شهدت العاصمة الصومالية افتتاح أول معرض للكتاب منذ عشرين عاما، حالت الحرب الأهلية دون إقامته. ويقول منظمو المعرض إنه محاولة لكسر العزلة الثقافية التي سببتها الحرب. ووصلت العناوين المعروضة الي نحو ثلاثة آلاف اصدار، وهو رقم ضخم بالمقاييس المحلية. ويأتي انطلاق معرض مقديشو الأول للكتاب بعد التحسن الأمني الذي شهدته العاصمة الصومالية في الفترة الأخيرة، وعودة الحياة تدريجيا اليها. وقد دمرت المكتبة الوطنية والمراكز الثقافية الأخرى في مقديشو بسبب الحرب الأهلية، ولم تعرف الأجيال الجديدة أنشطة تقافية تتجاوز أسوار المدارس والجامعات فضلا عن معرض للكتاب.
ويقول محمد أحمد شيل الذي عاد من بريطانيا وفي عزمه أن ينشئ مشاريع ثقافية في الصومال إنه بدأ بدار للنشر تولت تنظيم أول معرض للكتاب في العاصمة منذ عشرين عاما. ويضيف شيل إن "هذا المعرض مقارنة بالمعارض الأخري متواضع ، لكنه شيء كبير بالنسبة للصومال التي أنهكتها الحروب، نحن نريد أن نظهر للعالم الوجه الآخر لمقديشو، غير وجه الحرب والدمار والقتال، وفعلا هناك وجه آخر للحياة في مدينتنا وهو وجه العلم والبحث والتعلم والتقدم والتطور، ونريد أن يكون هذا الوجه هو الوجه الحقيقي للعاصمة الصومالية".
ويغمر شعور من الدهشة بعض زوار المعرض، وهو يرى أمامه هذا الكم المعروض من العناوين التي تقارب ثلاثة آلاف من مختلف أصناف الفنون والعلوم.ومن هؤلاء الصحفي والأكاديمي عبد الوهاب رشيد الذي عبر عن شعوره بالقول إن "هذا المعرض بالنسبة لي شيئ كبير جدا، لأنه معرض ممتاز للغاية، وأمامي كتب مختلفة بأسعار زهيدة جدا، ولذلك شعوري مختلط بين دخلي المحدود وبين كم الكتب التي أحتاجها كلها وأريد أن اشتريها بكميات كبيرة جدا".
وتهيمن الكتب الإسلامية وكتب الدراسات الجامعية على المعرض الذي يستمر أسبوعا، وأسعارها منخفضة نسبيا، وبعد انتهاء المعرض تذهب الكتب الي منافذ البيع المنتشرة في المدينة. ووجدت فائزة الشيخ عثمان، الطالبة في كلية الحاسوب بجامعة "سيمد" في مقديشو، كتبا كانت تفتقدها طوال سنوات دراستها.
وقالت فائزة، وهي تقلب مجموعة من كتب البرمجيات: "لم نكن نحصل علي الكتب الأصلية بل كنا ننسخها، أنا اشتريت اليوم طبعات أصلية في مجال دراستي أذكر منها كتب البرمجيات الإلكترونية، وفي الحقيقة كنا نفتقد هذا المعرض فترة طويلة".
وقد ظلت مدينة مقديشو معزولة عن عالم الثقافة لسنوات طويلة، وكانت الكتب العلمية التي تصل الى هنا محدودة جدا. وتلجأ الجامعات الى تصوير النسخ القديمة من الكتب كمراجع للطلبة الذين يأمل كثير منهم أن يكسر هذا المعرض وأمثاله العزلة الثقافية عن العاصمة الصومالية.