منذ أن تولى المخلوع الحكم في اليمن في 17 يوليو 1978 وهو يحاول محو أي ذكرى لأي شخص قدم لليمن واليمنيين الخير ومازال الناس يتذكرونه بكل طيب ومنهم على سبيل المثال الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي. لقد حاول المخلوع بشتى الطرق محو الرئيس الحمدي من عقول الناس لسببين رئيسيين أولهما تلك الشبهة المتداولة حول علاقة المخلوع بمقتل الرئيس الحمدي، وثانيهما لشعور المخلوع بعقدة النقص تجاه الرئيس الحمدي لكثرة محبيه ومادحيه لما قدمه لليمن خلال فترة حكمه الوجيزة التي لم تتجاوز الثلاثة سنوات وبضعة أشهر ومع ذلك لازال الناس يتمنون رجوع عهد كعهده. قد لا يختلف اثنان سواء كانا من أنصار الثورة أو من مؤيدي المخلوع على أن الفترة التي تولى الرئيس الحمدي فيها حكم اليمن تُعد من أفضل الفترات التي حكم رئيس فيها اليمن، فالرئيس الحمدي يعتبر بحق أول من حلم بدولة مدنية ذات نظام مؤسسي، وكان الاقتصاد في اليمن في أفضل حالته بالرغم من أنه لم يكن قد اُكتشف البترول بعد. لقد ساد الدولة خلال فترة حكمه النظام والقانون ومحاربة الفساد ولذلك دفع الرئيس الحمدي حياته ثمنا لتلك المبادئ التي حاول تأسيسها من أجل قيام دولة مدنية ذات مؤسسات قوية ويمن خال من السلاح. وها نحن نسترجع ذكرى اغتيال الشهيد الحمدي التي حدثت في 11 أكتوبر للعام 1977 ونعيشها في مثل هذه الأيام والتي تأتي هذه المرة وقد تغيرت الأحوال والأحداث في اليمن كثيرا بعد ثورة الشباب الشعب اليمني في فبراير 2011 ورحيل المخلوع عن سدة الحكم والذي استمر يحكم اليمن طيلة هذه المدة وهو يحاول فيها محو أي ذكر للرئيس الحمدي بل حاول محو وتغيير أسماء لمعالم ومآثر بنيت خلال فترة حكم الرئيس الحمدي. فجميعنا يعرف حديقة الثورة التي اعتاد الناس على تسميتها ب"حديقة الحمدي" والتي تربينا فيها كأطفال ولعبنا فيها وقضينا أجمل الأوقات ولم نعرفها إلا باسم حديقة الحمدي ثم حاول المخلوع تغيير اسمها إلى حديقة الثورة وتم إهمالها نوعا ما، وكذلك مدينة البنك اليمني بظهر حِميَر والتي بنيت في عهد الرئيس الحمدي ولازالت شامخة وكان الناس ومازالوا يطلقون عليها أيضا اسم "مدينة الحمدي"، وكذلك الحال بالنسبة ل"منتزه الحمدي" في منطقة عصر وفي قرية حده، وغير ذلك كثير في مدن يمنية أخرى. إننا من حيث المبدأ نرفض تفخيم الأشخاص وشخصنة المنجزات والمآثر وتسمية المشاريع العامة بأسماء شخصية لموظفي الدولة حتى ولو كانوا رؤساء أو شخصيات وطنية وبالذات أثناء تواجدهم في السلطة أوخلال فترة حياتهم، لكن ألم يُغتال الشهيد الحمدي بسبب إخلاصه وتفانيه لليمن وسعيه الحثيث من أجل رفعة اليمن واليمنيين؟ أليس من الجحود الاستمرار في تجاهل الحمدي عمداً في كافة المناسبات الوطنية والمحافل الرسمية ولمدة أربعة وثلاثين عام؟ ألسنا اليوم نعيش في ظل ثورة تغيير ونحيا في رحاب عهد جديد يحتم علينا إعادة الحقوق إلى أهلها وإنصاف المظلومين؟ كلنا أمل أن يعاد للرئيس الحمدي اعتباره رسمياً كما هي مكانته المرموقة واعتباره المتميز لدى عقول وقلوب شريحة واسعة جداً من الشعب اليمني، ولنبدأ ولو ببداية بسيطة تتمثل بإعادة أسماء المعالم البارزة التي شُيدت خلال فترة حكمه وسميت باسمه من قبل الناس فهذا اقل ما يمكن أن نقدمه له من عرفان. وهذا الأمر موجه للأخ أمين العاصمة.