يستعد المجلس الأعلى لما يسمى بالحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب لإعلان السبت 21 أيار/مايو موعدا لانفصال جنوباليمن عن شماله، في ذكرى الانفصال الأول على يد علي سالم البيض في 1994 فيما يعتقد محللون أن رياح التقسيم التي أصبحت تعصف باليمن قد تتحول إلى عواصف هوجاء تؤثر على دول المنطقة جميعها، ويحذّرون من إيقاد نيران الكراهية والفرقة وبعث مسببات الصراع الطائفي والمذهبي. ويقيم الحراك الثوري في ذكرى انفصال اليمن احتفالية يعلن فيها الانفصال الثاني، وسيصدر وثيقة استقلال جنوباليمن بحسب تصريحات رئيس المجلس الأعلى للحراك لصحيفة "السياسة" الكويتية. وستتضمن وثيقة الاستقلال تشكيل مجلس وطني لفترة انتقالية مدتها سنتين ونصف السنة، وحكومة مؤقتة، ثم يلي ذلك إجراء انتخابات جنوبية وتشكيل مجلس رئاسي من ستة أشخاص، يمثل كل واحد منهم محافظة وهي محافظات؛عدن وأبين ولحج وحضرموت والمهرة وشبوة وستقوم سلطات الجنوب بعد الانفصال بإجلاء أبناء الشمال القاطنين في عدن ولحج إلى الشمال، "وفق معاملة سليمة ووفق القانون"، بحسب تعبير سعيد. وتابع سعيد: "الوقت حان لإعلان فك ارتباط الجنوب عن الوحدة على اعتبار أنه تم تحرير معظم أراضي الجنوب، وتم البدء بإنشاء جيش وطني جنوبي، لذلك سنفك ارتباطنا بالوحدة وليس بالشمال؛ لأن الشمال ستكون لنا علاقة طيبة مع أبنائه". في السياق ذاته، أثار إعلان التلفزيون الإماراتي عن مفاجآت مرتقبة ستشهدها اليمن، في الأيام القليلة المقبلة، دون التلميح لأيّ من تفاصيلها، تكهنات الكثير من اليمنيين، وسط حالة من الغموض تحيط بهذا الإعلان المبهم. و قالت مصادر صحفية جنوبية المقرب، إن أبرز المفاجآت التي من المرتقب أن تعلن عنها "أبوظبي" في الأيام المقبلة "الإعلان عن استقلالية البنك المركزي فرع مدينة عدن، بضمان دولي وخليجي"، وهو أمر جرى التوافق عليه مع دول الخليج، إضافة إلى تكفل النظام الإماراتي بجميع المتطلبات الخدمية من كهرباء وصحة وتعليم ومحروقات وماء وبلديات. وأشارت أنه من المتوقع تشكيل مجلس قيادي للجنوب لفترة زمنية تصل إلى عامين، والبدء بمرحلة الأعمار بتعويضات مباشرة. كما زعمت أن دولة الإمارات ستعلن عن منح جميع موظفي الدولة في الشمال والجنوب إكرامية لشهر رمضان، بالإضافة إلى إطلاق شركة تشغيل خدمات هاتف وإنترنت. ويعتقد محللون-تحدثوا للجزيرة نت- أن رياح التقسيم التي أصبحت تعصف باليمن قد تتحول إلى عواصف هوجاء تؤثر على دول المنطقة وأكدوا أن مخطط الانفصال سيؤدي إلى إيقاد نيران الكراهية والفرقة وبعث مسببات الصراع الطائفي والمذهبي. ووجود مخطط لتقسيم البلاد، وأنه يأتي في سياق نشر الفوضى بالمنطقة، لكونه متمما لمشروع "سايكس بيكو" الذي أبرم في 16 مايو/أيار 1916، لتقاسم السيطرة والنفوذ على دول المنطقة العربية. وتسبب الانقلاب على السلطة الشرعية وإشعال حرب أهلية قادتها مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح التي اجتاحت مناطق اليمن بالقوة العسكرية في زرع مشاعر الكراهية والانقسام بأوساط المجتمع اليمني. وشرخت الممارسات الحوثية ضد أطياف اليمنيين النسيج المجتمعي وغذت نعرات الطائفية والمذهبية، واستهل الحوثيون مشروعهم التوسعي بإجلاء أهالي وسكان منطقة دمّاج بمحافظة صعدة في 15 يناير/كانون الثاني 2014، لانتسابهم للتيار السلفي وكونها معقل مؤسسه الشيخ الراحل مقبل الوادعي. وفي المقابل زادت الممارسات المناطقية لقوى انفصالية بجنوباليمن، وأصبحت تلوّح بإعلان انفصال المحافظاتالجنوبية، وبدأت من عدن في الشهر الذي تحققت فيه الوحدة اليمنية الاندماجية بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي في 22 مايو/أيار 1990، حيث تم طرد وترحيل أبناء المحافظات الشمالية، خصوصا المنتمين إلى محافظة تعز. دور واحد ورأى الباحث السياسي فيصل علي أن "انفصاليي الجنوب ومتمردي الشمال من الحوثيين يؤديان نفس الدور في إذكاء مشاعر العداء والتفرقة بين أبناء الشعب اليمني، ويخدمان المشروع الإيراني الأميركي بالمنطقة". وقال علي إن ترحيل الشماليين من عدن "إجراء غير قانوني الغرض الظاهر منه إيذاء مشاعر الشعب اليمني، ومن مقاصده الخفية في حال تحققه القيام باستفتاء في الجنوب لسكان المنطقة، ولن يكون لمن ولد أو انحدر نسله من هناك، وهذا الإجراء يخل بمعادلة الواقع ويصنع معادلة أخرى غير واقعية". واعتبر المتحدث أن "قوى الانقلاب والانفصال هي أطراف انتهازية وأعمالها تعد خيانة للوطن والشعب، وكل عمل انتهازي على الأرض يمثل طعنة لشعبنا في ظهره، فالشعب يخوض معركة استرداد الدولة من قوى الانقلاب، وهناك من يسعى لتقسيم البلد وفقا لمشروع سايكس بيكو جديد". كما أكد أن "إعلان الانفصال بالجنوب أو إعلان الإمامة الحوثية بالشمال كليهما لا قانونية لهما ولا شرعية، ولا يمثلان إرادة الأمة اليمنية". صراع مدمر من جانبه، قال رئيس منظمة "سواء" لمناهضة التمييز الصحفي فؤاد العلوي إن اليمن يعاني من صراعين طائفي ومناطقي عززه ضعف الدولة، إضافة إلى سياسات الحكم التي سادت لعقود سابقة، والتي كانت تنطلق في تعاملها من نفسية جهوية ومناطقية جرى استخدامها بهدف إطالة عمر النظام في الحكم والهيمنة. وقال علوي إن "عمليات ترحيل وطرد الشماليين من عدن التي يقوم بها انفصاليو الجنوب، أو إجلاء وتهجير الحوثيين للسلفيين من أهالي منطقة دمّاج بصعدة في 2014 وقبلهم ترحيل يهود صعدة من منطقتهم في عام 2007، واستهداف الأغلبية السنية في المحافظات التي سيطرت عليها، كلها تصب في إطار محاولات إعادة التموضع الطائفي والمناطقي، وهي قد تكون مؤشرات لتقسيمات جغرافية جديدة، ما لم تتوفر دولة قوية تستطيع فرض ثقافة المواطنة المتساوية والقانون". وطالب علوي "المجتمع الإقليمي والدولي بتحمل مسؤولية تلافي اليمن من الوقوع في براثن التقسيمات الطائفية والمناطقية، فما يجري باليمن قد يكون له تبعات خطيرة ومدمرة على المحيط الإقليمي في حال استمرار غياب الدولة وتسيد مليشيات العنف للمشهد، سواء في الشمال أو الجنوب".