ثلاثة أعوام مضت وسكان قرى غرب مريس يعيشون الأمرين : قتل وتنكيل وحصار لمن تبقى في منزله ورفض المغادرة مفضلا البقاء والموت داخل منزله، أو حياة التشرد والنزوح. وبحسب تقرير حقوقي صادر عن منظمة حرية وإنصاف فإن قرى: " سون " و" الرحبه " و " الصلول" و" الجدس" و"حجلان " ومثلها القرى الواقعة تحت سيطرة المليشيات وأضحت تحت قبضتها منذ ذلكم التاريخ كقرى : " المعصر " و " رمه " و" عدنة الشامي " و" جبل الشامي"، لا تزال هذه القرى ومنذ ثلاثة أعوام تحت حصار حوثي خانق تفرضه قوى الإنقلاب على من تبقى من السكان بشكل أحال حياتهم إلى جحيم لا يطاق.
ثلاثة أعوام .. قتل وتدمير وحصار وتشرد وكشف التقرير الذي أعده الناشط الحقوقي محمد أبو طلعة عن سقوط 10 شهداء مدنيين منهم امرأة و 5 أطفال، و 34 جريحاً بينهم 15 امرأة 11 طفلاً، برصاص مليشيات الحوثي الإنقلابية خلال الثلاثة الأعوام الماضية في قرى غرب مريس وحدها. وتضرر 79 منزلاً بأضرار مختلفة منها تدمير 3 منازل بالكامل إحداهن قصفته طيران التحالف لتمركز الحوثيين بداخله وتحويله لثكنة عسكرية، و32 جزئي بالغ و44 جزئي متوسط. وأشار التقرير إلى نزوح وتشرد 124 أسرة تضم أكثر من 800 فرد، وتضرر 10 مركبات واحدة منها احترقت بالكامل و9 بأضرار جزئية، 3 مضخات مياه وتلف 82 مزرعة قات بالكامل كانت مصدر دخل كبير لعشرات الأسر.
كما تعرض 56 منزلاً للنهب ومركز صحي 1 وتدمير خزان مياه عام 1 وتعطيل 4 مدارس. هذا بالإضافة إلى نازحي قرية يعيس ونجد القرين وغيرها من القرى الواقعة في مناطق المواجهات في الجهة الشمالية الشرقية لمريس - بعضهم يعيشون في كهوف - تحت ظروف مناخية وطبيعية متقلبة وخطيرة للغاية. ويعيش النازحون في مريس وضع انساني لا يحسدون عليه في ظل تساقط الأمطار بغزارة ودخول البرد ودخول فصل الشتاء وارتفاع الأسعار وتدني المساعدات الانسانية التي تقدمها المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال.
ضآلة المساعدات الإنسانية مسئول الإغاثة والعمل الانساني في منطقة مريس مديرية قعطبة بمحافظة الضالع قال أن مريس البالغ عدد سكانها ( 45 ) ألف نسمة، منها ( 15 ) ألف أسرة تحت خط الفقر ويتواجد بها أكثر من ( 2500 ) أسرة نازحة من مناطق الجوار ومحافظات إب والحديدة والبيضاء وفي رسالة استغاثة رفعها لمنظمة الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة والمنظمات الانسانية، طالبهم فيها النظر إلى الوضع الإنساني للنازحين في المنطقة، قال مسئول الإغاثة الإنسانية مسعد ربيد أن حصة مريس من المساعدات الإغاثية لا يتعدى ال( 1884 ) وحدة غذائية فقط، الأمر الذي يتسبب في إرباك القائمين على الإغاثة في عملية التوزيع لتلك الحالات حيث لا يستطيعون تغطية ولو معيار واحد فقط من المعايير المقدمة من منظمة الغذاء العالمي ممثلة بجمعية التكافل الإنساني بالمحافظة.
انهيار العملة وارتفاع الأسعار وفي ظل الارتفاع الجنوني للأسعار وانهيار سعر العملة الوطنية يقول المواطن " علي الأعقم " أن عشرات الأسر النازحة من وادي سون أصبحت في وضع مزري للغاية بعد أن أتى النزوح والتشرد على كل شئ بالنسبة لها وصارت تعتمد على المساعدات الانسانية بعد أن كانت ميسورة الحال ودخلها السنوي بالملايين من مزارع القات التي تملكها قبل أن تشردهم مليشيات الحوثي الإنقلابية من منازل وتمنع عنهم الإقتراب من مزارعهم التي أنتهت بالكامل وأصابها التلف. وأشار الأعقم إلى أن الوضع مأساوي للغاية بالنسبة للنازحين وأسرهم التي تعيش في مناطق متفرقة بعضها في بيوت قديمة ومتهالكة، وبعضها في منازل بالإيجار، مؤكداً في الوقت ذاته أن تكاليف الحياة باتت قاسية ومكلفة للغاية فسيارة الماء سعة ألف لتر تجاوزت قيمتها ال 8000 ريال في ظل ارتفاع سعر البترول والديزل واختفائهما من محطات الوقود. كما أن أسعار المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية باتت هي الأخرى فوق الخيال فسعر كيس القمح وصل ل 11 ألف ريال وكيس الأرز ( 40 كم ) وصل إلى 44 ألف ريال . " لم يعد لنا سوى وجه الله سبحانه فهو الأعلم بأحوال كل الخلق، أما البشر فقد ضيقوا على الناس أرزاقهم ولا يهمهم وضع الآخرين وإن كانوا مسئولين عنهم بدرجة أساسية" .. بهذه الكلمات ختم الحميدي حديثه لنا وكله ألم وحرقة على ما آلت إليه الأوضاع في البلاد من فقر وانهيار اقتصادي جراء الحرب الظالمة التي تشنها جماعة الحوثي الإنقلابية على الشعب اليمني. يتطلع سكان غرب مريس بالخلاص من المليشيات الحوثية وإجبارها على مغادرة المنطقة ليتنفسوا الصعداء وينتهي الحرب والحصار المفروض عليهم، بحيث يتمكنوا من العودة إلى قراهم ومنازلهم ومزارعهم التي حرموا منها طوال هذه المدة ويمارسوا حياتهم الطبيعية ويعتمدون على أنفسهم.