استمر الاتصال بين اليمنوالحجاز منذ العصور القديمة، وتعددت طرق الحجاليمنية، واختلفت مساراتها، وتعددت كذلك المدن التي تسير منها، ولعل أهم العواصماليمنية التي كانت تنطلق منها جموع الحجاجاليمنيين إلى مكة هي: عدن، وتعزوصنعاءوزبيد وصعدة في شمال اليمن، وكانت بعض مسارات تلك الطرق يلتقي بعضها ببعض في نقاط معينة، مثل طريق تعززبيد، وطريق صنعاء الداخلي إلى صعدة. واشتهر من طرق الحجاليمنية إلى مكة ثلاثة طرق هي: الطريق الساحلي والطريق الداخلي أو الأوسط، والطريق الأعلى، ولكل منها مساراته ومحطاته ومتاعبه التي عانى منها الحجاج قرونًا طويلة. الطريق الساحلي يمر بجوار البحر محاذيًا له من الشرق، ويبدأ من عدن فأبين، مرورا بالمخنق، فإلى عارة، ثم عبرة، فالسقيا، فباب المندب، فسماري، ثم الخوخة والأهواب، وغلافقة، وهي فرضة زبيدة، ثم نبعة، فالحردة، ثم الزرعة، ثم الشرجة وهي أولى مراحل طريق الحجاليمني الساحلي التي تقع في أراضي المملكة العربية السعودية. ويسير الطريق من الشرجة إلى المفجر، فإلى القنيدرة، ثم عثر، ثم بيض، ثم الدويمة، ثم حمضة، ثم ذهبان، ثم حلين ثم قرما، فدوقة، إلى السرين، وهي ملتقى طريق الساحل مع طريق الداخل، ومنها يفترقان أيضًا كل في جهته، حيث يسير الساحلي صوب الليث فالشعيبة إلى جدة ومنها إلى مكةالمكرمة. الطريق الداخلي ويعرف باسم تهامي أيضًا ويعرف باسم الجادة السلطانية ويبدأ من تعز، ويمر بذات الخيف، فموزع، ثم الجدون، ثم حيس، ثم زبيد، إذ تتجمع فيها القوافل التي تسلك طريق الجادة السلطانية، ومنها تنطلق في سيرها إلى مكةالمكرمة مارة بفشال والضنجاع، والقحمة، والكدراء والمهجم، ومور، والواديين، والساعد، وتعشر، وجازان، والهجر، وبيش، إلى ضنكان، ومنها يتجه الطريق إلى المقعد فحلي العليا، ثم يبه، ثم قنونا، ثم عشم، ثم دوقة فإلى السرين حيث يلتقي بالطريق الساحلي، ومنها يفترق في مساره الداخلي إلى الليث، فالخضراء، ثم سعيا، فيلملم ميقات أهل اليمن حتى مكةالمكرمة. الطريق الأعلى يعرف باسم الطريق الجبلي، ومركز انطلاقه صنعاء ويتجه الطريق إلى صعدة، ومنها إلى العرقة، ثم المهجرة، ثم أرينب، ثم سروم الغيض، ثم الثجة، ثم بيشة ومنها إلى تبالة، فالقريحاء ثم كرى، ثم تربة، ثم الصفن، ثم العنق، ثم رأس المناقب، وهي منتهى الطريق في اتجاه الشمال، وينحرف في سيره صوب الغرب إلى قرن المنازل، وهو ميقات أهل اليمن الذين يمرون من تلك الجهة، ويتجهون محرمين صوب مكة مجتازين الزيمة، والطائف عن طريق السيل. الطريق المفضل أهم الطرق التي كانت مفضلة لدى الحجاج بيت الله الحرام القادمين من طريق اليمن الطريق الذي يمر بشمال اليمن ويخترق منطقة عسير الجبلية إلى أن يصل إلى الطائف، ثم إلى مكة، وعلى الرغم من أن الطريق يجتاز مناطق ذات طبيعة تضاريسية صعبة، إلاّ أنه كان مفضلاً للحجاج وغيرهم لأنه يمر عبر أراضٍ خصبة دائمة الخضرة وقرى وبلدات تتوافر فيها المياه ويكثر بها الغذاء. قافلة الحجاليمني تضم حجيج اليمن والهند وماليزيا وإندونيسيا، وينضم إليهم حجاج الحبشة والصومال والأفارقة الذين يصلون إلى مصوع، وسواكن، وموانئ اليمن. كانت القوافل تضم عناصر مختلفة؛ ففيها الأمراء، والأثرياء، والتجار ومعهم تجاراتهم، والفقراء، والمعدمون، وكان كلٌّ حسب قدرته يرافق القافلة، ففيها الهودج وفيها الجمال والخيول، وفيها الرجالة من البدو والفقراء. وقد كان الولاة يقومون باستئجار الجمال والخيول لحمل مهمات القافلة، ويتعاقدون على ذلك قبل موسم الحج بوقت كافٍ، ويتفقون على ذلك مع مشايخ الأعراب والبدو الذين يعيشون في المناطق التي تسلكها القوافل. احتفال مشهود كانت قافلة الحجاج تخرج وسط احتفال مشهود من لحج إلى يكرد، ثم تعز، ثم وادي الحسنا، ثم تنزل القوافل إلى «حيس»، وكان المحمل اليمني يخرج من عدن عندما كانت تحت الإدارة العثمانية، ومنذ سنة 963ه بدأ الوزير مصطفى باشا والي اليمن في تنظيم موكب المحمل الشريف باسم محمل صنعاءاليمن على إثر صدور فرمان له بهذا الصدد. يتحرك الموكب من حيس إلى زبيد فرفع، ومنها إلى بيت العقبة الصغير، ومنها إلى قطيع، ثم المنصورية، ثم يتابع الموكب سيره في الطريق المعهود. أمّا حجاج شحر فإنهم يتجهون إلى حضرموت برا، ثم إلى صنعاء، ثم ينضمون هناك إلى قافلة صنعاء، ويتجهون سويّاً إلى مكةالمكرمة، ومن شَحر إلى حضرموت خمسة منازل، ومنها إلى صنعاء أربعة منازل. وعلى حجاج ظفار الذين يودون الاتجاه إلى صنعاء برّاً أن يقطعوا خمس عشرة مرحلة سيرًا، ثم ينضمون إلى جموع الحجيج التي احتشدت هناك لمواصلة السير سويًّا. توثيق درب الحج في كتاب صدر عن «وكالة الآثار السعودية» للباحث السعودي محمد عبدالرحمن راشد الثنيان من جامعة الملك سعود، بيَّن أن الطريق الذي استخدم في الأزمنة القديمة للتجارة، هو الطريق ذاته الذي استخدمه الحجاجاليمنيون بعد الإسلام للوصول الى مكة وأن درب الحجاج يخترق أراضي مستوية في الجانب اليمني، بينما يمر ببعض التضاريس الوعرة في الجانب السعودي عند جبال السروات وحرة البقوم.