هي كذلك مبروكة الحالمة وسلاحها الوحيد ، شاهدت الكثير من المقاطع خلال ما يتم نقله من أرض الكرامة والمقاومة (تعز) ، لم أجد سلاح حديث أو حتى عتاد ثقيل تذود به الحالمة عن كرامتها وكرامة الوطن بأكمله ، لأجلها سماها الأبطال المبروكة والى جانبها تجد بركة الرجال بأرواحهم وشجاعتهم لا بأسلحتهم وعتادهم ، إنما رمزية تلك الدبابة (المبروكة ) التي امتلكتها مقاومة تعز الباسلة لا تقل عن مدفع رمضان ، الذي يشرع البدء بوقت جديد كذلك مبروكة الحالمة التي يُمهد لها الطريق بأقدامهم الحافية ، يدهشك بسالة وإقدام هؤلاء الأبطال يتقدمون دون تراجع ويزمجرون بكل جبهة ، أحدهم يستعد لمواجهة تلك الميليشيات ولو بالحجارة ، وآخر يقطع المسافات الطويلة لينقذ جريح أو مصاب دون خوف من قنص تلك الميليشيات . الحديث عن أسلحة الجيش والمقاومة في أهم جبهة تواجه عصابة ميليشيات الحوثي والمخلوع نوع من توبيخ تلك الأيادي الخفية التي تعمل على خذلان هذه المدينة الصامدة ، ويبدو أن استجواب ومحاسبة المتخاذلين أمر لا يقع على أبطال الحالمة فالأمر يعول على الشرعية والحكومة بالدرجة الأولى للنظر في أمر من يغل حقداً على الحالمة وأبناءها ، تلك الميليشيات التي قتلت وقصفت تعيش على مستنقع التخاذل تجاه هذه المدينة ، وفي المقابل تجد أبطال الجيش والمقاومة لا يتذمرون ممن خذلهم ولا يعولون على من وعدهم ولا يركنون الى عتادهم ، فهم المدافع والذخيرة والمؤن ، وهم الكرامة والجلادة في الشدائد والمحن ، نعترف لهذه المدينة التي كانت ولازالت نبع الكرامة بأننا خذلناها رغم أنها تغدق علينا بتضحياتها في مقارعة عصابة الحوثي والمخلوع ، وهي تتوجع ترسل لنا دروس في الصبر والتحدي ، وفي ظرف كهذا لا تجدها مشغولة بتضميد جراحها أو البوح بمكنونها ، ذلك المقاوم الذي وقف بعكاز على رجله الوحيدة وسط معارك الأسلحة الثقيلة لن تخذله بقية أعضائه ولن ينكسر لعصابة تقاتل تحت تأثير العنصرية والطائفية المقيتة ، أما ذلك القائد (السعيد) الذي يسابق المعارك لا يكل ولا يتواكل فهو في القيادة رأس وفي القوة أولي بأس وفي المعارك هو السيد والزعيم في مقارعة كل لئيم . معركة التحرر من عنصرية تلك العصابة الفاسدة لن يقف عند حسم المعركة على أيدي أبطال الجيش والمقاومة الشعبية ، بل سيشكل نقطة تحول في أذهان من استباحوا المدن على أساس مناطقي او عنصري أو تركيبة طائفية مقيتة ، سيعلمون حينها أن مدينة تعز لم تكن تدافع عن منطقتها إنما دفاعها عن منطقها ومشروعها الوطني الثوري الجمهوري ، وبنصرها التأريخي ستتغير معادلة الجغرافيا السياسية ، وهنا الحديث عن التغير الذي يكسب شريحة واسعة من الجيش الوطني والمقاومة مرحلة الدولة والخروج من كهف اللادولة ، والاحتكام الى القانون والدستور وعدم التفريط بمكتسبات الوطن وبناء دولة يسودها العدالة والمساواة . تقهقر ميليشيات المخلوع والحوثي في عدة مدن رغم الاستقواء بكل سلاح الدولة وعتادها يثبت أن السلطة والحكم لا يأتي من خلال الانقلاب العسكري أو التحالفات المشبوهة ، بل يدرك الجميع أن القبول بالأخر والوصول الى الحكم وفق الطرق المشروعة ركيزة اساسية للاستقرار والبناء داخل الوطن الواحد ، ويبقى انتهاج العنف الرهان الخاسر لتلك العناصر التي خاضت مشروع مسيرة الموت وفشلت في تسويق نفسها سياسياً واجتماعياً .