السؤال المفتاحي في أزمة مصر: هل الشارع هو المكان المناسب لاقتلاع رئيس منتخب أم أنّ الصناديق هي الحل؟ ألف باء السياسة تقول لنا إنّ الشارع يجرف الطواغيت والمستبدين ويعف عن أيّ دور في إسقاط الحاكم الذي جاء بإرادة الشعب الانتخابية. ما يجري في مصر يؤلمنا ونحن لا ننكر على أيٍّ كان أن يتظاهر وأن يطالب بمطالب ديمقراطية من نوع «الانتخابات المبكرة». لكن ما لا يمكن قبوله منطقيا وسياسيا أن تخرج جموع معقولة تقارب الأقلية فتطالب بإسقاط النظام وتزعم أنّها ثورة وأنّ ما عداها استبداد. ثم يستخدمون العنف ويستنهضون الجانب غير الأخلاقي في السلوك ويراهنون على تدخُّل الجيش متناقضين مع مطالبهم الديمقراطية وشعاراتهم قبل سنوات التي كان عنوانها «يسقط حكم العسكر». يا أخي الرئيس مرسي أخوان مسلمين وفاز على أساس من هذه الخلفية، ولو افترضنا أنّه جاء بالأخوان إلى مواقع المسؤولية في الحكم فهذا متفهّم ديمقراطيا، فالحزب حين يفوز بكل الدنيا يأتي بمنطقه ورجاله للحكم. مرسي لم يحبس أيّ معارض رغم أنّهم شتموه حتى النخاع، والرجل لم يبدِ أيّة إشارة انقلاب على تداول السلطة ولم يضيِّق على الأقلية، فلماذا يريدون إسقاطه؟! إنّها من غرائب الأشياء. لو كنت ديمقراطيا مجردا منصفا لوقفت في الأزمة مع شرعية الرئيس محمد مرسي ضد من يريدون إسقاطها والانقلاب على الديمقراطية. لكن هذا لا يعني أنّ السنة التي حكم فيها مرسي كانت «قمرة وربيعة»، فهناك أخطاء كبيرة في المنطق والجراءة الثورية وفي إحداث منسوب تنموي مقنع للناس. وهنا لا مانع من الاعتراض السلمي والمطالبة بكل ما هو مشروع مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أنّ كثيرا من معترضي 30 حزيران كانوا سببا في عرقلة مشروع التغيير. كان على مرسي أن يكون في سنته الأولى أكثر صلابة وثورية، وعليه اليوم أن يكون حاذقا حكيما، فالانقسام الاجتماعي ليس أمرا سهلا في مصر المحروسة. ما يجري في عمقه الواضح والمنطقي هو انقضاض على الديمقراطية قبل كونه انقضاضا على حكم الإسلاميين، وهنا أراهن على المصريين أنّهم أهل النهر وأهل الوطنية ودماؤهم لن تسفك وسيقفون إلى جانب مصر كما على الدوام.