تكثر في الخطاب الإعلامي لحزب الإصلاح وكذلك في بيانات وبلاغات ما يسمى بالمجلس الوطني لقوى الثورة السلمية عبارات مثل " مطالبين بالحسم الثوري.. دعوا لسرعة الحسم.. مرحلة الحسم الثوري.. تحقيق هدف الثورة في الحسم".. دعوكم من السرعة والتسريع، فلم العجلة؟!!.. فالفوضى من عمل الشيطان، وفي الثمانية الأشهر الندامة. لنأت إلى المهم وهو "الحسم".. فهذه الكلمة ليس لها في كلام العرب مدلول حسن باستثناء ما يجريه التاجر من حسم لمشتريات الزبون، أي تخفيض نسبة معينة من قيمة المشتريات، وما عدا ذلك فالحسم يحمل معاني القسوة والعنف.. حسم: قطع.. حسمه: أنهاه.. وانحسم: انقطع.. والمحسوم: المقطوع.. والمحسوم: الصبي الذي يعاني سوء التغذية. وأصحابنا الذين أصبحوا يبالغون في العنف يبدو أنهم قد قرروا إنهاء ما يسمونها "ثورة سلمية"، والطريف أن مجلسهم يسمي "المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية"، وهذا المجلس أكثر من يتداول كلمة "حسم" ويحرض عليه وعلى التسريع به !!.. ولاحظوا التناقض بين "السلمية والحسم".. ألا يعني ذلك أن حسم "السلمية" هو إنهاؤها واستئصالها نهائياً؟!!.. وفي الحقيقة لم تكن "السلمية" في يوم من الأيام سلمية، بل غطاء زائف للعنف الذي ظلوا يمارسونه منذ البداية، والآن يرفعون مستواه درجات في سلم الحسم والقطع. يتباكون على عشرات المتظاهرين الذين قتلوا، وهؤلاء مأسوف عليهم، بل إن قتل إنسان واحد مدعاة للغضب والحزن في الأرض والسماء، وهؤلاء الذين يتباكون على العشرات هم متورطون في قتلهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وليس غريباً أن يقوم مجموعة من الشباب في ساحة التغيير بصنعاء منذ أكثر من أسبوع بعملية تقصي حول ضحايا ما يسمى "جمعة الكرامة"، بعد أن بدأت تتوافر لهم معلومات حول ضلوع اللجنة الأمنية التابعة للإصلاح وجنود من الفرقة الأولى في قتل المتظاهرين في تلك الجمعة، وقبل ذلك شهدت الساحة نفسها اتهامات للجنة التنظيمية وقيادات إصلاحية حول دفعها المعتصمين إلى المهالك، وتوريطهم في مواجهات لا هدف لها سوى سقوط ضحايا للمتاجرة بهم بعد ذلك في جنائز الجُمَع. إن الذين يتباكون على عشرات الشباب الذين قتلوا في مختلف مناطق الجمهورية، وكانوا مشاركين في قتلهم، لا يذكرون ضحاياهم الآخرين، الذين يعدون بالمئات بل بالآلاف من المدنيين والعسكريين.. قتلوا مئات الجنود والضباط ومئات المدنيين الذين لا تهمة لهم سوى أنهم أنصار النظام.. يضعون صور الضحايا الذين يحسبونهم على حزبهم على لافتة طولها متران وعرضها متر.. أما ضحاياهم فلا يمثلون شيئاً في ضمائرهم.. ولو أن أنصار النظام ومعسكرات الجيش وهيئات الشرطة قاموا بنشر صور الضحايا الذين قتلوا على أيدي مليشيات الإصلاح والمتظاهرين المسلحين لما استوعبت صورهم لافتات بطول المسافة من صنعاء إلى أرحب لكثرة أعدادهم.. هؤلاء ليسوا شيئاً بنظرهم.. وبعد هذا كله يسعون للمزيد تحت رايات وبنادق الحسم. هذا ما جنوه على الآدمية في اليمن، أما جناياتهم على الممتلكات العامة والخاصة فتكاليفها تحسب بمئات المليارات.. فكم خربوا من منشآت ودمروا من وزارات ونهبوا من مؤسسات وفجروا من محطات كهرباء وغاز ونفط!!.. وكم أحرقوا من دكاكين ونهبوا من مستودعات وسيارات!!.. وكم قلعوا من أشجار وأرصفة وقطعوا من طرقات وخربوا من شوارع!!.. وكم.. وكم!!..