- حكم العسكر صمت ثلث قرن على سياسات حسني مبارك الانبطاحية، وارتهانه المذل لإرادة واشنطن وتل أبيب خلافا لمتطلبات الأمن القومي المصري، على حساب دورها المحوري في المنطقة الذي تضاءل إلى درجة أصبح جل همه الرئيسي إغلاق قناة الجزيرة وتقليص دور قطر بالمنطقة، لكنه لم يطق صبراً بالرئيس المنتخب أكثر من 48 ساعة. - حكم العسكر الذي تنكر لأهداف ثورة 23 يوليو 1952، ودس رأسه في التراب إزاء الممارسات العلنية والإجراءات التنفيذية لتوريث الحكم من الأب مبارك إلى الابن جمال، وتسخير إمكانيات الدولة لتحقيق ذلك، وبالتالي يصعب قبول حديثه اليوم عن حمايته لثورة 25 يناير 2011..
- ولا ندري أين غاب ضمير حكم العسكر لنصف قرن من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وعندما سيق آلاف المدنيين إلى المشانق والسجون تنفيذاً لأحكام أصدرتها محاكم عسكرية..
- حكم العسكر أغمض عينيه عن رؤية تزوير إرادة الناخب المصري في عشرات الانتخابات البرلمانية والرئاسية المزوّرة والصورية بإجماع كافة المراقبين، ولم ينطق ببنت شفة.
- حكم العسكر وقف عاجزاً طوال 18 يوماً عن القيام بشيء لمنع مسلسل قتل المتظاهرين في ميدان التحرير وموقعة الجمل والإسكندرية وبورسعيد أثناء ثورة 25 يناير، حتى سقط نحو ألف وخمسمائة شهيد، ولم يتدخل إلا بإذن الرئيس مبارك الذي فوّضهم بإدارة شؤون البلاد إثر تخليه عن السلطة.
- حكم العسكر ضاعت غيرته الوطنية يوم أن أضاع الرئيس السادات انتصار 6 أكتوبر في مفاوضات كامب دايفيد لصالح إسرائيل، ويوم أن فرّط مبارك بسيادة مصر على أرض سيناء بقبوله بالشروط الإسرائيلية المجحفة والتي تحظر تواجد القوات المصرية في سيناء، وتسمح بتواجد قوات أمريكية وأوروبية على الجانب المصري فقط من الحدود مع "إسرائيل"، ويوم أن منح حق التحكم في المعابر مع غزة للجانب الإسرائيلي فقط.
- حكم العسكر الذي تغاضى أو قبل بتغيير عقيدته العسكرية من الدفاع عن الأوطان إلى "حماية الحكام"، يجعلنا ننظر بتساؤل وشك إلى حديثه عن "الانتصار للوطن والشعب".
اليوم، ينقلب حكم العسكر على أول رئيس منتخب في تاريخ مصر تحت شعار "الانتصار للإرادة الشعبية" التي تجاهلوها عقوداً عديدة، ونلحظهم يفسدون المشهد السياسي ويزيدون تعقيده من خلال توزيعهم صكوك الوطنية على فصيل بعينه دون الآخر، واعتماده حشود ميدان التحرير الموسمية ممثلاً وحيداً للشعب المصري، في حين يغضّ الطرف عن رؤية حشود ميادين رابعة العدوية والنهضة المستمرة من أسابيع، الأمر الذي يشير إلى أن لديه أجندة أخرى بعيدة كل البُعد عمّا يسميه بالانتصار للإرادة الشعبية.
- أثبتت الأحداث والوقائع منذ نحو نصف قرن أن حكم العسكر من أكبر المصائب التي حلت بالأمة، ومن أكبر عوامل تراجعها، وأن استمرار تدخلهم في الشأن العام بعيداً عن مهامهم الدستورية جلب للأمة الهزائم وحال دون تقدّمها، واستعادة دورها الريادي على صعيد تطوير الحضارة الإنسانية.
* تنويه: نقصد بحكم العسكر هنا القيادة الحالية للجيش فقط وليس أفراد الجيش المصري الذي نعتز بدورهم الوطني والقومي.