(1) أن يسكب العالم أخباره في كفك بضغطة زر فتلك نعمة كبيرة , وأن تبقى رهين جهازك الذكي فتلك مصيبة عظيمة لأنك ستُخضب كفك بتعبٍ نصفه لا يسمن ولا يغني من جوع ! ف " لو تعثرت بغلة " في جمهورية كيرباتي للج العالم في تويتر بنقل هذا الحدث وتحليله حتى يتحلل من شدة التحليل , وتخليله في برطمان ( نخبوي ) وإضافة البهارات و الفلفل الحار إليه وإطعام الأتباع ليساهموا في ليّ ساق البغلة نحو مصلحة ظاهرها عام وباطنها خدمة للتيار الذي يسبح فيه ذلك النخبوي,وتصبح المحصلة النهائية ( فاي ) ببقاء البغلة متعثرة ! . وبعد عام تتعثر بغلة أخرى ويتكرر نفس المشهد مع زيادة الزبد . وفي النهاية نكتشف بأن بغلة العام الجديد هي ذاتها بغلة العام الماضي ومازالت على تعثرها باقية . (2) " سأدخل في تحدي مع نفسي لمقاومة إدمان تويتر على الرغم من عدم وصولي إلى حالة الإدمان بعد , أراكم على خير بتاريخ 1/10 ه , يوم ميلادي " . كتبت هذه التغريدة بتاريخ عشرة مارس من هذا العام وختمتها بابتسامة افتراضية لتكون مخرجا للطوارئ حال فشلي لأقول لمن راهن عليه من المقربين والمتعقربين وغيرهم: كانت مزحة . نجحت في مقاومة الدخول إلى تويتر والمشاركة ولكن فشلت في عمل حمية تويترية كاملة , فعلى الرغم من انخفاض مستوي التوتر والشحن الناتج عن صناعة و استهلاك كميات هائلة من التغريدات الناقدة والناقمة والمتردية والنطيحة نتيجة لإصابة ظهر عالمنا العربي بالجنف المتزايد يوماً بعد يوم , إلا أن قبسها – أي التغريدات – كان يصيبني وأنا بيني وبينها مسافة أشهر من التحدي وذلك عبر ما أسميته بالرتويت الشفوي ! , والرتويت الشفوي هو: نقل ,وتحليل, وتمجيد, وتكفير, وتعظيم تغريدات كل هامور تويتري مضافا إليها أمانة من رتوتها شفويا بين جلسائه . والأمر لا يتوقف عند ذلك بل يتعاظم إلى تبني فكرة التغريدة دون محاولة البحث خلف المائة والأربعون حرف ! (3) كنت أعتقد من خلال تجربة الحمية من تويتر في هذه الأيام المدلهمة أن العالم سيفوتني وأصبح كا الأطرش في الزفة ولكن دورة حياة البغلة المتعثرة في رأس المقال أثبتت العكس على الأقل محلياً . أمسح البغلة من اللوحة وارسم عوضا عنها امرأة سعودية, مدينة سعودية تغرق , الجنادرية , معرض الكتاب , حافز , تملك منزل والأراضي البيضاء , الهيئة والمحتسبين ,وهم أبطال أساسين في الجنادرية ومعرض الكتاب , المعتقلين ,وغيرها من المشاكل التي لها لها دورة حياة مستمرة , ولن يفوتك شيء , فاللوحة على الأغلب ثابتة وإطارها فقط هو المتغير ليهبك نوعا من التغيير الكاذب , وبعد أيام سأكتب عن واحدة منها كما كتبت سابقاً أو بمكاشفة أكبر سأجمع ما كتبته وأخلط ما هو مسموح ثم أضعه في إطار يناسب ظروف المرحلة ! (4) لن تستطيع عزل نفسك عن تويتر إلا إذا اعتزلت العالم لأن العالم هو تويتر , وتويتر هو العالم , ولكن من المهم أن تقف أمام اللوحة بشكل مستقل وتقرأها بروحك وعقلك لا بعقل غيرك ! فالفهم كما قال الكاتب و الروائي يوسف زيدان " وإن كان فعلا ً عقلياً , إلا أنه فعل روحي أيضاً . فالحقائق التي نصل إليها بالمنطق وبالرياضيات , إن لم نستشعرها بأرواحنا , فسوف تظل حقائق باردة , أو نظل نحن قاصرين عن إدراك روعة إدراكنا لها " . وحتى تشاهد اللوحة بشكل مستقل ولو بنسبة تشفع لك تبني أي رأي أو فكرة , يتوجب عليك أن تخرج منها ولو كنت مشاركا في رسمها فالرسام الماهر يقف على مسافة من لوحته وينظر إليها بكل اتجاه بعد كل خطوة تخطيها ريشته على اللوحة .