قال خبراء غربيون: إن صفقات الطاقة الآجلة بين موسكووالصين، وتملُّكَ الشركات الصينية حصصًا جديدة في شركات الطاقة الروسية، ربما يكون المخرج للأزمة المالية التي تعانيها موسكو حاليًا. وفي حال استفحال الأزمة المالية الروسية، لم يستبعد محللون في لندن، أن يوقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صفقات نفط آجلة مع بكين. وتقدم شركات الطاقة الروسية تنازلات لنظيراتها الصينية في بعض مشاريع الطاقة، وهو ما كانت تطالب به العاصمة الصينية من قبل. وكانت الصين قد وقعت اتفاقات مماثلة مع فنزويلا حينما مرت بأزمة مالية خانقة. ومما يزيد هذه الاحتمالات أن النفط سعره رخيص الآن، وتحتاج الصين إلى زيادة احتياطاتها الاستراتيجية من النفط. وكانت بكين بدأت منذ تسعينيات القرن العشرين في تنفيذ خطة من ثلاث مراحل لتوفير احتياطات استراتيجية من النفط للاحتفاظ بها في أوقات الأزمات، مثلما هو الحال في أميركا وبعض الدول الصناعية الأخرى. ولدى روسيا علاقات طاقة متميزة مع الصين، كما أن لدى بكين مصلحة في إنقاذ الاقتصاد الروسي، وتملك احتياطات نقدية ضخمة بالدولار تفوق قيمتها 3.3 تريليونات دولار. وحسب مصادر أميركية، فإن الصين تبحث زيادة حصتها في شركات الطاقة الروسية، ومن المنظور الصيني، فإن توسيع تعاون الطاقة مع موسكو يستدعي تملّك شركات الطاقة الصينية، وعلى رأسها شركة النفط الصينية الوطنية "سي إن بي سي"، حصصًا كبيرة في مشروعات الطاقة الروسية، حتى تضمن الصين مصادر إمداد ثابتة لصناعاتها في المستقبل. ويُذكر أن بكين شرعت في توسيع ملكيتها لحصص في مشاريع الطاقة الروسية، حيث وقّعت الشركات الصينية في العام الماضي، 2013، صفقتين في قطاع الطاقة الروسي، وهما: التوقيع على شراء حصة في مشروع "يامال" لتسييل الغاز الروسي، وحصة "سي إن بي سي" مع شركة روزنفت في شرق سيبيريا. وتسعى شركة "سي إن بي سي" الصينية إلى تملّك حصة 25% في حقل شاياندينسكوي للغاز الروسي. لكن ساسة الكرملين، ومعهم شركات الطاقة الروسية، وعلى رأسها شركة غاز بروم، كانوا يتخوفون من تملّك الصين حصصًا كبرى جديدة في مشاريع الطاقة الروسية. وهناك اعتقاد في موسكو ووسط دوائر النفوذ، بأنّ الأهمية السياسية والاستراتيجية لروسيا ستقلّ على المدى الطويل، إذا تملّكت الصين هذه الحصص. ولكن يبدو أن الضغوط التي تواجهها روسيا حاليًا، وسط انهيار سعر صرف الروبل ومعه الاقتصاد الروسي، ستجبر شركات الطاقة الروسية على تقديم التنازلات التي طالب بها التنين الصيني من قبل. وكانت الصينوروسيا احتفلتا قبل أسبوع بتشييد خط غاز جديد يربط بين البلدين، من خلال حفل التشييد الذي أقيم في سيبيريا وحضره الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ونائب رئيس مجلس الدولة الصيني "تشانغ قاو لي". وقد وافقت شركة "سي إن بي سي" الصينية، وهي شركة الطاقة الوطنية الصينية، على شراء غاز بقيمة 400 مليار دولار من "غازبروم" الروسية، وستشحن روسيا 38 مليار متر مكعب من الغاز سنويًّا على مدار 30 عامًا. وجاءت تلك الصفقة التاريخية في وقت كانت فيه كل من الصينوروسيا بحاجة ماسة إلى توقيعها، فالصين التي تعاني من التلوث البيئي، تسعى إلى إحلال الغاز الطبيعي بدلًا عن الفحم الحجري. كما تعاني الدولة الآسيوية، سريعة النمو، من نقص في إنتاج الغاز، حيث تتوقع الصين أن يبلغ إنتاجها في العام المقبل، 2015، حوالي 172.5 مليار متر مكعب، بما في ذلك إنتاج الغاز الصخري، فيما ستبلغ احتياجاتها 230 مليار متر مكعب. على الجانب الروسي، فإن حصة روسيا من إمدادات الغاز لأوروبا، البالغة 30%، لم تعد آمنة، في أعقاب تطور النزاع الغربي الروسي حول أوكرانيا وسعي أوروبا للبحث عن بدائل. كما أن روسيا تتوقع أن تنوع أوروبا مستقبلًا من إمدادات الغاز الطبيعي، خاصة من دول الشرق الأوسط. وكانت شركة النفط الوطنية الصينية قد وافقت على دفع 50 مليار دولار مقدمًا لتنفيذ أنبوب الغاز بين سيبيريا وشرق الصين. ولولا ذلك لكانت شركة غاز بروم ستجد صعوبة مالية في تمويل أنبوب الغاز، في ظل الضغوط المالية ورفض البنوك الغربية منحها قروضًا جديدة.