هناك نوع من الإرهاب لا تستخدم فيه المسدسات "كاتم الصوت" والبنادق والعبوات الناسفة انه ارهاب من نوع خاص يتم فيه الطعن في صحة اسلام صاحب الرأي والموقف الذي يختلف فيه البعض معه، وربما يصل الأمر إلى حد رميه بالالحاد واهدار دمه هذا النوع من الإرهاب الذي يمارسه البعض ضد معارضيهم في الرأي في الساحة السياسية والصحفية والعلمية والقضائية دليل مرضي ومؤشر انحدار وعلامة تخلف ومظهر فج للانحطاط الخلقي. فالارهاب المتخفي وراء شعارات التدين وتكفير المجتمع مرفوض، وكذلك الإرهاب المتخفي وراء دعاوى حماية الدين من الافكار الخارجة عنه مرفوض أيضاً.. ولا يمكن- ونحن نتكلم عن ديمقراطية وعن حوار حضاري وعن حق الرأي الآخر- ان يحاول البعض الغاء الوجود المعنوي والفكري لآخرين لمجرد انهم يختلفون معهم في الرأي لذلك كان غريباً ومؤسفاً ومؤلماً ان يخرج علينا أحد التكفيريين الموظفين في وزارة يناط بها صون دماء الناس وحريتهم وحقوقهم وأعني بها وزارة العدل، ويكفِّر زميله "جمال الجنيد" تحت دعوى احتساب قدمها إلى النيابة العامة بتهمة الردة والكفر ويقود حملة تكفير ضده أودت به في غياهيب السجن. هكذا بكل بساطة أخرج ذلك الموظف التكفيري زميله "الجنيد" من أمة المسلمين وأتهمه بالردة والكفر ونصَّب نفسه "محاكم تفتيش جديدة" تمنح صكوك الإسلام والغفران وتفتش في الضمائر والقلوب وتفرز البشر لتحدد المسلم من غير المسلم في وقت ندعو فيه بكل لحظة إلى عدم ادعاء الوصاية على الدين من أحد. أية جريمة ارتكبها الجنيد حتى تنظم حملة التكفير ضده بهذه الطريقة وتهدد حياته بالفناء؟ هل أصبحت الاحتجاجات التي قام بها الجنيد وزملائه داخل وزارة العدل ضد قيادات فاسدة محسوبين على حزب ديني ينتمي إليه ذلك الموظف التكفيري، شرك بالله وإلحاد وكفر وأن من قاموا بها كفار ومرتدون؟. ولماذا يتصور البعض أنهم وحدهم دون غيرهم الغيورون على حماية الدين والى متى سوف يظل البعض- للأسف الشديد من موظفي وزارة العدل- متصورين أنهم يمتلكون صكوك الإسلام ينعمون بها على من يوافقهم في الآراء والمواقف والأهواء ويرمون بتهم الكفر والالحاد كل من يعارضهم ويختلف معهم. إن من كفَّر الجنيد ومن قبله الباحث والكاتب علي محمد السعيدي بتهمة الردة والكفر ومن سيكفر الآخرين في المستقبل هو من نفس مدرسة تلك الجماعات الارهابية والتكفيرية المتطرفة التي تتخفى وراء شعارات الدين والتي تحاول فرض وصايتها على المجتمع اليمني المسلم زاعمة ان لديها "توكيل من الله" سبحانه وتعالى.. أليست مصيبة ان يشغل بعض موظفي وزارة العدل انفسهم بتكفير زملائهم ويستحلون دماءهم بدون ذنب أو جريمة اقترفوها؟. إن قيادة وزارة العدل مطالبة بمحاسبة من يكفِّر زملائه ويقود حملة التكفير ضدهم وعليها ألا تتعامل مع قضية حملة التكفير الخطيرة بمنطق النعامة التي تدفن رأسها في الرمال، فلم يعد هناك موضع ومكان في صدر يمننا الحبيب لسكين جديد من سكاكين الفتنة والتكفير.