منذ نهاية حرب صيف 1994م ومنذ ما قبلها بقليل تعالت أصوات عديدة تستنكر على الحزب الاشتراكي اليمني طرحه لقضايا الناس في المحافظات الجنوبية ودفاعه عن حقوقهم ، ولطالما رددت هذه الأصوات ان الحزب لا يمثل الجنوب وليس وصيا عليها . أشهرت تهمة"انفصالية" في وجه الحزب لثنيه عن مواصلة نهج الرفض لنتائج94م ودعوته التي لم تفته ولو لحظة من اجل تصفية أثارها واستعادة الطابع السلمي لوحدة 22مايو90م والالتزام بتنفيذ مشروعها الوطني الديمقراطي . ظل الحزب الاشتراكي ولسنوات عديدة عرضة لضروب شتى من الأعمال والنزعات العدوانية ولحملات غشومة افتأتت على تاريخه ونهجه وأهدافه وشاركت جماعات وأطياف سياسية عديدة في توجيه حروب الاغتيالات والأعمال الإرهابية إلى نحر قيادته وكوادره وأعضائه ومن ثم شنت حرب عسكرية ضروس عليه وتهشيم مؤسسات الدولة الجنوبية السابقة التي بنيت تحت قيادته ووضع الجنوب أراضيه وما عليها وفيما باطنها من ثروات تحت طائلة النهب والفيد ، وكان حظ الموظفين المدنيين والعسكريين في مؤسسات الدولة الجنوبية السابقة بل ومواطنيها أصنافا بشعة من السحق المادي والتدمير المعنوي تحت مصوغات معاقبة الحزب الاشتراكي واجتثاث جذوره من واقع الحياة ومن وجدان الناس وذاكرتهم. لم تخامر الحزب أية رغبة في المساومة على قضايا الجنوبيين بمقابل رفع الأذى المادي والمعنوي المسلط عليه من كل حدب وصوب . لقد قضى العشرات من قياداته وكوادره وأعضائه كمدا تحت وطأة القهر والظلم وبشاعة الانتقام السياسي والإجراءات التصفوية المنفلتة من القيم الوطنية والإنسانية دون أن تند عنهم أية إساءات لقضايا الجنوب وحقوق أبنائه طلبا للرحمة أو حتى لمجرد تخفيف المظالم المسلطة عليه . كان ذوو النزعات الانتقامية وأصحاب المشاريع الصغيرة وذو الطموحات الشخصية الانتهازية يشاركون في وليمة نهب الجنوب وتدمير مؤسساته وتلطيخ تاريخه وتصفية مناضليه ورموزه وتحقير تضحيات أبناءه وكان الحزب الاشتراكي وحده في الميدان ينافح عن الجنوب أرضا وإنسانا عن تجربته التاريخية العظيمه وعن مستقبل التطلعات المشروعة لاناسه . لقد نجح الحزب في إظهار الصورة البشعة لنتائج حرب 94م وحال دون أن تنطفئ شعلة القضية الجنوبية تحت سخام الدعايات المضللة والتهديدات الإرهابية والانتهاكات المقيتة وشيئا فشيئا كان دخان الأكاذيب والأباطيل وتنبعث طاقات كفاحية جديدة من تحت الحطام التي خلفته حرب 94م وتبلورت حقائق ناصعة عن ميلاد الحراك السياسي والاجتماعي في السلمي في الجنوب الذي اخذ الاشتراكيون والاشتراكيات مواقعهم في صفوفه الأولى وعضدوه بحضور يومي لا يقبل الخوف أو الكلل ومن اجله لم يبخلوا بدمائهم ولم تهزهم المطاردات والسجون والمحاكمات الصورية . لا يزال الحزب الاشتراكي يشكل العمود الفقري للحراك السياسي والاجتماعي السلمي ولا يزال يمثل القوة القادرة على إنتاج الحلول المشرفة للقضية الجنوبية بعيدا عن ذلك النفر الذي يقدم حلا للجنوب يقوم على إدانة تاريخ ودحض هويته وتحريره من الحزب الاشتراكي اليمني إيذانا لتسليمه لسادة الأمس من سلاطين وامرأ ومشايخ.
هل كان حيدر العطاس اشتراكيا ؟ سأتناول هذه الحكاية بعد ان تنتهي قناة الجزيرة من بث حديثه إياه نقلا عن الثوري