بعد صدور القرار الجمهوري الخاص بتشكيل لجنة الأقاليم وتحديد مهامها، انقسم الشارع اليمني بين مؤيد لأي عدد ستحدده اللجنة باستثناء إقليمين (شمالي وجنوبي)، وبين متخوّف مما ستفضي اليه تلك القسمة على الأمد القريب من مس بوحدة وأمن واستقرار اليمن، اذا ما حسبنا الظرف الحالي الذي يعيشه الوطن والذي يتطلب بسط سيطرة الدولة علي كل شبر في هذا الوطن وفرض هيبتها التي لم تكن موجودة بالأساس منذ قيام الثورة (سبتمبر، اكتوبر) باستثناء فتره الرئيس الشهيد الحمدي الذي سعى الى بناء دولة بخلاف أقرانه من كل الرؤساء الذين تناوبوا على حكم اليمن، وسعى كل منهم الى بناء سلطة وليس دولة، الأمر الذي جعل بناء الدولة ضمن أهم القضايا التي وضعها المتحاورون في سلم أولوياتهم. على كل حال أياً كان الأمر الذي سيستقر عليه الحال، لا مانع لدى اليمنيين خاصة أبناء المحافظات الشمالية، أن يكون الشمال إقليمين او ثلاثة او أربعة او أكثر، طالما وكل هذا في إطار الوحدة، لكن ما يبعث على الخوف هو حداثة التجربة في ظل وطن لازالت جراحه تنزف بسبب الأزمات التي تعاقبت عليه، وبتنا، نحن أبناء المحافظات الشمالية، نسأل لماذا الشمال أربعة طالما ونحن -كما أسلفت- ليس لدينا اي اعتراض على مسألة تحديد الأقاليم، لماذا لا نكون – مثلاً- ثلاثه او خمسة؟ أم ان الأمر مبني على ان الجنوب إقليمان إذن لابد ان يكون الشمال أربعة أقاليم، وهذه المقارنة غير واقعية وغير ملزمة، فتحديد الجنوب بإقليمين هو فرض للأمر الواقع، ونزولاً عند رغبة أصحاب الإقليم الشرقي، فعدنئذ اقتضى الأمر تحديد الإقليم المكمل (عدن، لحج، أبين، الضالع) وأعود لطرح السؤال: على ماذا استند أصحاب فكرة ان يكون الشمال أربعة أقاليم.
ولتحاشي كل هذا وتماشياً مع ما توافق عليه المتحاورون، وعلى ما جاء في القرار الجمهوري بأن تدرس اللجنة خيارات أخرى وهي (4+2) او اقليمين أو أي خيار بينهما يحقق التوافق، فأقترح على الإخوة أعضاء اللجنة المكلفة دراسة واختيار خيار الإقليمين ليس كما يريد البعض شرقي وغربي لأن هذا قد يكون بعيد المنال؛ وانما ما أقصده إقليمين شمال وجنوب على ان تكون تعزجنوبية ضماناً لعدم وقوع انفصال، وحتى الموقع الجغرافي لتعز فهي تقع في جنوباليمن، وباعتبارها من ضمن الإقليم الجنوبي فهذا سيعيد التوازن السكاني للإقليمين اذا ما نظرنا الى ان سكان الجنوب بين 5 الى 6 ملايين، وبانضمام تعز التي يصل سكانها الي السبعة ملايين فإننا نحصل على نصف سكان اليمن، وبالتالي يسهل الأمر في توزيع الثروات بين الشمال والجنوب، ويعيد الهوية الواحدة لأبناء الوطن ويثبت جدية الإخوة الجنوبيين ان مسألة الإقليمين (شمال وجنوب) لا تعني النية المبيتة للانفصال في حال لم يعترضوا على هذا.