تأتي الذكرى ال26 للوحدة اليمنية التي قامت في يوم 22 مايو عام 1990م ، والوطن يعيش مخاضاً صعباً و تغييراً جذرياً على كافة المحاور العسكرية والأمنية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ،والثقافية. بل و تهديداً حقيقياً لكيان الوحدة نفسه . و يستذكر اليمنيون الوحدة وهم منقسمون ما بين مؤيد لبقائها ومعارض لاستمرارها نتيجة لما مرت بها تجربة الوحدة منذ تحقيقها من ممارسات تعكس نظرة قاصرة في التعامل مع الوحدة ببعدها السياسي والاقتصادي والاجتماعي على أرضية العدالة المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية . لقد شكلت الوحدة منعطفاً تاريخياً لتحقيق مستقبل أفضل لليمنيين ، حيث لم تكن هذه الوحدة حدثاً عابراً في حياة الشعب اليمني و الأمة العربية ، بل كانت خطوة تاريخية مجيدة لمسيرة مشرفة من النضال والتضحيات الجسورة من أجل تحقيق حُلم الشعب اليمني. تهل الذكرى على اليمنيين في خضم أحداث جسيمة من صراعات وتدمير وقتل واعتداءات أسالت دماء عشرات الآلاف بين قتيل وجريح ، وبمعاناة نحو 12 مليون يمني من الجوع وسوء التغذية والأوضاع المعيشية و الانسانية الصعبة ،و آلام النزوح في الداخل واللجوء في دول الجوار. عِيدٌ بأية حالٍ عدتَ يا عيدُ ... بأدمع القهر أم للموت تهديدُ. أم يحملُ الليلُ فى أثوابهِ كفناً... أم يطبقُ التربَ فوقَ الهامِ تلبيدُ. كيفَ السبيلُ إلى الأفراحِ فى وطنٍ... يزدادُ بؤساً إذا ما أقبلَ العيدُ. وكيفَ نعشقُ بعدَ اليومِ أغنيةً ... وكيفَ تحلو لنا بعدُ الأناشيدُ. ترى الخلائقَ يومَ العيدِ باسمةً ... ونحنُ نبكى وكفُ الشرِ ممدودُ. ترى الدموعَ لها فى العينِ رقرقةً ... وفى الخدودِ وقد شُقّتْ لأخاديدُ. نستقبلُ العيدَ فى خوفٍ وفى حَزَنٍ ... وفي الفيافي لنا بؤسٌ وتشريدُ. نأوي إلى طَللِ الأحجارِ نرقبهُ ... وقدْ تهاوتْ على الربعِ الجلاميدُ. ويشربُ الناسُ فى أعيادهم عسلاً... وعندنا الصابُ فى الأعيادِ محمودُ. وكمْ جرعنا مرارَ البؤسِ آونةً ... وكمْ سقانا مرارَ الظلمِ عربيدُ. ويلبسُ الناسُ في أفراحهم حِللاً ... ويرقصونَ كما تعلو الأغاريدُ. ونحنُ نلبسُ في أعيادنا كفناً ... وللقنابلِ فوق الهامِ تغريدُ. وللأراملِ في الأحياءِ ولولةٌ ... وللثكالى غداةَ الثكلِ تنديدُ. ولليتامى على الأرجاءِ غمغمةٌ ... وللصبايا بدع العينِ تنهيدُ. كأنَّ شعبي معَ الأحزانِ موعدهُ ... في كلِ عيدٍ وما تبلى المواعيدُ. ترى اللياليَ سوداً فى حوادثها... وللمصائبِ عندَ النومِ تسهيدُ. ذكرى بأي حال عدتِ يا ذكرى ..عدتِ ونحن غارقون في أوجاعنا وأحقادنا .. عدتِ ولم تخلفي الميعاد..لم تخلفي وعد..عدتِ بموعدك، وما تهيأنا بعدُ لقدومك..ما أعددنا أنفسنا لاستقبالك ، فما زالت الوجوه شاحبة، والعيون باكية، والضحكات ميتة، والفرحة مبتورة ، والأحلام مسروقة، والآمالُ مشنوقة على جدرانِ انكساراتنا.. عدتِ وما زلنا غرباء في وطننا..غرباء في ديارنا . سبحانك كل الأشياء رضيت سوى الذل, وأن يوضع قلبي في قفص في بيت ، وقنعت يكون نصيبي في الدنيا كنصيب الطير, ولكن سبحانك حتى الطير لها أوطان ، وتعود إليها..وأنا ما زلت أطير.. في هذا الوطن الممتد من البحر الى البحر...عدتِ يا ذكرى..عدتِ وفي القلبِ ما فيه من الأحزان وفي النفسِ ما فيها من الهموم..تسكننا إحباطاتنا، وتكسرنا جراحنا.لا أدري أنفرح لحلول ذكرى الوحدة أم نحزن لاستمرار الحال كما هو عليه ... أمني نفسي بأن تعمر الأفراح القلوب ، ويعم السلام والتسامح كل بقعة من اليمن،وأن تجلجل أصوات الفرح عاليا لتمزق صمت اليأس ، ولتزرع أملا أو بصيص أمل، في قلوب وعقول أحرقتها ظلال الحزن.