لا أفهم التركيز على (الفيدرالية) وكأنها الحل الوحيد وغيابها المشكلة الوحيدة التي تعاني منها اليمن ؟!.. اليمن تعاني من غياب الدولة وغياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص التي تحقق المواطنة المتساوية …اليمن تعاني من الفساد وحكم الفوضى المنظمة , وقبل الحديث عن (الفيدرالية) يجب أن ننجز الدولة القوية والنظام السليم والحكم الرشيد وأسسه المتينة …. لا أحد يتحدث عن مخاوف (الفيدرالية) مع أنها خيار أخير وليس الخيار الأول ومع أن معطيات الفيدرالية غير ملحة في اليمن ان لم تكن غير موجودة وإيجادها قد يكون تعسفاً وتكلفاً سندفع ثمنه ربما بأسرع ما يمكن ؟ (الفيدرالية) قد تكون خياراً لكنها ليس الخيار الأول ولا تصلح خياراً منفصلاً عن خيارات مصاحبة تحمي الوحدة والاستقرار ، والقفز من الدولة المركزية الفاشلة إلى (الفيدرالية) بخفة واستعجال كمن يقفز الى فضاء مجهول .. هناك نوايا انفصالية او قل مخاوف انفصالية وهي ضد مصلحة الجنوب والشمال ….و(الفيدرالية) بدون ضمانات الدولة القوية والحكم الرشيد تزيد من هذه المخاوف بل تقوم بتشكيله .. لم يستطع البعض تسويق (الفيدرالية) بإقليمين باعتبار ذلك انفصالاً مقنعاً , الآن بدأ البعض يتحدث عن خمسة او ستة أقاليم على شكل توزيع الجنوب ثلاثة أقاليم والشمال ثلاثة أقاليم على حدود ما قبل الوحدة؟ هنا ما هو الفرق بين الإقليمين وهذا النموذج الذي يحافظ على الشطرية سوى تكريس التمزق خاصة في غياب الدولة. المخاوف تزداد أكثر وبدلاً من مخاوف فك الارتباط في حالة الاقليمين شمالي وجنوبي، ففي هذه الحالة التي تقوم على ثلاثةأقاليم شمال وثلاثة جنوب تبرز مخاوف اكثر من قبيل تهيئة تشطير المشطر خاصة وان النزعات جاهزة وتحديداً في الجنوب وتاريخ السلطنات مازال اخضر … هناك مخاوف من تمزيق اليمن الى نتف ضعيفة لأن هناك من يخاف من يمن واحدة قوية وديمقراطية … مسؤولية النخب المتحاورة تاريخية وعليها أن تخاف على روح اليمن كما تخاف على روحها بل إن المغامرة بروح الفرد هو أسهل وأهون بالمغامرة بروح اليمن الواحد فهل يعي اليمنيون ان (الفيدرالية) بدون مقدمات وضمانات وعلى طريقة السلق السفري قد تكون فخاً لا يحتاج الى كثير دهاء او اكتشاف، وان (الفيدرالية) إذا كانت ولابد فلابد من ان تكون متدرجة بجدول زمني بسنوات محاطة بضمانات ووسائل أمان ….فحرام أن نغامر باليمن في وقت تتهيأ فيها للحياة بحرية وقوة ونشاط … أخاف أن يكون هذا السلق والاستعجال أشبه باستعجال المجنون (جميل) المستعجل، هل تذكرون( جميل) المجنون المستعجل ؟ الذي كان يمشي من تعز إلى السمسرة (خمسين كيلو) تقريباً على قدميه وعندما تقف له سيارة في الطريق وتقول له اطلع يا (جميل) يرد : (لا شكراً أنا مستعجل) المسكين مفقود منذ عام 1994م عندما (استعجل) مشياً على قدميه من تعز متجهاً الى عدن ولم يعرف عنه شيء حتى الآن والغالب انه ذهب فريسة لقطاع الطرق او سباع وطواهش الطريق وهم كثيرون؟ فلماذا كل هذا الاستعجال وعدم التروي على (الفيدرالية) سواء كان إقليمين او عشرة أقاليم فما دام انه على قاعدة الشطرين لا فرق إن لم تكن المخاطر بالثانية أكثر ….حفظ الله اليمن ونجاها من أعدائها العادي والملونين .