افتُتِح اليوم في مدينة تعز معرض للكتاب هو الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب قبل حوالي أربع سنوات. ويأتي المعرض الذي أقيم في منتزه التعاون في قلب المدينة ويستمر حتى نهاية هذا الشهر بمشاركة عدد من دور النشر المحلية تأكيدا على أن هذه المحافظة الأبية التي عرفت بالعاصمة بدورها الرياي في مختلف فنون الفكر والفن والإبداع وعُرفت في الأوساط الثقافية بعاصمة اليمن الثقافية مرتبطة بالكتاب ارتباطا وثيقا في السلم وفي الحرب، وحتى وهي تعيش أوجاع الحصار الخانق وتعاني من ويلات الخذلان من الأقارب والأباعد ما تزال ترى في الكتاب عنوان حياة وجسرا آمنا للخروج من براثن هذه الحرب الطاحنة إلى رحاب وطن جميل ترفرف عليه أعلام العلم ورايات المعرفة. ومثلما يشير هذا الحدث إلى وجود مكتبات داخل المدينة ما تزال تقاوم اليباس الفكري والتصحر المعرفي فإنه يشير كذلك إلى وجود رواد لهذه المكتبات يخصصون من مدخراتهم ما تيسر لشراء الكتاب رغم توقف المرتبات وتآكل الوظائف العامة والخاصة ورغم الغلاء الفاحش الذي يضرب بأطنابه على مختلف مناحي الحياة وبالأخص فيما يتعلق بالمواد الغذائية والسلع الأساسية. لقد أرادت تعز الثقافة من خلال هذا المعرض إلى جانب احتفائها بالكتاب كقيمة إنسانية ثابتة وضرورية مهما قست الظروف أن تبعث رسائل عديدة ولأطراف شتّى مفادها أننا سنقاوم بالوعي وسنعتصم بالمعرفة وسنشهر الكتاب سلاحا في وجوه سدنة الجهل والتخلف ولا بد في نهاية المطاف أن ينتصر الكتاب لأنه أيقونة الضوء في وجه عشاق الظلام وشارة الفكر في وجه هذا الطوفان الأعمى طوفان الموت. وإذا كانت المدينة المسالمة قد حُشِد لخنقها المدافع والدبابات ومختلف الأسلحة الفتاكة فإنها قد حشدت في رحاب هذا المعرض وإزاء كل هذا العبث سلوك الجنَدي وفصول الخزرجي ومعتمد الأشرف وفتوحات أحمد بن علوان وديوان الفضول وروايات محمد عبدالولي وكراسات عبدالهادي السودي وغيرهم من أعلام الكتاب الذين ظلوا مدارات ومنارات خالدة في ذاكرة الحياة بينما ذهب أعداء المعرفة أوراقا صفراء أكلها الفناء في صحارى الغياب والنسيان.