أرسل لي أبو رتيمة من غزة بعد أن هدأت الحرب رسالة يقول فيها: (إسرائيل تركع أمام غزة!) ثم استشهد بأقوال حفنة من زعماء بني صهيون فأورد عن عضو الكنيست بن آري قوله إن (إسرائيل رفعت الراية البيضاء أمام حماس) وأما بنت زعيم عصابات الهاجاناه (تسيبي ليفني) فقد علقت أن: (إسرائيل لم تحقق أي هدف في هذه الحرب). وأما (شاؤول موفاز) وزير الحرب السابق فقد دعا (للتظاهر لإسقاط نتنياهو بعد هزيمته المذلة أمام غزة). وقال أبو رتيمة من غزة إن الصهاينة في بئر السبع خرجوا إلى الشوارع يحتفلون ويرقصون بانقشاع كابوس الصواريخ، وخلص أبو رتيمة إلى ما يلي (ما فعلته المقاومة في هذه الجولة المباركة هو أنها رسخت واقعاً غير مسبوق وهو أن تل أبيب والقدس وكافة مناطق العمق الصهيوني باتت مستباحةً لنا في أي مواجهة قادمة)، ولكن الخطير الخلاصة التي خرج بها أبو رتيمة وأسميها أنا خمرة النصر! يقول أبو رتيمة: (هذه الجولة قربتنا من معركة التحرير كما لم تفعل أي معركة من قبل ومنحت مقاومي غزة روحاً معنويةً جعلتهم يفكرون بطريقة جادة في خطوات فعلية نحو التحرير.. هذه الجولة كشفت مدى ضعف الكيان وهشاشته فإذا كان عاجزاً عن حسم المواجهة مع غزة الصغيرة فكيف تخاف دول منه وتنظر إليه بأنه بعبع؟!) وكان تعقيبي عليه كلمات هامة: (لا يدير رؤوسكم النصر من يعرف أين يقف فهو يمتلك صفة العظماء التي قال عنها روبرت غرين في كتابه القوة (شبه إلهية) كما فعل بسمارك بعد أن وحَّد ألمانيا وهزم فرنسا وعرف أين يقف! انتبهوا أخطر اللحظات هي لحظات النصر كما قال نابليون. فلا تسكروا بخمرة النصر. إن الصراع مع بني صهيون ممض طويل وهو حضاري بالدرجة الأولى فهي جسد اصطنعه الغرب فألقاه على كرسي سليمان كما جاء في محكم التنزيل «وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ». ولدت إسرائيل ميتة، وزرعت بالقوة، وأعطوها أنياباً وأظافر نووية، واستقطبوا لها علماء بني إسرائيل من أرجاء الأرض الأربعة، من أجل تغيير خريطة العالم، لتعود كما كانت قبل ثلاثة آلاف سنة «أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ». مشكلة الخمر أنه يدير الرأس، ويفقد التوازن، ويضبب الرؤية، وتحرم فيها الصلاة «حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ». تذكروا نصيحة قارون: «لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ». ثم تأملوا قدرة النقد عند قردة بني صهيون كيف يرفعون عقيرتهم بالنقد فلا يعتقل أحد ويضرب ويهان، كما يفعل المسخوط بشار مع المعترضين؛ فمنهم من شنقه ومنه من خنقه، وبالأمس خرجت أربع فتيات بثياب العرس فاعتقلن من شبيحة الأسد؛ فهذا هو الفرق بيننا وبينهم.