات فنوحي للآخرين وكأننا في أميركا أو أوروبا أو في بلدٍ يشارك فيه الشعب كلّه في صناعة الرئيس؟ كيف مرّ الوقت مسرعاً مستهلكاً نصف العهد الرئاسي في التناكف والتجاذب وانتظار تأليف الحكومات والبيانات الوزارية ثمّ استهلك ما تبقّى منه في البحث عن طبيعة العلاقة مع اللهيب السوري؟ ولماذا انقطع الحوار في لبنان، والرئيس يحضّر حقيبته لمغادرة القصر متمسّكاً بالدستور والحوار والتوفيقية والنأي بالنفس وكلّها لم تنشل لبنان ممّا هو فيه؟ رفض حزب الله المشاركة في حوار بعبدا؟ أمر منتظر . لماذا؟ لأنّ حوار بعبدا، يقع مع نهاية عهد، وسيتطرّق إلى موضوع معقّد قد يتجاوز بعبدا وقوّة لبنان وهو الاستراتيجية الدفاعية أي سلاح حزب الله . الموضوع صار إقليمياً ودولياً وهو لم يوضع بشكلٍ بارد فوق أية طاولة مع أنّه فوق كلّ الطاولات، لكونه ملفاً ملتهباً في الموقد السوري الذي لم يبلغ برودة الرماد بعد . القوّات اللبنانية رفضت بدورها الحوار . محقّة ربّما لأنّ لا نتائج مرجوّة منه منذ بدايته في مجلس النواب، قبل انتقال الطاولة إلى بعبدا مع القناعة بأنّ الحوار حول طاولة مستديرة أو بيضاوية هو باعث إيجابيات ولو شكلياً في الأزمنة الصعبة وهو يغطيّ القرارات الكبرى أحياناً . كيف؟ عندما يجمع نوّاب لبنان على التجديد لأنفسهم كما جاء التبرير؟ قد يعترض سياسي كبير مثل الرئيس الدكتور سليم الحص فيقول: أرشدوني الى بلدٍ ديمقراطي آخر في العالم غير لبنان فيه مجلس وزاري ودستور وبرلمان ويتحاور فيه عشرة أشخاص يمثّلون طوائفهم أو أحزابهم الطائفية حول قضايا تخصّ بلدهم؟ هذا سؤال وجيه يجعل لبنان استثناءً لا قاعدة وكأنّه مشروع شراكة سياسية دائمة هي في طور التأسيس أو في إعادة التأسيس، من دون أن ننسى أن لكلّ ممثل من هؤلاء طائفته وجيشه المعلن أو النائم ونشيده الحزبي ومدارسه وجامعاته وتلفزيوناته وإذاعاته وموظّفيه الراسخين في الإدارات وعلاقاته الاستقوائية بخارج ما قد تمنحه قوّة استعدائية ما تجاه شركائه . أين الحوار إذن؟ في الكواليس ينصبّ فقط على الاستحقاق الرئاسي بحثاً عن رئيس، وفي بكركي بدأ بين مرشحين بما يلبس الاستحقاق هنداماً محليّاً . ولكنّ القوات اللبنانية قاطعت؟ صحيح لكنها شاركت بالهاتف لذرائع أمنية . هناك استحالة في الإمساك بالوقائع لا في إظهار النوايا، خصوصاً أنّنا في مرحلة من إزالة الصدأ وذوبان اللحام في التحالفات الثابتة التي أتعبت لبنان بآذاره المنقسم . وبين عهد ينتهي وعهد ننتظر ما في عمق المياه لا فيما يطفو على السطح؟ الجواب: مجدداً المعضلة السورية . بعد تسع سنواتٍ من الانقسامات السياسية الحادة وكيل التهم والتجريح والمسؤوليات بين سياسيي لبنان في مسؤولية سوريا ثمّ في مأساة سوريا بل نكبتها منذ ثلاث سنوات، لم يبق منها سوى أحجارٍ نتناولها من خرائبها ثمّ نتقاذفها سياسيين فيما بيننا، فيعيّر مرشّحنا الآخر بأنّ ما هو عليه وفيه من سلطان وجاه ومال جاء بناء على رعاية سورية وينسى هذا الواحد بأنّ ما يقوله ينطبق عليه كما الآخر . أمس كان المسيحيون يشكون من خواء بعبدا من الصلاحيات . ويشتكون بأنّ الرئاسة في لبنان مثلّثة الرؤوس . فكيف نفهم السباق القوي بحثاً عن رئيس قوي جديد؟ ما معنى الجديد وما معنى القوي؟ الجديد يراكم على القديم أو جديد لم يألفه اللبنانيون . كيف يكون ذلك؟ لأنّ أحداً من الذين يرغبون في الوصول الى بعبدا ليس مجبراً أن يعلن ترشيحه رسمياً ولا حتّى أن يعلن نيّته السعي للوصول الى هذا المنصب الذي هو حكم فوق كلّ الرئاسات الأخرى . وكلّ ماروني بالغ وعاقل يمكنه اعتبار نفسه مرشحاً لبلوغ كرسي بعبدا . هذا المناخ التراشقي لمعظم أهل السلطة ملّه اللبنانيون وهم لطالما كانوا وما زالوا يتمنون لو تفتح سوريا ملفاتها في الطبقات السياسية التي توالت على بلادهم طوال عقود ثلاثة للوقوف على حقيقة مواقف هؤلاء وسهولة تنازلاتهم للخارج عندما يلمع منصب أو تظهر حظوة في الأفق . مجدداً هذا تاريخ مسبوك بعلاقات الاستقواء بالخارج أو الاستعلاء عليه والتشاوف وهو قد يصل ليصبح ثقافة في اقتناص المناصب والثروات والحظوات أيضاً من الخارج أيّ خارج وكلّ خارج سوري أو غيره . الإشكالية في ثقافة الانتماء . فسوريا مسكونة بدمائها وجروحها وقد لا تكون الحرائق قد تركت بين يديها بعد ملفّات للتجريح الذي لم تألفه ولم تقدم عليه في أقسى الظروف أو هي تأنف مدرسة كشف الأغطية على نقيض مدرسة "ويكيليكس" التي فاجأت الآذان المحلية والإقليمية، أو أنّها دولة تؤمن بعد بألا قطيعة في السياسات والعلاقات فيما بين الدول، خصوصاً إن تلاصقت الجغرافيا وتداخلت الشعوب . ولنقل أيضاً إن رفع الأغطية القديمة لا قيمة له كونها حافلة بالأخطاء السورية والارتجال عند ترتيب السلطة وتوزيع مغانمها ووصلت الى حدود انهيار الثقة بين الجارتين لتفرز أجواء ومخاطر جديدة تقوى وتشتدّ مع البحث عن رئيس للبنان . مجدّداً لا تنتظروا رئيساً يخرج من الشاشات أو من الصالونات أو من الكواليس أو من التراشق بالنازحين السوريين، ولا تنتظروه من المفارقات والازدواجيات والمتناقضات بين ما يقوله المرشّحون جهاراً في الشاشات أو همساً في الصالونات، غافلين أنّ تحت النوافذ وفي هواتفهم الخليوية آذان تسمع كلّ شيء ليس عن سوريا وحدها، بل عن كلّ من يمدّ أصابعه نحو عجنة الرئيس في لبنان . نحن لم نبلغ بعد الخروج من الخارج . نحن نكرّر النصوص في انتخاب الرئيس . ايلاف