نقولها للمرة الألف وسنعيدها ونكررها دون كلل أو ملل إن اليمن ليست تونس ولا مصر ولا ليبيا ولا أية دولة أخرى، فاليمن أوضاعها وظروفها الخاصة بها لا تنطبق أو تتوافق مع غيرها، خاصة دول المنطقة ودول العالم الثالث. نعم تشهد اليمن اليوم مسيرات وتظاهرات سلمية لفئة الشباب، والتي لها رؤى وشعارات ومطالب وتوجهات بعيدة عن التسلق السياسي الذي يركب الموجة اليوم بقيادة وانفراد ما يسمى بأحزاب (( اللقاء المشترك )) . تدرك قيادتنا السياسية تمام الإدراك أن هناك متغيرات ومستجدات طرأت، ليس على الشعب والمجتمع اليمني وحده بل شملت المنطقة العربية بأسرها، وعلى رأسها الشقيقة الكبرى مصر وقبلها تونس ثم تلتهما ليبيا والبحرين ولامست المغرب والجزائر وسوريا وفلسطين وعدداً من دول الخليج العربي، ولا يزال الحبل على الجرار دون أن نستثني بالضرورة بلادنا اليمن التي كانت جزءاً من ثورات الشباب العربي، لكن في ذات الوقت ومن المنطقي علينا أن نستوعب جميعاً هذا التغيير وهذا الفكر الجديد الذي يجتاح منطقتنا العربية على وجه الخصوص ، وأن ندرك ونعي تماماً أن لكل دولة خصوصيتها وظروفها وأوضاعها التي لا يجب أن نسقطها على غيرها من الدول. ولتوضيح الصورة أكثر وبكل أمانة ومسؤولية نقول، إن الشباب العربي خرج إلى الشوارع والميادين، ورفع شعارات لمطالب مستحقة حول الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الآخر وحرية الصحافة والإعلام وإتاحة الفرصة لمنظمات المجتمع المدني والأهلي بممارسة دورها دون إلغاء، وكذا توسيع دائرة مشاركة المرأة سياسياً، وهذه جميعها مطالب ثورية ومستحقة للشعوب لا جدال في ذلك، لكن وبنفس الأمانة والصدق والمسؤولية التي بدأت بها سطوري هذه أحيلكم وللتأكيد مرة أخرى إلى أن اليمن فعلاً تختلف عن غيرها، فلها نظام ديمقراطي وتعددي سياسي وحرية الصحافة وشفافية في عمل منظمات المجتمع المدني، كما أن المرأة لها من التمكين السياسي ما لم يتح في دولة عربية أو أي من دول العالم الثالث. إذاً اليمن تختلف عن غيرها، لذلك وجب على قيادات العمل السياسي خاصة في المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) إن كانوا جادين في البحث عن مخرج لحالة الاحتقان التي تمر بها البلاد الآن، أن يجلسوا جميعاً مع الشباب في ميادينهم والاستماع إليهم وتلمس احتياجاتهم وتفهم تطلعاتهم وأحلامهم في بناء مستقبل عريض واعد وأفضل، وهذا من حقهم لأن المستقبل لهم تماماً كما كان الماضي لنا، وهو أمر لن يتحقق على نحو صائب وايجابي إلا تحت قاعدة واحدة وهامة وهي أن اليمن ليست تونس.. ليست مصر ولا ليبيا ولا البحرين ولا غيرها من الدول، إنما هي نسيج وحدها، فمن هنا ستكون البداية الصحيحة التي ستقودنا إلى حل مشاكلنا وتجاوز أخطائنا واختلالاتنا وتطوير تجربتنا السياسية والديمقراطية الخاصة بنا وحدنا، دون الحاجة لإسقاط تجارب ونماذج الآخرين على شأننا الداخلي الذي يختلف كلياً عن غيره من خارج الحدود.