كلما تسامحتم مع القتلة ازدادوا ضغط عليكم، هؤلاء هم قتلة أمجد عبد الرحمن وعمرو باطويل، وهؤلاء هم من عذبوا ثلاثة من زملائنا الصحافيين عندما اختطفوهم واقتادوهم واخضعوهم لجلسات تعذيب لاعتراف بأشياء ليست في حساباتهم. عرفناكم الان واعلنتم عن جرائمكم للعالم ويجب أن تحاكموا. عندما تمتد يد إنسان باسم الله لتنتزع روح إنسان وتعذب إنساناً آخر، فهو هجوم إرهابي ممنهج يستهدف جوهر الحرية الأصيل للناس جميعاً، وليس ضد فرد واحد، فالتعريف المركزي لجريمة تصفية الشاب أمجد عبد الرحمن، هي عملية واحدة ضمن حفلة القتل والتعذيب المجاني التي تسود مدينة عدن اليوم، وتهدد التنوع التي كانت تزخر به، فباتت هذه الجماعات مأزق عدن الراهن.
هذه الجرائم ليست بوصفها أحداث عابرة، ابتدأت بتصفية عمر باطويل 20 سنة العام الماضي بتهمة الإلحاد وبنفس التهمة عادت لتطال أمجد وربما ينتظر -غيرهم- العشرات من شبان المدينة نفس المصير، عدن المعروفة بانفتاحها على العالم لم تشهد يوماً ما تشهده الآن من تدهور على مختلف المستويات، من يفكر يقتل.
يمكن اختزال هذه المرحلة الطافحة بعاطفة القتل المشبوبة القوى المتفلتة صارت أكثر تنظيماً وصار لها معسكرات بأرقام معروفة ومقرات ومقررات تنجزها أولاً بأول، وليس علينا في هذه اللحظات العصيبة؛ إلا أن ندين بسفور ما تقترفه الأصولية الدينية بغطاء السلطة الحاكمة في العاصمة المؤقتة وتحت انظار الشرعية والتحالف.
الضحايا شبان من عدن، لحظات تحتاج إلى استجماع ومراجعة، عدن حاضرة التنوع والانفتاح، التعدد والتسامح، كلما أعربوا عن حلمهم بمستقبل مدني أفضل، أضمر الأصوليون العداء لجيل بأكمله.
مشاعر التضامن والإدانة المطلق غير كافية الآن، علينا أن نفكر بسؤال: ماذا بعد أمجد وعمر؟ ماذا بعد حسام، هاني وماجد؟ لا يمكن لحر في هذا العالم أن يدين أي جريمة ويضمر الأعذار للقاتل، القاتل ليس بوصفه إنسان هنا بل قاتل ومجرم أشر وهذه من أشنع الجرائم أن تغار على شاب مدني أعزل مسالم وتزهق روحه بلا وجه حق بل وتذهب إلى منع أسرته من إقامة مراسيم الدفن والعزاء كما يجب.
فلو أن هؤلاء الأصوليين بقيادة بن بريك والمتطرف إمام محمد النوبي أحد قادة معسكر عشرين اليوم يؤمنون حقاً أنهم عثروا على طريق الحقيقة، فأي تهديد يمثله لهم "غير المؤمنين" كعمر باطويل وأمجد عبد الرحمن اللذين لم يجرحا أحد ولم ينشدا غير الأمان والتعبير عن السلام بينهم وبين الآخرين. * مقال خاص بالمصدر أونلاين