موعد الضربة القاضية يقترب.. وتحذير عاجل من محافظ البنك المركزي للبنوك في صنعاء    صحفي سعودي: ما بعد زيارة الرئيس العليمي إلى مارب لن تكون اليمن كما قبلها!    لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    - عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء واغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



26سبتمبر تواصل نشر ملف الصومال الان 3
نشر في 26 سبتمبر يوم 08 - 03 - 2007


حشوش صومالي
إعلاميون وسلاح ومبانٍ مهدمة في العاصمة.
عدسة الكاميرا تتنقل في الازقة والحارات وبقايا الشوارع العامة محفوفة بالخوف وانتظار الموت القادم من الاتجاهات المختلفة.
أنت في الصومال، حيث سترى «حرسي» رابطاً دبة الماء على عصا طويلة في كتفه، ويسير من مقديشو الى (أفجوى) في طريق طويل يمتد لأكثر من يومين وثلاثة..
انت مع الترحال الدائم «لمحمود» الذي سيقول لك:انا بلا سكن، كان والدي مسؤولاً كبيراً في حكومة «سياد بري»،والآن نهبت ممتلكاتنا ومنزلنا اصبح بيد آخرين في حارة «سيناي»، فيما اخوتي وامي لا اعرف بالضبط ما حل بهم وفي اية دولة استقروا..
إنه جالس في «بطارا» بانتظار دولة جديدة تعيد له كرامته المسلوبة.. كغيره بالآلاف من رحلة تمتد لاكثر من عقد من الزمان.
أنت في الصومال مع «مجيب صويلح» مصور قناة «الجزيرة»، وهو يتقدم في زحمة الموت باحثاً عن صورة نادرة وتسجيل مأساة في مستشفى «البنادر» في رحلة تبدأ ولا تنتهي.. ومع «علي حلني» الباحث عن الحقيقة في (B.B.C) وصحيفة الشرق الاوسط.. مع عشرات الصحفيين الذين يتوزعون في صفوف غير مرتبة في المطار العسكري من مقديشو، وفي عيونهم تسجيل اللحظة ولو كان المقابل حياتهم.
أنت في الصومال مع القات الكيني الذي يحتاج التعامل معه الى خبرة.. مع صوماليين يحملون جهاز الراديو مع سلاحهم في الطريق الطويل وعند الاستضلال من حرارة الشمس الحارقة يستمع كل منهم الى (B.B.C) باللغة الصومالية ليحدد بعدها أي طريق يسلك وأية وجهة يختار..
أنت في الصومال مع المرأة المنهكة بأثقال أطفالها خلف ظهرها.. مع الجائعة في سوق السلاح ومع التي اختارت الانخراط في المليشيا بعد ان فقدت عائلها إما في البحر او في حرب لا ترحم..!!
أنت في الصومال ستجد السؤال: من أية قبيلة أنت..؟؟ مع الفقر يسير في الشوارع الترابية، مثلما انت مع التاجر المتخم بالمال والسلاح والمليشيات..
أنت مع مزارع المخدرات في مدينة «شبلى السفلي».. مع مزارع الموز التي سيكون لك معها ذكريات في وجباتك الثلاث..
أنت في الصومال.. في فندق «الصحفي» بالعاصمة.. في مطعم تحاول فيه ان تأكل فلا تستطيع،مع جدران مشوهة بالجدري والبارود، مع السلاح الذي تدوي اصواته في الآذان فلا تستطيع النظر الى الخلف..
أنت في الصومال.. أنت تمارس رياضة اللسان باستمرار وحين تحاول الحصول على إجابة لسؤال محدد تجد نفسك تائهاً وسط إجابات طويلة يشارك فيها كثيرون.
أنت في الصومال.. ستكون على موعد مع الامراض.. الكوليرا التي تحصد الارواح اليوم.. ليست كل شيء.. هناك فقر الدم والبلهارسيا..
أنت في الصومال ستجد عجوزاً يقول لك: «الله يرحم سياد بري».. وشاباً يشرب الشاي الذي فيه سكر زائد مع قطعة حلوى في نفس الوقت..
مع آخر يكون جالساً بجانبك في مقيل قات، فيأتي صديقه الذي يطل بصوته المرتفع وهو يتحدث بالهاتف ومعه «شوكلاتا»، فيعطي بقيتها لصاحبه الذي لا يجد حرجاً في أكلها في الفك المقابل للقات..!!
أنت في الصومال.. مع اشياء طريفة عديدة.. فاصوليا حارقة , مع مأساة تسير بأقدامها في الشارع العام.. مع بحر طويل وساحل أنيق يغطي خصر العاصمة، لكنه لا يجد عيوناً حانية تنظر اليه، ولا يسمع غير قذائف الهاون وانباء سقوط قتلى بعبوة ناسفة..!!
أنت في الصومال.. ستقابل في مقديشو شخصاً سيقول لك: انا من (الدالع) - يقصد الضالع- وآخر في جاروي سيقول لك: انا من حاشد يعمل مديراً لمكتب الرئاسة هناك.. ورئيساً قادماً من زبيد عبر ميناء بصاصوا.
القوات الافريقية.. هل تنجح بالصومال!
التحديات التي تقف أمام القوات الافريقية في الصومال كبيرة، وبالمقابل يبدو التخوف الافريقي بالاستجابة لنشر القوات واضحاً.. وحتى الآن هناك طلائع أوغندية وصلت مع استعداد لدول اخرى، لكن حتى الآن ليس أكثر من (4000) جندي يتوفرون فيما الى الحاجة (8000) كحد أدنى..
وقبل ايام وصلت الى العاصمة الصومالية مقديشو طلائع القوات الاوغندية التي أعلنت استعدادها إرسال (1500) جندي للمشاركة ضمن القوات الافريقية في الصومال.
مجلس الأمن الدولي والاتحاد الافريقي ومنظمات عديدة اتخذت قراراً بالموافقة على نشر قوات افريقية في الصومال غير ان الاستجابة حتى الآن تبدو غير مشجعة.
من المهمات الملقاة على القوات الافريقية -الى جانب مساندة الحكومة الفيدرالية الانتقالية لحفظ الامن والاستقرار- القيام بعمليات التدريب والتأهيل ومساعدة الحكومة في إنشاء جيش وطني قادر على القيام بمهامه الامنية..
والواضح ان نشر قوات افريقية بدلاً عن القوات الاثيوبية التي تثير حساسية لدى الصوماليين الذين يبدون مخاوفهم من عدم خروجها لا يبدو انها ايضاً فكرة يمكن ان تبعث فيهم الطمأنينة اذ لايزال نشر هذه القوات مثار مخاوف لدى الصوماليين.
غير انه مثلما لدى البعض مخاوف من نشر هذه القوات هناك آخرون يرون فيها ايجابيات حسنة يمكن ان تنعكس على الارض..
وتتركز ايجابيات نشر القوات الافريقية في الصومال في القيام بمساعدة الحكومة على انشاء جيش وطني بعد سنوات من انفراط عقد هذا الجيش وذهاب العديد من كوادره وكفاءاته بعيداً عن الارض الصومالية.
ومن جانب آخر فإن الجيش الصومالي الذي كان موجوداً قبل انهيار الدولة مطلع تسعينات القرن الماضي قد اصبح أعمار العديد ممن تبقوا منه كبيرة، فيما الجيل الجديد لم يجرب المهمة العسكرية في الجيش الرسمي.. بل ظل يعمل ضمن مليشيات عسكرية تابعة للاطراف التي كانت متقاتلة طوال اكثر من (15) عاماً.
ولهذا فإن القوات الافريقية ستقوم بعمليات تدريب وتأهيل ومساعدة الحكومة في إنشاء جيش وطني مدرب قادر على القيام بمهامه الامنية في عاصمة ملتهبة وظلت الدولة عنها غائبة سنوات طوالاً..
بالمقابل فإن نشر قوات افريقية ما زالت قرارات من مجلس الامن والاتحاد الافريقي والجامعة العربية، فيما ابداء استعداد الدول الافريقية لنشر قوات في الصومال مازال مصحوباً بتردد ومخاوف.. فالحكومة الصومالية التي تحتاج إلى مالا يقل عن (8000) جندي من هذه القوات لم تصلها الموافقة بالنصف من الدول الافريقية، فيما لم تصل حتى الآن سوى الاوغندية البالغة (1500) جندي.
لهذا ما زال التحدي ماثلاً أمام الحكومة الصومالية التي لم يصلها بعد الموافقة الكاملة على تمويل هذه القوات بما يمكنها من العمل سريعاً.. غير هذا فإن نشر قوات افريقية في الصومال سبق ان قوبل بالرفض من قبل اتحاد المحاكم الاسلامية ولم يصدر منه حتى الآن غير تصريحات قادته في السابق التي اعتبرت هذه القوات غازية، وسيتم مقاومتها كقوات احتلال اجنبية في الصومال.. وفي السياق المتصل تبدو المخاوف في الشارع الصومالي واضحة المعالم في الوقت الذي يظل الترحيب علنياً لحكومة الرئيس عبدالله يوسف بهذه القوات.
وعلى ما يبدو فإن الحكومة التي ترحب بشدة بل وتستعجل وصول القوات الافريقية نابع من قناعتها بأن انسحاب القوات الاثيوبية سيوفر لها مكانة افضل في الشارع الذي قد يبدو تعامله اكثر قابلية مع هذه القوات بالمقارنة مع القوات الاثيوبية التي تثير حساسية لدى الشعب الصومالي ارتكازاً على موروث من الحقد والحرب في العقد الثاني من القرن العشرين بين الصومال واثيوبيا.
مثلما سينهي نشر هذه القوات جزءاً من القضايا العالقة بالحكومة وابرزها ذات الصلة بالشرعية.. والمؤمل وسط تصريحات صادرة من المحاكم الاسلامية والمتضمنة ابداءها الموافقة على الحوار مع الحكومة الحالية ان تكون ضمن نقاط الاتفاق نشر قوات افريقية.. على اعتبار ان التعويض سيكون لها خروج القوات الاثيوبية التي كانت مطالبها متشددة حيالها او حتى أن تقوم المحاكم بغض الطرف حيال القوات الافريقية.
والحاصل ان التجارب السابقة حيال تعامل الصوماليين مع اي قوات اجنبية لا يبدو باعثاً للتفاؤل ما لم يسبق دخول هذه القوات اتفاقات سياسية ومصالحات بين الفرقاء في الصومال
ولعل مشاهد قوات الأمم المتحدة مطلع العام 1993م شاهدة على هذا الامر.. حيث انتهت المهمة بالخسران، بل واضافت الصومال عداوات واحقاداً جديدة خصوصاً على المستوى الدولي.
لذلك يبقى نشر قوات أفريقية اذا ما افترضنا الموافقة من الدول لتوفير العدد المطلوب تقف امامه تحديات لابد اولاً من النظر اليها واهمها إيجاد حل سياسي بين الفرقاء الصوماليين.
وهذا يتطلب ان تقوم الدول المجاورة اولاً بتهيئة أجواء هذا الاتفاق طبقاً لمبدأ حسن النية انسجاماً مع رؤية يمنية تسير في هذا الاتجاه.. وعلى ذات الاهمية يتطلب الوضع ايضاً إخلاصاً امريكياً لبذل جهود جادة بهذا الاتجاه مع تأنٍ أوروبي غالباً ما يبدأ في حديثه مع الحكومة الحالية باشتراطات فوق طاقتها حتى لتبدو في كثير من الاحيان نوعاً من التحدي المقصود.
إن «أوغندا» تدرك -وهي تبادر بارسال قواتها- التحدي في الصومال، وقد كان تصريح الرئيس الاوغندي «موسيفينى» واضحاً وهو يخاطب الصوماليين بالقول: «نحن لسنا ضدكم ولم نأتِ لنزع سلاحكم بل لمساعدتكم وحكومتكم لبناء جيش وطني لإحلال الامن والاستقرار».
كذلك تتفهم الحكومة الصومالية هذا الامر.. مثلما تدرك ان الحل تبدأ خطواته الاولى بالمصالحة وايجاد الحلول السياسية والحوار مع الفرقاء..
ليأتي اعلانها عقد مؤتمر وطني للمصالحة منتصف هذا الشهر (مارس) في هذا الاتجاه..
والموعد قريب لعقد المؤتمر.. لكن حتى ذلك الحين يبقى انتظار نتائج جهود الوساطة التي تبذلها اليمن يتوقف عليه الكثير من جوانب الاهمية.. لأن ذلك يعني تحديد الطرف الابرز والواضح الآن -المحاكم الاسلامية- ومشاركته في هذا المؤتمر الوطني..
مثلما يتوقف الامر على ان تكون الدعوة الحكومية للمصالحة تحمل في ثناياها فسحة تتيح مشاركة الجميع في هذ الحوار وليس التوقف عند عبارة: «الحوار مع المعتدلين من المحاكم الاسلامية».
وان هذا ليس بعيداً عن سياق السؤال المطروح: هل تنجح القوات الافريقية في الصومال؟
الامر مرتبط بصلة وثيقة واذا ما سبق نشرها حل سياسي.. يبقى الامر فيه تواصل لمسيرة القلق، والتوترات ودوي قاذفات الصواريخ والهاون في العاصمة مقديشو.
فالصومال أضحت ترسانة سلاح ولم يعد هذا الامر خافياً على الجميع.. ومنها الولايات المتحدة الامريكية ومجلس الامن والامم المتحدة التي تتسلم التقارير بشكل دائم من اللجان التي شكلتها بهذا الشأن.
ودونما استرسال زائد تحتاج الحكومة الحالية للدعم حتى تتمكن من اقناع المواطن بأنها تتحرك في الشارع.. انها لا تملك الإدارة كمبنى حتى تبدأ بها كمعنى.. ومازال امامها تجار يملكون السلاح والمال اضعاف ما تملكه وامامها عاصمة مدمرة وبنية تحتية في الجحيم ومواطن يسير وفي جسمه مرض وفي خطواته عناء، وما يملكه هو البندقية غير العاقلة.. لهذا يجب ان تكون جهود الاتحاد الاوروبي متواصلة.. ويجب ألاَّ يقوم برعاية وتمويل مؤتمر المصالحة، وعندما تعود الحكومة الى مقديشو يرفع يده عنها فجأة.
إن نشر قوات افريقية قد يبدو قراراً سهلاً اتخاذه في مجلس الامن والاتحاد الافريقي والجامعة العربية، لكنه يبدو على الارض ليس كذلك..
وحتى يكون الامر حسناً، على الجامعة العربية ان تكون صاحبة استراتيجية الآن في الصومال بعد ان أدارت ظهرها في السنوات الماضية ليتفق جميع الصوماليين على غياب الجامعة رغم كثرة خلافاتهم، وهم الآن على اعتاب عقد قمة عربية في هذا الشهر (مارس).
ويبقى السؤال مطروحاً للنقاش: هل تنجح القوات الافريقية في الصومال؟
الجيش.. أقدام بحاجة إلى أحذية
تاريخ الجيش الصومالي كان شاهداً على قوة الدولة الصومالية قبل الانهيار.. لكنه الآن يبدأ من الصفر بأقدام حافية.. فبعد اغتيال الرئيس عبدالرشيد شرماركي 1967-1969م على يد أحد مرافقيه في المناطق الوسطى.. حدث انقلاب عسكري تسلم بموجبه الجنرال محمد سياد بري الحكم قرابة واحد وعشرين عاماً..
كان الجيش الصومالي خلالها يخوض حروباً متواصلة مثلما كان الرئيس "بري" في نفس الوقت يقوم بالتعبئة المتواصلة خلال عقد السبعينات والثمانينات ليحول الحكم الديمقراطي البرلماني إلى عسكري.
قصة الجيش الذي وصل في حرب 1977م إلى "ديردوا" في أثيوبيا كانت شاهدة على القوة العسكرية الصومالية.. لكن الحروب التي كانت- غالباً -دونما خطة معروفة غالباً ماكانت تؤدي إلى نتائج عكسية.. فالحركة كانت إلى الأمام فقط.. لكن لماذا وما الهدف السياسي..؟! ذلك أصبح غير معروف.
قدرات الصومال كانت واضحة في الطيران.. وأغلب الكفاءات راحت بعد انهيار الدولة مطلع التسعينات من القرن العشرين نحو كندا ولندن واستراليا.. فيما تحول الجيش -الذي كان أغلبه قادماً من الريف نحو مقديشو- إلى مليشيات أمراء حرب.. وآخرون فروا خارجياً من جحيم حرب أهلية بدأ عنفوانها يحرق الأخضر واليابس مع الانهيار.
واليوم بعد محاولات فاشلة تزيد على العشر لقيام دولة صومالية يبدأ الجيش الصومالي خطوته الأولى في الميدان بخطوات ثقيلة وبأقدام بحاجة إلى أحذية.. وتواجه الجيش الصومالي تحديات عديدة الآن.. ذلك أن الجيش القديم أصبح رجاله كهولاً في الغالب، فيما أصبح البعض الآخر خارج الصومال بعد غياب أكثر من 15 عاماً للدولة.
غير هذا فإن حياة من لايزلوا شباباً من الجيش الصومالي قد تكونت طوال فترة غياب الدولة وأصبح العديد منهم متعودا على الفوضى والقرصنة والنهب والحياة في ظل أمراء حرب أقاموا نقاط التفتيش وفرضوا الضرائب والإتاوات.. وأصبح تعويدهم على غير هذا الوضع يحتاج إلى تأهيل طويل وشاق في كثير أحيان.
لقد بذلت جهود كبيرة الآن لإعادة بناء الجيش.. لقد تم دمج المليشيات في الجيش الرسمي مثلما كانت الحكومة- حينما كانت متواجدة في مدينة (بيدوا) لقرابة عامين - قد قامت بتدريب وتأهيل عدد قليل من الجنود للقيام بواجباتهم العسكرية الآن في مقديشو لكنهم لا يغطون 10٪ من حاجة الحكومة في خطتها الأمنية.
وفور وصولها العاصمة مقديشو بدأت عملية نزع السلاح من أمراء الحرب ودمج المليشيات التي كانت تحت إمرتهم في جيش رسمي.. لكنها مازالت تعاني من تحديات كثيرة وهي تقوم بهذا العمل ..إذْ لا مال لديها من أجل تغطية هذا الأمر وليس لديها القدرة لتوفير متطلبات هذا الجيش ليس من السلاح فقط بل من الزي الرسمي.
وقد لاحظت هذا أثناء استعراض أولي أقيم في المطار العسكري بالعاصمة مقديشو مطلع فبراير الماضي حيث كان العديد من الجنود يلبسون بدلات رثة وبأقدام دونما أحذية.. لقد كانت أرجلهم مكشوفة ومايلبسونه نعال بلاستيكية تستخدم - في الغالب- لدورات المياه..!!غير هذا فإن الانهاك كان بادياً على الوجوه.. لقد تعبوا من الحرب الطويلة ويحتاجون إلى استرخاء طويل.. كذلك هي المرأة الصومالية في الجيش وفي كل المجالات.
ولعل إرسال قوات إفريقية إلى الصومال سيؤدي دوراً في المساعدة لتأسيس جيش وطني يقومون بعمليات تدريبه وتأهيله.. والمؤمل أن تقوم الدول العربية بالمساعدة من أجل هذا الأمر..
فالصومال بحاجة إلى جيش وطني له هيبته حتى يكون للدولة مكان.. أما أن يظل هكذا دونما أحذية فذاك أمر لايسر..!!
محاولة صومالية لفتح دفتر الجامعة:
يقول الصوماليون: ان الجامعة العربية أدارت ظهرها نحوهم.. فهل تتحقق احلامهم بنظرة الجسد العربي من الجهة الامامية؟
شعور الصوماليين بتقصير الجامعة العربية اصبح معلناً من الشمال الى الجنوب.. ففي الشمال حيث اعلن قيام جمهورية ارض الصومال من جانب واحد تجد الشكوى من غياب الجامعة العربية يتصدر حديثهم، فالرئيس طاهر ريالي كاهن كان يتساءل: لماذا يقاطعنا اخواننا العرب..؟ اننا نحتاج لمساعدتهم ليس بالسلاح بل بالتنمية والتعليم والصحة فنحن منهم. وفي ولاية بونت الفيدرالية في الوسط كان الحديث مشابهاً كذلك.. قال عدي محمود حرسي رئيس الولاية ان الغياب العربي في الصومال كان احد اسباب تفاقم الازمات واستمرار التدهور خصوصاً في العاصمة.. وكانت مطالباته يحدوها كثير امل بتغيير نظرة طال امدها في الظلام.
والامر لا يبدو بعيداً في مقديشو.. فالرئيس عبدالله يوسف احمد لديه عتب كثير وقد قال ل«26 سبتمبر»: ان الامانة العامة للجامعة أدارت ظهرها عن الصومال، وفي لقاء سابق معه قبل اندلاع المواجهات الاخيرة مع المحاكم الاسلامية كان قد قال: ان دعماً عربياً يصب في الخانة الخطأ ويتجاهل حكومة منتخبة.
ان الصوماليين ينتظرون وصول الدعم العربي المقرر قبل اكثر من عام في الجزائر ومازال الامر يتعلق باشتراطات قال الصوماليون انهم لم يفهموها بعد، ليس بعيداً ما حدث ويحدث في الصومال عن التأكيد بان الامر ذو صلة بغياب استراتيجية عربية في الصومال.. ولهذا تجد العديد من المسؤولين وعديد مراقبين صوماليين يعزون اسباب التدخل الاجنبي -سواء من دول الجوار والخارجي عموماً- إلى غياب دور الجامعة العربية في الصومال.
والراجح ان هذا الغياب العربي قد خلق تكتلات افريقية وحتى عالمية الى القيام بأدوار متعددة في الصومال التي اضحت ارضاً مفتوحة لاستقبال المبادرات والقرارات واللجان المشكلة من مجلس الامن والامم المتحدة وغيرها، في حين اكتفت القمم العربية بالاشارة في توصيات بيانها الختامي الى دعوة الاطراف رغم وجود حكومة شرعية مازالت تتحدث عن اطراف باعتبارها جهات رسمية ايضاً الى الحوار ونبذ العنف والقاء السلاح وايقاف نزيف الدم، كما تقرر تقديم مساعدات تبقى في الغالب الجزء الاكبر منها لدى الامانة العامة التي تظهر كحائرة لمن مِنْ الاطراف الصومالية تقدمها.
والحاصل ان الجامعة العربية التي هي على موعد انعقاد في الرياض خلال الشهر الحالي (مارس) عليها اثبات جديتها بخصوص الصومال .. وألاَّ تبقى القضية محصورة في اطار مبادرة يمنية فقط الى القمة فيما جدول اعمالها الرسمي ينحصر في العراق ولبنان وفلسطين ودارفور كالعادة وتكون المناسبة سانحة للدول لانتزاع مواقف وحشرها في البيان الختامي.
فالجامعة العربية وتحديداً الامانة العامة التي كانت تتحدث في السابق عن حكومة صومالية معزولة في مدينة بعيدة هي "بيدوا" يحضر اجتماعها الحالي الرئيس الصومالي قادماً من العاصمة القومية "مقديشو" والاطراف الصومالية التي كانت مثار حديثها الدائم اضحت الآن منحصرة في طرف واحد هو المحاكم الاسلامية.. وقد ابدت الحكومة وكذا المحاكم استعداداً متبادلاً للحوار مثلما اعلنت الحكومة عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية منتصف هذا الشهر.
والامر الآخر ان تشديد المطالبات ضد الحكومة الحالية والرئيس "يوسف" يزيد من توتير الازمة في الداخل علاوة على انه يضعف موقف الحكومة والمتوجب هو تقديم الدعم اولاً ومن ثم البدء بطرح الشروط، وذلك ان الحكومة الصومالية هي احوج الآن الى الدعم حتى تستطيع القيام بمهامها وتكوين الادارات الحكومية وبناء الجيش واعادة الاعمار ومواصلة جهودها لنزع السلاح وايقاف عمليات القرصنة والاقتتال وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية بعد اكثر من عقد ونصف من الزمان على غيابها.
كذلك فان دعم الحكومة سيعطيها ثقة لدى الشارع الصومالي الذي سيرى امامه هذه الدولة، ما لم فانه سيظل حاملاً سلاحه ويواصل السير في الطريق بحثاً عن مسببات حياته ولو بالقتل والنهب والعمل كمسدس للايجار مع من يوفر له حاجته.
ان الدور العربي في الصومال امر واجب.. فالجامعة العربية التي قبلت عضوية الصومال في ستينات القرن العشرين مطالبة ان تكون جادة في مناقشة قضاياها باهتمام وبشيء من العدل بعيداً عن الحاجة الى إبداء نظرة استعلائية غير لازمة بل وتبدو منفرة في كثير احيان الامر الذي يعطي الضوء الاخضر للتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الصومالية.. ولهذا تجد الحكومة الصومالية -التي تقف انتظاراً في محطة الجامعة العربية- في الغالب نفسها ليس امامها في هكذا وضع سوى الاستعانة بأي طرف كان مادام يسمع نداءها.. والشاهد ان ما حصل مؤخراً باستعانتها باثيوبيا يصب في هذا الاطار.
لذلك تجد الحكومة والصومال عموماً نفسها -حسب قولها- عرضة للنقد العربي حينما تقدم بذلك مجبرة لكنها لا تجد من يقومون بالنقد امامها ملبين عند مسيس حاجتها.
ورغم ان العتب الصومالي لا ينصب تجاه الدول العربية قدر اتجاهه تجاه الامانة العامة.. إلا ان الرضا عن ادوار بعض الدول ومنها اليمن تجده لدى الحكومة الصومالية التي تتفق وترحب بهذا الدور.
لكن اليمن تأتي حاملة الملف الصومالي في جدول اعمالها، بينما الجامعة لديها جدول آخر، لذلك يبدو الامر توصية ختامية او لنقل رؤية يمنية تأخذ الاستحسان في جلسات القمم العربية.. لكن التحرك عبر الامانة العامة يبقى خاضعاً للظروف.
والخلاصة.. ان استمرار غياب دور الجامعة العربية في الصومال لن تكون نتائجه فقط ازدياد التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للصومال، بل قد تكون نتائجه قراراً صومالياً ظل حبيساً في جوف الصدر منذ سنوات وهو الانسحاب من الجامعة العربية التي اصبح دفترها عصياً على الصوماليين.
تجار مترفون..فقر يمشي في الشارع
نمت شركات اقتصادية ورؤوس أموال ضخمة في الصومال خلال الفترة الماضية ومازال لرجال الاعمال الكلمة الفصل في العاصمة مقديشو.. فرغم الحرب الأهلية وانهيار الدولة إلاّ أن التجارة ونمو الشركات ظل في تصاعد مستمر، في الوقت الذي ظهر تجار جدد الى السطح أضحوا الآن يتحدثون بلغة الملايين الدولارات. والآن أصبح رأس المال ورجال الأعمال في العاصمة مقديشو يملكون جزءاً كبيراً من حل إشكاليات التدهور الأمني في مقديشو، واذا ماتم الاتفاق على الدولة لإقامة تحالف ثنائي يكون نصيب كبير من الاشكاليات قد زال من الشارع الصومالي.
وأثناء سيطرة المحاكم الاسلامية على العاصمة مقديشو والعديد من مدن الوسط والجنوب أقام تحالفاً مالياً مع العديد من الشركات الكبرى في الصومال.. وقد كان لهذا التحالف استفادة متبادلة للطرفين.. فالتجار سيوفرون بيئة استثمارية لعمل شركاتهم، وسيكون ذا فائدة كونه سيساعد على اعادة الأمن والاستقرار، بالمقابل سيزيد حجم الواردات مثلما سيزيد الارباح.. وبحسب التقارير الدولية فإن ابرز دوائر الأعمال الصومالية تتألف من حوالي (20) من رجال الأعمال الذين يملكون مشاريع مربحة للغاية.. وهذه المشاريع مترابطة وتنفذ عمليات تشمل جميع انحاء البلاد.. كذلك فان الاحصاءات الواردة من فريق الرصد التابع لمجلس الأمن الدولي للعام 2006م تشير الى ان ما مجموعه (60) شركة كبرى توجد في الصومال وتتصل جميعها بخمسة قطاعات اقتصادية هي: (التجارة، الحوالات، الاتصالات السلكية واللاسلكية، النقل والوقود، والبناء).
وكانت الشركات قد شهدت خلال تلك الفترة ازدهاراً، وكان العديد من رجال الاعمال قد اسندت اليهم المحاكم الاسلامية ادارة المنشآت التجارية التابعة لها كالموانئ والمطارات وغيرها.. والواضح ان رجال الاعمال الصوماليين أصبحوا مشاركين رئيسيين في شركات طيران وأضحت شركات تحويل أموال واتصالات وغيرها تحقق تقدماً ربحياً عالياً.
لهذا أصبح التجار في الصومال يملكون مليشيات مسلحة واسلحة متعددة في ظل غياب الأمن والاستقرار ومن أجل الحفاظ على ممتلكاتهم وشركاتهم.. هذا علاوة على أن العديد منهم كان مصدراً لاستيراد وبيع الاسلحة الى الصومال.. وبالرغم ان العديد من التجار الصوماليين ظلوا يشكون على الدوام من ارتفاع نسبة الضرائب في عهد أمراء الحرب الا انهم واصلوا تجارتهم وشكلوا اتحاداً يجمعهم في إطار نقابي.. وقد أصبح نجاح أية حكومة وطنية مرتبطاً بالتنسيق معهم كونهم يريدون اتفاقاً لا ينزع منهم ممتلكاتهم بل ويضمن استمرار مصالحهم.
بوادر التدخل الايجابي للتجار ورجال المال والاعمال الصوماليين بدأت الآن ملامحها.. حيث قام العديد منهم بتقديم اسلحة وسيارات كمساعدات للشرطة الصومالية وفي خطة الحكومة التي اعدتها لمدة 6 أشهر تشمل هذه الخطة التحاور مع التجار لنزع اسلحتهم وادماج مليشياتهم في الجيش وتوفير الحماية الرسمية لهم.. وقد بدأت عمليات الحوار تتم مع بعضهم والرئيس الصومالي عبدالله يوسف أحمد.
ان المفارقة الصومالية تبدو واضحة.. فالفقر الذي تسير اقدامه في الشوارع ومع حرب ودمار ونزوح دائم وغياب الأمن والاستقرار يجلس العديد من أصحاب رؤوس الاموال على كتل مالية ضخمة ويديرون أعمالهم.. من أبرز التجار الصوماليين الذين ظهروا رجل الاعمال أبوبكر عمو عدني الذي كان يدير ميناء (المعن) الذي يبلغ دخله السنوي قرابه (30) مليون دولار.. ورجال أعمال في شركات الحوالات المالية والاتصالات والمواد الغذائية.. وتجار صوماليون مساهمون رئيسيون في شركات طيران، وكذا في مجالات النفط والغاز والديزل وممارسة تجارة الفحم وتصديره الى الخليج وبلدان أخرى.. وكذا تجارة وتصدير الحيوانات البرية والماشية.
غير التجار المتواجدين في الداخل الصومالي، هناك تجار كبار في كندا ولندن واستراليا ودول الخليج.. ويمثل هؤلاء أداة نجاح حقيقية للحكومة الحالية اذا ما تم الاتفاق والتفاهم معهم، فالدعم المالي سيقدمونه للحكومة بسخاء، مثلما كانوا يقومون بذلك مع المحاكم الاسلامية.
وفي مجال الاتصالات تجدر الاشارة الى انه في مقديشو حوالي (25000) من الخطوط الارضية التي لا تتولى تشغيلها سوى ثلاث شركات، فيما قطاع النقل والوقود يحصل على ايرادات من النقل البحري والجوي والبري والشحن والتفريغ والتخزين وتوفير الوقود اللازم لتنفيذ هذه العمليات والإمداد به، وقطاع البناء يحصل على ايرادات من اعمال البناء التي غالباً ما يطلب من منظمات دولية القيام بها.
ورغم الحديث عن افلاس أكبر شركات التحويلات المالية في الصومال (دالسان) إلاّ ان الكثير من الاقتصاديين الصوماليين يشككون في ذلك ويعتبرون اعلان افلاسها جاء لاسباب سياسية تتعلق بالحوالات المالية التي غالباً ما كانت تصل الى الاطراف الصومالية المتحاربة ومنها اتحاد المحاكم الاسلامية والحكومة الفيدرالية، الأمر الذي يؤدي الى استخدام الأموال في شراء الاسلحة وكسر الحظر المفروض من مجلس الأمن بهذا الخصوص.
والثابت اليوم أن رجال اعمال صوماليين يتواجدون بقوة في الصومال وأنه بنفس القدر تسير أقدام حافية في الشوارع دون أن تجد ما تسد به رمق العيش..!!
نعمل على إنشاء جيش وطني
الجنرال اسماعيل ناجي يتحدث ل«26سبتمبر» في العاصمة الصومالية مقديشو عن وضع الجيش الصومالي وتحديات أمنية تقف أمام الدولة حالياً.
والجنرال اسماعيل، الذي كان قبل اللقاء قد أقام مأدبة غداء في منزله على شرف السفير اليمني احمد حميد عمر، كان يعيد على المأدبة ذكرياته اليمنية وحياته التي امتدت لسنوات في (الصافية) بصنعاء وكيف أن علاقته باليمن أصبحت جزءاً من حياته.
وفي الأثناء نفسها كانت أصوات طلقات الرصاص جوار منزله تبدو اعتيادية له وقد ظهر عليه الضحك وهو يرقب حركاتنا وتقلب ألوان الوجه..
وفي صالون منزله الأنيق كان أحد أصدقاء الجنرال يرسل تعليقاته الساخرة: إن الجنرال ناجي يتم استدعاؤه مع تشكيل أية حكومة ليكون رئيساً لهيئة الاركان، وعندما تنهار يغادر ثم يعود.. وهكذا.
إن الجنرال ناجي كان رئيساً لهيئة الاركان منذ عهد نظام محمد سياد بري وهو مازال الآن في المنصب نفسه.
في هذا اللقاء الذي أدار أسئلته الزميل نبيل الأسيدي جرى الحديث عن عديد قضايا ذات أهمية.. تابعوها باهتمام:
سيادة الجنرال.. هل ستنجحون هذه المرة في بناء جيش صومالي جديد؟
هذه المرة لدينا الإرادة والإصرار القوي لإعادة هيبة الدولة والنظام إلى الصومال من خلال بناء جيش صومالي موحد يشمل كافة القبائل الصومالية ويمثل كل مناطق الصومال رغم الإمكانيات الضئيلة جداً وندرة الموارد المساعدة لنجاح هذه الخطوة الهامة من أجل أن نتجاوز المخاطر والمخاوف التي تهددنا في هذه المرحلة الحرجة والخطيرة.
ما هي المخاوف التي تجابهكم حالياً؟
المرحلة الحالية مليئة بالمخاوف والتي على رأسها مخاوف عودة المحاكم الإسلامية التي تهدد بحرب عصابات لإسقاط الحكومة المؤقتة، فنحن نعرف أن المحاكم الإسلامية لا تزال موجودة في الأراضي الصومالية وبالذات في العاصمة مقديشو، وكان هدفنا سرعة البدء بإعادة تنظيم الجيش وتجهيزه حتى لا يتجدد نشاط المحاكم في الوقت الراهن، والمرحلة الحالية تقتضي تكافل وتعاون مختلف أجهزة الدولة لإيقاف وإخماد أي نشاط يهدد الحكومة المؤقتة والأمن الذي يحلم به كل الصوماليين.
إذن.. انتم تتوقعون تجدد النشاط المسلح للمحاكم الإسلامية؟
بالتأكيد نحن نتوقع ذلك.. صحيح أن كبار قادة المحاكم فروا لكن لا يزال لديهم العديد من الاتباع الذين يمتلكون السلاح الذين يتحينون أية فرصة لاستخدام الأسلحة التي بحوزتهم للانقضاض على الحكومة، ولذلك نحن نعي هذا الأمر وسوف نلاحقهم أينما كانوا في المخابئ والشوارع والبيوت لنزع سلاحهم ولن نتهاون معهم أبداً حتى تستقر الأمور وندرك تماماً أن نشاطهم لن يتجدد إلا إذا رأوا فينا ضعفاً، ولذلك فإننا نقوم في الوقت الحالي وبالتزامن مع تشكيل الجيش بتفعيل الأجهزة العسكرية والأمنية والإستخباراتية التابعة للحكومة.. فهذه المرحلة هي مرحلة الأمن والجيش والاستخبارات وهناك تنسيق واجتماعات يومية بين هذه الأجهزة لتبادل المعلومات ومناقشة المستجدات ووضع الخطط وبنشاط منقطع النظير.. أما إذا تكاسلنا وفقدنا النشاط خلال هذه الفترة فإن المحاكم والمسلحين التابعين لها سيعودون -بلا شك- لحربنا.. ونحن لن نسمح بذلك أبداً ولن نعود خطوة واحدة إلى الخلف ويكفينا ما قد سبق.
هل المحاكم الخطر الوحيد الذي يجابهكم؟
بالطبع ليس الخطر الوحيد فهناك العديد من المراحل يجب تجاوزها للوصول إلى بر الأمان.. مثلاً نحن نواجه خلال هذه المرحلة الصعبة جيلاً جديداً من الشباب ترعرعوا أثناء الفوضى ولا يعرفون ما هي الحكومة وما هو دورها ولم يعرفوا أن هناك أشياءً ممنوعة من أجل الأمن والاستقرار.. نحن نواجه شعباً، (80%) من شبابه لا يعرفون الحكومة ولم يرضخوا لأي نظام.. يعني أثناء 16عاماً داخل العاصمة كانوا يتنافسون من عنده أسلحة أكثر ومن قتل أكثر عدد من الناس، فهؤلاء يعتبرون شجعاناً داخل القبائل..وأصبح الشجاع هو من يقتل أخاه الصومالي.. لقد أصبح المجرم بطلاً في ذلك الوقت.
أيضاً لدينا مشكلة القبيلة.. فعندما سقط نظام سياد بري دخلت القبيلة إلى صفوف الجيش الصومالي ومزقته بعد أن كانت القبيلة قد انحسرت أيام بري نهائياً ولكن مع الحروب الأهلية والاقتتال فيما بين القبائل تعزز الخلافات والأحقاد القبلية، حيث هرب ضباط من الجيش أواخر حكم سياد بري وتحصنوا بقبائلهم وقادوا المعارك ضد سياد بري وكونوا الجبهات العسكرية حتى انهار الجيش الصومالي وتفرق إلى قبائل والسلاح دخل في صفوف الشعب والمليشيات استباحت المعسكرات ونهبت كل الأسلحة..وهكذا انهار سياد بري وهرب من مقديشو إلى المناطق الجنوبية ثم إلى الحدود مع كينيا وحاول عدة مرات العودة وتكوين جيشه من جديد لكنه مع -الأسف- لم ينجح، في حين كان الجنرال محمد فارح عيديد هو قائد الجبهة التي أطاحت بسياد بري.. لكنه لم يتمكن من تنظيم الجبهة وكان من المفترض أن يبقى في العاصمة ويوقف الفوضى الشعبية والحزبية، لكنه لم يفعل ذلك.. بل ظل يلاحق سياد بري على الحدود الكينية ولهذا حصلت أحداث عنف بين القبائل وخاصة بين قبيلتي الطارود والهوية وهما أكبر قبائل الصومال.. ومن هنا دخل الصومال في معارك جديدة كانت علامتها الأبرز هو الاقتتال القبلي بين الطارود والهوية وانتشرت الحرب لتشمل كل القبائل الصومالية وتنامت الكراهية القبلية وبين القبيلتين بالذات.. وعلى الرغم أن التاريخ يذكر أن الحرب بين القبيلتين قديم لكنهم في السابق كانوا يتقاتلون بسبب الإبل والمراعي والمواشي لكنها تطورت لتصبح حرباً سياسية غذتها مدة الفوضى بالكراهية والأحقاد.. وهذه الكراهية القبلية هي واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة المؤقتة.. مثلاً أنت سألت الرئيس عبدالله يوسف في الحوار عن أسباب استهدافه ومحاولة اغتياله، وأنا أقول لك السبب الحقيقي: هو أن القبائل الموجودة هنا في مقديشو هي من الهوية ولن يرضوا أن يكون رئيس الجمهورية واحداً من قبائل الطارود.. هم غلطانون وما عندهم إيمان بالديمقراطية، وقد كانوا جالسين في مقديشو طيلة 16عاماً ولم يتمكن أحد من إقامة الحكومة لا علي مهدي ولا عيديد ولا عبدالقاسم صلاد وهم من نفس قبيلة الهوية.. لقد تنامت الكراهية بين القبائل.
إذن.. قد يفشل الرئيس عبدالله يوسف في السيطرة على مقديشو؟
ليس ذلك دقيقاً.. كل من يحب الرئيس عبدالله يوسف ومن يكرهه يعرف أنه هو الرجل المناسب في هذه المرحلة الصعبة وكل واحد في الصومال يعرف أنه يريد قيام الحكومة وتثبيت الأمن والاستقرار والنظام داخل الصومال، ومعارضوه لا يريدون الحكومة ولا الاستقرار.
لماذا؟
سأقول لك السبب.. هنا في داخل العاصمة مقديشو المدنيون غير موجودين فيها وهم الآن في كندا وأمريكا واستراليا وبريطانيا.. المهم أنهم خارج الصومال.. والآن أصبحت مقديشو يسكنها القرويون الذين جاءوا من المناطق القبلية الوسطى واستولوا على بيوت المدنيين الذين فروا من مقديشو واستولوا على ممتلكاتهم وأموالهم ومزارعهم.. ولهذا يخافون أن يطلب منهم تسليم ما سلبوه.. فما كان للمدنيين أصبح الآن للقرويين وبالتالي فإن وجود أية حكومة يعتبر ذلك نهاية لأطماعهم.. فإذا قلت لأحدهم إن الحكومة جاءت ويمكن تبني لك بيتاً وتعمل لك مزرعة فلن ينفع هذه الكلام لأنه غير مؤمن بالحكومة لأنه ترعرع في الفوضى.. فمن راعي إبل إلى مدني لديه فيلا ومزرعة ولا يريد أن يعود لرعي الإبل والمواشي في المناطق الوسطى الحارة.. هذه هي المشكلة الوحيدة التي كلما تحاول الحكومة حلها تحصل معارضة في مقديشو وحروب أهلية لأجل أن يستمر القتال والفوضى داخل الحكومة.. لكننا مصممون على هذه المشكلة مهما كلف الأمر.
ما هي البداية؟
لقد بدأنا فعلياً.. فنحن قد تمكنا من تسلم الأسلحة من أمراء الحرب والخطوة الثانية هي تسلم الأسلحة من التجار والشركات الكبيرة وبعد ذلك نبدأ منع أي صومالي من حيازة وحمل السلاح في العاصمة مقديشو ونغلق أسواق السلاح وبالتالي سنجفف المنقع التي من المحتمل أن تجعل أي شخص يفكر في محاربة الحكومة.
هل سلم أمراء الحرب كل ما لديهم من أسلحة؟
نعم.. لقد سلموا أسلحتهم.. لكن هناك بعض الأسلحة لأمراء الحرب سابقاً وقعت في أيدي قوات المحاكم الإسلامية وأثناء انسحاب المحاكم وفرارهم إلى الحدود الكينية بعضهم ترك الأسلحة لأهله وأصحابه وبعضهم تركها في الطريق وأخذها بعض القبائل الموجودة في تلك المناطق لكن لدينا معلوما دقيقة سوف تمكنا من ملاحقتهم إن شاء الله ونأخذ الأسلحة منهم يوماً بعد يوم.
وماذا عن المليشيات المسلحة.. هل استجابت لكم؟
كل المليشيات التي كانت مؤيدة لأمراء الحرب نحن أعطيناهم فرصة أن يكونوا ضمن الجيش النظامي وأن يدخلوا معسكرات التدريب ويتعلموا الانضباط والاستخدام الصحيح للسلاح ويعطى لهم كل حقوق الجندية في الجيش الفيدرالي، أما الذين لا يرغبون الانخراط في الجيش فلدينا خطة بتشجيع من الأمم المتحدة تهدف إلى إكسابهم حرفاً مهنية أخرى كالنجارة والمكانيك وغيرها من الحرف اليدوية.
كم هي المدة التي تحتاجونها لإعادة تشكيل الجيش؟
ليس أقل من خمسة أشهر لإعداد النواة الأولى للجيش فلا بد أن يكون هناك مدرسة مهنية وتخصصات.. ونحن نسير في هذه الاتجاه لوضع كل الأساسيات.. لكن من أجل أن تكون مقديشو سالمة وآمنة كما كانت من قبل أتوقع أن نحتاج إلى تصحيحات كبيرة ومدة أطول.
كيف ستسيطرون على العاصمة مقديشو؟
لقد أعلنا حالياً حالة حظر التجوال التي ستكون من الساعة الثامنة مساءً وحتى الرابعة فجراً، وبدأنا بإنزال قوات أمنية عسكرية إلى شوارع العاصمة حيث سنوزعهم على التقاطعات الرئيسية والمهمة وفي مداخل العاصمة مقديشو وسيكونون من عناصر الجيش والشرطة والاستخبارات موزعين على حوالى 12نقطة عسكرية داخل مقديشو.. ولدينا أمل كبير أن تساعد هذه الخطوة في تحسين الأمور وتثبيت الأمن.
ما هي مهمة النقاط العسكرية؟
ستكون مهمتها الأساسية حفظ النظام والأمن وخاصة في الأوقات التي يتحين فيها المخربون الخروج وكذا مطاردة المسلحين الذين سيخرجون ليلاً.. فمن سنجده في ذلك الوقت سنوقفه ونحاكمه ونضعه في السجن.. أما إذا تجول مواطن عادي فسيتم التحقيق معه.. وكل ذلك من أجل تثبيت هيبة الدولة وتأكيداً للناس على أن الحكومة ماضية بقوة نحو تثبيت الأمن والاستقرار.
ما هي المدة التي ستظل فيها حالة حظر التجوال؟
ستكون الفترة قرابة ثلاثة أشهر وربما تقل أو تزيد بحسب الانضباط الأمني ومدى تحسن الأحوال والتزام الناس.
ألا تتوقعون أن تحصل صدامات بين المسلحين والنقاط العسكرية؟
نحن نعرف ذلك.. وهذا أمر طبيعي حتى يتأكد الناس من جدية الحكومة.. ولن تهدأ الأمور وتستقر حتى يكون هناك قتلى وجرحى من المسلحين وخصوصاً من أصحاب المحاكم الإسلامية الذين سيختبرون مدى جدية وقوة الحكومة وأجهزتها الأمنية.. ونحن جاهزون ومستعدون لإثبات قوتنا وإصرارنا على إعادة الأمن إلى مقديشو وإعادة هيبة الدولة في نفوس أبناء الشعب الصومالي.
ما هي الاحتياجات الضرورية لإعادة تشكيل الجيش؟
نحن نحتاج إلى دعم كبير جداً، فلقد بدأنا بإيجاد جنود على مستوى عالٍ من التدريب تخرجوا من عدة مدارس كفرقة الكوماندوز ولديهم قوة تحمل كبيرة، ولكن ما لدينا من عتاد وبنية تحتية لا تفي ولا بأقل القليل لتجهيز جيش صغير.. فنحن نفتقد إلى كل مقومات الجيش.. نحن بحاجة إلى مدرعات وعربات عسكرية ومدافع جديدة ودبابات وطائرات ومراكز ونحتاج من أجل توفير كل ذلك إلى مساعدات خارجية ودعم مالي كبير، أضف على ذلك أننا في الجيش بحاجة ماسة إلى تدريب الجنود وتأهيلهم خاصة على استخدام الأسلحة الحديثة.. فمثلاً طيلة ستة عشر عاماً تطورت التكنولوجيا العسكرية بشكل كبير وخاصة في مجالات السلاح الجوي والبحري وحتى الأسلحة البرية المختلفة.. الآن الدبابات العصرية يستخدم أسلحتها بالليزر.. فمثلاً الجيش الأثيوبي الذي كان معنا لديه دبابات (72) ونحن لا نعرف عن تقنيات هذه الدبابات أي شيء، فآخر مرة كان لدينا دبابات كانت من طراز (55) هنت، وفي حالة تسلحنا بأسلحة متطورة فإننا نحتاج إلى تدريب وتأهيل ومن المستحيل أن تحقق ذلك بدون الدور الدعم العربي.
وماذا ستفعلون لمنع تدفق السلاح الى الصومال؟
هذا الأمر يحتاج الى إمكانيات ضخمة ونحن الآن بصدد إعداد خطة لمنع تدفق السلاح الى داخل الأراضي الصومالية وسوف نمنع المتاجرة به وعمليات الشراء والبيع وسنغلق أسواق السلاح بعد فترة من الآن.. فبيع الأسلحة وأسواقها من الأمور المزعجة كثيرا للحكومة والمواطنين.. فكما تسمع كل دقيقة أصوات نيران ورصاص، فالناس في سوق السلاح يجربون الأسلحة ويطلقون الرصاص في الهواء.. وهذا أمر متعب للسكان ومقلق للحكومة ويشكل خطراً كبيراً على الأمن والاستقرار في الصومال وفي العاصمة مقديشو على وجه الخصوص.
وتهريب السلاح.. ماذا ستفعلون حياله، ومن أين يأتي السلاح؟
لدينا خطة للحماية في هذا الجانب، وانتم تعرفون ان لدى الصومال ساحلاً كبيراً طوله 3330 كيلو متراً بحرياً يمتد على البحر الأحمر والمحيط الهندي، وسنبدأ بأقل الإمكانيات لحماية سواحلنا من تهريب السلاح ومن احتمالات قدوم المقاتلين والمتطرفين الأجانب،، اما مصادر تهريب السلاح الى الصومال فالكل يعرف انه طيلة 16 سنة من الفوضى وغياب الدولة كانت الصومال ساحة مفتوحة لمهربي السلاح الذين يستخدمون الساحل البحري الصومالي الطويل لتهريب وإدخال السلاح والاتجار به، وقد تكون الصومال محطة ترانزيت لتجارة السلاح، ونحن نعي بشكل كامل هذا الأمر ومحاربة ومكافحة تهريب السلاح والمخدرات القادمة من البحر سيكون من أولوياتنا الهامة والملحة وسنبدأ بالإمكانيات المتواضعة ونتمنى من أشقائنا العرب مساعدتنا في هذا الجانب لان ذلك سيكون له مردود ايجابي كبير على الصومال والدول المحيطة به وكذلك الدول المتضررة من عمليات تهريب السلاح.. فسابقاً كان لدينا قوات بحرية تحمي السواحل لكنها انهارت مع انهيار النظام ولم يتبقَ منه شيء.
ممَ كانت تتكون القوة البحرية؟
قبل انهيار نظام سياد بري كان عندنا ثلاثة أساطيل بحرية.. أسطول في مدينة كسمايو في الجنوب وأسطول في العاصمة مقديشو وأسطول ثالث في مدينة بربره في الشمال، وكان كل أسطول يتكون من 12 قطعة بحرية مزودة بالصواريخ والرشاشات، وقد انتهى كل ذلك حيث تدمر آخر أسطول في بربره وظل قابعا في عرض البحر حتى غرقت كل القطع البحرية.
كم كان تعداد الجيش الصومالي قبل الانهيار؟
الجيش الصومالي في عام 1990م كان أكثر من 200 الف فرد عسكري من ضباط وصف ضباط وجنود موزعين على القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي وقد كان لدينا أسلحة دفاع جوي وطائرات حربية وكل ذلك تحطم وتدمر أثناء هجوم المليشيات المسلحة ودمروها وشلحوها وباعوها كقطع خام؟
والطائرات الحربية.. ماذا عنها؟
كان عندنا سرب من طائرات ميج 21 وميج 19 وميج 17 وسرب آخر جبناها من الكويت وهي طائرات انجليزية قديمة وطائرات عسكرية للشحن والتسليح وطائرات بطاريات أمريكية جي 22 وكل ذلك انتهى وما بقى منها فهو موجود حالياً في ايطاليا منذ انهيار النظام وتحتاج الى عمليات إصلاح كبيرة كما كان لدينا طائرات استطلاع للبحر الساحلي، وغيرها من المعدات العسكرية الخاصة بسلاح الجو والدفاع الجوي.. وقد انتهى كل ذلك وسنحتاج الى اموال طائلة لتكون سلاح الجو والبحر والدفاعات الجوية والى وقت طويل لاعادة هذه القوات كما كانت عليه، لكن طموحاتنا وآمالنا وعزيمتنا ستمكننا من تحقيق اهدافنا.
كيف تنظر الى مرحلة سياد بري من الناحية العسكرية؟
سياد بري كون أحسن جيش في القارة الإفريقية، فحينما كانت القارة الإفريقية مليئة بالصراعات كانت الصومال ومقديشو أكثر المدن الإفريقية أمانا وازدهارا وكان عام 1977 الفترة الذهبية للجيش الصومالي الذي دخل الحرب ضد اثيوبيا حيث تضررت حكومة سياد اقتصاديا والجيش لا يمكن ان يستمر قويا بدون اقتصاد قوي.. فلهذا بعدما عدنا من الحرب بدأت الجبهات المعارضة للنظام بالظهور وراح الضباط الذين هربوا من الجيش يشكلون الجبهات المسلحة وهربوا الى داخل اثيوبيا التي دعمتهم وحصلوا على مساعدة من الخارج، ومن هؤلاء الرئيس الحالي عبدالله يوسف والذي كان أول ضابط هاجر إلى أثيوبيا وكون جبهة ضد سياد بري حتى انهار الجيش تماما وكان هناك أخطاء ارتكبها سياد أدت إلى سرعة الانهيار العسكري.
مثل ماذا؟
عندما ظهرت بعض الجبهات المسلحة لنظام سياد قام بتغيير وزير الدفاع الفريق محمد علي سبوته والذي كان محبوبا من قبل أفراد الجيش وعين بديلا له الجنرال محمد سعيد مورجن الذي هو من قبيلة الماجرتن احد القبائل التي ينتمي إليها سياد بري.. الأمر الذي أثار حنق الكثير من قيادات الجيش والضباط الذين كانوا متواجدين في محيط العاصمة مقديشو فدعموا الجبهات المسلحة المعارضة وساهموا في إسقاط النظام وكان ذلك له دور مهم في تسهيل اختراق الأجهزة العسكرية لنظام سياد حتى انهياره عام 1991م..
مشكلة الأراضي تحتاج سنوات لحلها
حدد السيد محمود حسن علي جابو -عمدة مقديشو- الأولويات التي سيبدأ بها خلال الفترة المقبلة بالجانب الأمني والإداري.
وكان جابو يتحدث في مكتبه القريب من الساحل في العاصمة مقديشو كأول عمدة للعاصمة بعد انهيار نظام محمد سياد بري في الصومال مطلع تسعينيات القرن الماضي. لعل تحديات عديدة تقف أمامه وهو يدرك ذلك تماماً لكنه قال: إن لديه تصميماً على المضي قدماً لتنفيذ قرارات الدولة وبناء العاصمة من الصفر وإعادة الأمن والاستقرار لأبنائها. "جابو" هو الآن في الأربعين من عمره وهو من وسط هذا الواقع المأساوي يحاول -حسب ما قال- بناء الغد الجديد للعاصمة الصومالية "مقديشو" رغم إدراكه لكل التحديات.
في حواره مع صحيفة «26سبتمبر» تحدث عمدة مقديشو عن التحديات التي تقف في طريقه.. عن السلاح المنتشر في الأسواق وبيد المليشيات والمسلحين من المواطنين، عن الحوادث الأمنية التي تشهدها العاصمة مقديشو هذه الأيام.. كما تحدث عن التحدي الذي تمثله المحاكم الإسلامية وتداخلات القبيلة في الصومال وتشكيل المديريات في العاصمة وإعادة إعمار المباني الحكومية التي ظلت على مدار ستة عشر عاماً هدفاً سهلاً لكل العابرين.. وعن مشكلة الاراضي التي قال: ان حلها يحتاج الى سنوات من العمل الدؤوب.. وهذه هي الخلاصة:
تم تعيينك عمدة للعاصمة مقديشو.. ما هي أولوياتك الملحة الآن؟
اشعر بسعادة كبيرة أولاً لأن الحكومة الصومالية الآن في العاصمة الصومالية مقديشو، وأتطلع لعمر جديد تكون فيه الدولة هي الحاضر الأبرز وليس المليشيات أو التنظيمات المسلحة أو أمراء الحرب.. وبهذا الصدد فإنني باسم الشعب الصومالي اشكر كل من ساندنا حتى نقف هنا لبناء الدولة من جديد وإيقاف عمليات الانفلات الأمني وإعادة الاستقرار ولان الشعب الصومالي يشعر بالارتياح لهذه الخطوة، لذا فإننا مرتاحون وسنواصل العمل دونما ملل من أجل إعادة الحياة إلى العاصمة مقديشو بعد كل هذه السنوات من الضياع والاقتتال وغياب الدولة والذين ساندونا على مدار الوقت مثل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح حتى الآن نحن نشعر تجاههم وكل الشعب الصومالي بالارتياح.
بماذا تكمن احتياجاتكم الضرورية في العاصمة الآن حتى تقوموا بواجباتكم؟
هناك تدمير فظيع حل بكل المباني الحكومية في العاصمة.. وإعادة إعمارها يحتاج إلى المال، كما أننا في مقديشو نحتاج إلى مساعدات في مجالات معدات النقل للبلدية والإسكان وأجور مالية لدفعها للموظفين.. إلى ذلك فإننا قمنا بإعداد خطة أمنية للستة الأشهر من هذا العام 2007م (نصف سنوية) وتنفيذها يحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثة ملايين دولار ولهذا نحن نأمل من الأخوة الأشقاء مساعدتنا في كل هذا.
تشكيل المديريات ومكاتب الأمن والمحاكم في هذه المديريات.. إلى أين وصلتم بهذا الخصوص؟
يوجد في مقديشو (16) مديرية.. ونحن الآن في طور إكمال تشكيلها وتعيين المسئولين في هذه المديريات وكذا مكاتب الأمن والنيابات والمكاتب القضائية في هذه المديريات ولم يبقَ سوى الشيء اليسير لإكمال كل هذا.. فنحن نعمل ليل نهار، وكما تعرفون فإن ما خلفته الصراعات في العاصمة طيلة ستة عشر عاماً ليس بالأمر الهيِّن ويحتاج لثورة جديدة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه، ولهذا نحن نعمل من أجل ذلك ولدينا تصميم وهدف هو بناء الدولة الصومالية وإعادة الحياة إلى عاصمتها وهذا هو الهدف الذي حدده الرئيس عبدالله يوسف وعاهد الشعب الصومالي على العمل من أجله، وقد بدأ بالفعل بذلك بكل تصميم وإرادة كقائد سلام بعد كل هذه الحروب.
ماذا بشأن دفع الرواتب للموظفين وإيجاد التمويل اللازم للقيام بمهامكم.. هل تلقيتم دعماً عربياً أو أجنبياً من أجل ذلك؟
إن جميع الموظفين الآن في أمانة العاصمة مقديشو هم من المتطوعين، وقد بدأنا بالاعتماد على أنفسنا أولاً في إيجاد ولو الحد الأدنى من التمويل وذلك من الدخل الضريبي والجمركي الذي يوفره مطار مقديشو والميناء وكذا بعض رسوم الخدمات التي بدأنا بإعداد الخطة لتحصيلها.
أما بخصوص الدعم العربي أو الدولي فإنه حتى الآن هناك كلام كثير بهذا الجانب.. وما نلمسه حتى الآن هو استعداد حقيقي من الرئيس اليمني علي عبدالله صالح والحكومة اليمنية في هذا الجانب.. وما نأمله أن تقوم الدول العربية وعبر الجامعة العربية أو فردياً بمساعدتنا والوقوف إلى جانبنا في هذه الظروف الصعبة والحرجة التي نمر بها من أجل إعادة السلام والاستقرار وبناء الدولة في الصومال الذي يمثل بناء العاصمة (مقديشو) البداية الحقيقية لاستقرار وبناء الصومال كلها.. ذلك لأن المشاكل تتركز هنا في العاصمة وحل هذه الإشكاليات يعني الخطوة الهامة في عودة الروح إلى الجسد الصومالي في كامل مساحته الجغرافية.
ماذا عن الحوادث الأخيرة التي شهدتها العاصمة مقديشو مؤخراً وهل تعتقد أن المحاكم الإسلامية يمكن تجاوزها في هذا الوقت بالذات وخصوصاً في العاصمة؟
مازال هناك بعض المحاولات العدوانية بهدف النيل من الاستقرار أو لاخبار العالم أن الحكومة لا تستطيع بسط سيطرتها.. وكل هذه الأشياء هي في الحقيقة طبيعية في عاصمة ظلت طوال أكثر من عقد ونصف بيد أمراء الحرب وبعض المليشيات الذين سخروا كل إمكاناتها وقسموها كأملاك شخصية.
لكن أقول: إن المواطن الصومالي كان طوال الوقت هو الضحية.. ولهذا هو الآن أحرص على بناء الدولة والعيش تحت ظلها وهو وحده من يستطيع إيقاف هذه الأفعال النكراء.
أما المحاكم الإسلامية فإنه قد أصبح -كتنظيم- شيئاً من الماضي وهو الآن يرى بعينه توجهات الدولة الصومالية ويحاول إيجاد العثرات أمامها.. لكن ذلك يبدو صعباً عليه.. ولهذا أقول: إننا نحقق النجاح وبأقل الإمكانات.
هل لديكم إجراءات بشأن منع تجارة السلاح وإغلاق أسواق البيع المتواجدة في العاصمة؟
هذا الأمر سنقوم به خلال فترة تنفيذ الخطة الأمنية في الستة الأشهر القادمة وعليكم زيارة مقديشو بعد هذه الفترة وسترون بأعينكم إن كنت ما قلته قد حدث أم لا..
كيف يمكن تحديد المشاكل القبلية في العاصمة (مقديشو) وماذا بشأن مشاكل الأراضي؟
على الجميع أن يعرف أن الصوماليين يريدون الآن الدولة وليس مليشيات تحكمهم.. فقد ملوا هذا الأمر.
أما بشأن القبيلة في العاصمة فإنني أحددها بوضوح في قبيلة واحدة هي (قبيلة الهوية) التي خرج من رحمها معظم أمراء الحرب وكل قادة اتحاد المحاكم الإسلامية.. وهؤلاء فقط هم من أوجدوا المشاكل في العاصمة وهم الآن يريدون الاستمرار في هذا الفهم.
وإنني أقول هذا وأنا انتمي إلى نفس القبيلة (الهوية).. لكن الحق يقال: إن عشائر بعينها في إطار هذه القبيلة لا تريد رؤية دولة صومالية بل تريد أن تظل هذه العاصمة مجالاً لنهبها ومصالحها وهي المحتكمة بمصيرها.. لذلك ستستمر في خلق البلبلة ونشر القلق بين الحين والآخر.
أما بشأن مشاكل الأراضي فإن هذه القضية ذات أهمية كبيرة فقد خلقت ستة عشر عاماً من الاقتتال وتقسيم مقديشو تحت سيطرة أمراء الحرب.. مشاكل لا حصر لها.. وهناك العديد من المساكن أخذت من ملاكها الحقيقيين.. لكن أقول: إن هذه المشاكل لا بد من حلها.. وهي لاشيء غدا كبيراً أمامنا
الإعلاميون..قصة البحث عن المتاعب
رحلة الإعلاميين في الصومال شاقة.. إنها تعب لذيذ يسير مع عدسات الكاميرا على مدار الساعة.. في الصومال هناك حرب امتدت لسنوات طوال، وهناك ايضاً إعلاميون ينتشرون في الميدان للعمل ونقل الاحداث وسط مخاطر حقيقية.. وثمناً لنقل الحقيقة فقد العديد منهم حياته برصاصات طائشة في العاصمة مقديشو، حيث لعلعة الرصاص لا تهدأ. يصنف العمل الاعلامي في الصومال من اخطر الاعمال.. كون عاصمتها تحتل مرتبة متقدمة ضمن اخطر المدن في العالم.
وينتشر في الصومال مئات المراسلين للصحافة العربية والوكالات والتلفزيونات العالمية التي تعمل في الميدان وسط أجواء مشحونة بالتحديات العديدة.
والإعلام -الذي اصبح في الصومال جزءاً من الازمة الصومالية في الداخل- تجده يوماً بعد آخر يعمق المزيد من الاشكاليات خصوصاً في الشمال وتحديداً مدينة (هرجس)، حيث يتم بث ما يعمق الانفصال والاستقلال عن الجنوب في النفوس.. ومع ارتباط الصوماليين بالاعلام تكون النتائج كبيرة عليهم.. إذ يظل الراديو صديقاً دائماً لهم في رحلتهم الدائمة في الميدان وعليه يبنون مواقعهم.
وتوجد في الصومال العديد من الاذاعات والصحف الخاصة، ويقول علي عبد أواري مالك اذاعة وتلفزيون (S.B.C) ايضاً: ان العمل الاعلامي رغم صعوبته الا انه يقدم خدمة للمجتمع وشريك اساسي لنشر ثقافة السلام والمحبة وعرض المشاكل والازمات التي يمكن ان تكون من نتائجها تقديم العون لمحتاجين يعيشون ظروفاً صعبة.
الصحفي الصومالي علي حلني مراسل (B.B.C) وصحيفة «الشرق الاوسط» يدرك هذه المخاطر لكنه ينظر الى الامر كمهنة مهما كانت المخاطر لا يمكن استبدالها،و هو إذ يطالب بتوفير حماية للصحفيين باعتباره ايضاً نقيباً للصحفين هناك يرى ان العمل الاعلامي يبدو وسط ازمات الصومال الاكثر تضرراً وخطراً.
مواقف ومشاهد عديدة للاعلاميين في الصومال تتكرر يومياً.. اذ مازال مشهد قتل صحفي سويسري بالعاصمة شاهداً على حجم المخاطر مثلما مازال العمل هناك نوعاً من رحلة مضنية ترافق مراسلين لوكالات انباء دولية وتلفزيونات وصحافة مثل: رويترز والفرنسية و«الجزيرة» والواشنطن بوست والجارديان وصحف بالجملة تتواجد هناك، حيث الموت أقرب من عدسة الكاميرا للصحافيين!!
" مقديشو".. انتقام الفوضى!!
المدينة التي لاتتدفق فيها لعلعات الرصاص، ويطالها التدمير بوحشية القتل نفسه حتى غدت مقديشو بعيون وقحة.
العاصمة التي لا تنام منذ عقد ونصف من الزمن، مازال أهلها يكنون لها بقايا ذكريات في جوف العقل، لكن الزناد مازال ضاغطاً عليه القتلة والمتحاربون وما انفكوا يواصلون رحلة الهدم لمدينة كان لها تاريخ قديم.
بعد انهيار الدولة في الصومال في العام 1991م اضحت المدينة -التي كانت تأوي الصوماليين من الشمال الى الجنوب- أشبه بميدان للنار تتحرك فيها البنادق قبل الاقدام وتستباح مساكنها واحياؤها وثرواتها ممن احتضنتهم وكانوا يلقبونها بالعاصمة القومية.
كانت الفوضى تبدأ رحلة اقدامها من «مقديشو»، وكانت المدينة على موعد مع الفوضى غير الخلاّقة التي جعلت ما تحويه هدفاً للنهب والسرقة والانفلات الاجتماعي والهجرة والتسلل واللجوء والحياة بعيداً عن شاطئ كان يجمع العاشقين على جانبيه..
من الاستقلال من ستينات القرن العشرين حتى الانهيار - مطلع التسعينات من نفس القرن ظلت مقديشو العاصمة التي حكم فيها آدم عبدالله الصومال من 1961 - 1967م بطريقة ديمقراطية وبرلمانية وخلفه الرئيس عبدالرشيد شرماركي 1967 - 1969م حتى كانت على موعد جديد للانقلاب العسكري بقيادة الجنرال محمد سياد بري في ملامح مقديشو الديمقراطية ذهبت نعم.. لكن بريقها عقد السبعينات والثمانينات كان لايزال آسراً للكثير ومنها كان الموقف يبدأ بالدولة ليتغير الموقف بعد الانهيار الى موقف يبدأه أمراء الحرب الذين جاءوا على انقاضها.. من الجنرال محمد فرح عيديد مروراً بعلي مهدي محمد وحتى وصلت المحاولات لإقامة الدولة ل(13) محاولة.. ظلت الصومال مكاناً للحرب وظلت العاصمة مقديشو مكاناً لتجار الحروب والمليشيات المسلحة وزعماء الحرب الجدد الذين تقاسموها بالكيلو متر واقاموا على حاضرتها وقلبها نقاط تفتيش واتجاراً بتنقلات الصوماليين.
ان الانتقام لم يدع شيئاً في مقديشو.. الحرب التي كانت الشعار الدائم لمصالح المتحاربين ظلت تتوسع في التدمير والاقصاء والقتل والهدم لأركان الدولة ومؤسساتها التي غدت اليوم اشبه بأطلال تتناثر على الشارع الترابي الآسن.
أمراء الحرب كان لهم دار وسكن في العاصمة مقديشو.. ومن موانئها ونقاط التفتيش والضرائب ومدخلات المطارات راحوا يزيدون من شرائهم للاسلحة للحفاظ على مصالحهم، وكانوا حجر عثرة امام قيام اية حكومة صومالية.
كانت العاصمة مقديشو مكاناً للمواجهة الاولى بين زعماء الحرب واتحاد المحاكم الاسلامية الذي ظهر كقوة حقيقية مطلع العام 2006م وحاز -تحت الدعم القبلي -على السيطرة على العاصمة وهزيمة امراء الحرب الذين فقدوا الدعم القبلي لهم مقابل حصولهم على دعم خارجي.
وحتى في العام 2000م حينما تشكلت حكومة وطنية عقب مؤتمر (عرتا) في جيبوتي برئاسة عبده قاسم صلاد كانت المشاكل في العاصمة مقديشو.. وكان امراء الحرب سبباً في انهيارها وفشلها.
واليوم تجلس الحكومة الفيدرالية الانتقالية برئاسة عبدالله يوسف احمد في القصر الرئاسي بالعاصمة، لكن مقديشو لم تهدأ بعد ومازال دوي طلقات المدفعية وقذائف الهاون وأزيز الرصاص المتعددة الاشكال ينير ليلها المظلم ويريق دم ابنائها المسفوح لأكثر من عقد ونصف من الزمان.
مشكلة «مقديشو» -العاصمة- متعددة، تبدأ بالقبيلة، حيث اضحت مدينة تسكنها قبيلة واحدة هي «الهوية»، وفي اطارها يدور الصراع منذ عقد ونصف من الزمن.. تعمقت خلال هذه السنوات عمليات النهب والسيطرة على الاراضي واقامة المزارع الواسعة المساحة بعد ان كانت مدينة لكل العشائر الصومالية كعاصمة قومية فيها يجتمع الابناء من الشمال والجنوب..
تعيش العاصمة الصومالية «مقديشو» اليوم وضعاً متوتراً للغاية وتشهد شوارعها واحياؤها تفجيرات مفخخة وقذائف «هاون» وطلقات رصاص ومواجهات بشكل يومي.. فالقوات الاثيوبية التي تقف اليوم لحماية الحكومة الفيدرالية الانتقالية في العاصمة تواجه مقاومة خاصة من قبل المحاكم الاسلامية الذين مازالوا يتواجدون في المدينة.
وهناك مصالح عديدة لتجار ومتنفذين يشعرون ان قيام حكومة صومالية سيكون على حساب فقدانهم لمصالحهم.. وامراء تعيش في اضطراب دائم.
مشكلة الاراضي احدى هذه المشكلات المهمة، وقال حسين عيديد ل«الصحيفة»: ان (16000) اسرة في العاصمة مقديشو تسكن في اماكن مملوكة لآخرين.. علاوة على ذلك هناك سلاح أضحى اكثر عدداً من سكان العاصمة انفسهم، وهذا السلاح خطر حقيقي على العاصمة.. كذلك فإن التعليم الذي ظل غائباً لعقد ونصف من الزمان بسبب غياب الدولة حل مكانه تعليم ديني متشدد اصبح له طلاب جدد ينتمون الى تنظيمات وتشكيلات حزبية دينية متعددة،الى ذلك فإن التجار اصبحوا اكبر من أية حكومة في مقديشو، وهم من يشكلون التحالف الاهم والاقوى في الصراع والسلم في العاصمة.. وهي حتى اليوم لا تهدأ لهكذا اسباب.
وفي مقديشو ايضاً كان رأس المال يتحرك بسرعة لتجار وجدوا ارضاً خصبة للتجارة غير المقيدة.. وميداناً فسيحاً للعب على اجساد ضحايا صوماليين يقتلون بسلاح ثمنه من عائدات مصالحهم ومنشآتهم.
اليوم من يرى مقديشو يصب بالحسرة وكثير من الالم.. من يرى السلاح وتجار الحروب لا يجد عاصمة تتوسد على بحر طويل.. واليوم من يسيطر على مقديشو.. يسيطر على الصومال.. وعندما تهدأ مقديشو ستكون الصومال حينها آمنة ومستقرة.. فمن مقديشو تبدأ النار ومنها تنطفئ وبين الموت بالنار والحياة بالسلام.. يقرأ الصوماليون العناوين بسهولة ويسر من العاصمة مقديشو..
سفر في اقتصاد منهوب
قصة الثروة الاقتصادية في الصومال طويلة.. غير انها بالمختصر ظلت منهوبة من قبل زعماء الحرب وغيرهم من حيتان ما بعد انهيار الدولة.
فالصومال -التي تملك منشآت اقتصادية هامة: موانئ ومطارات وثروة بحرية- ظلت بعد انهيار نظام محمد سياد بري في يناير عام 1991م مجالاً للنهب الذي قاده أمراء الحرب حتى أصبحوا تجار سلاح وحروب وأضحوا العقبة الكأداء امام قيام اية حكومة وطنية في الصومال.
واذا كان البعض يتساءل كيف استمرت ؟ ولماذا الحرب في مقديشو لعقد ونصف من الزمان ومازال مستمراً.. فإن الاجابة ان المصلحة الشخصية والاستحواذ على مقدرات الدولة المنهارة اصبح يُدِر ذهباً ولؤلؤاً على البعض الذين احالوا الصومال بسبب دفاعهم المستميت عن مصالحهم الى ترسانة سلاح.
القطاعات الاقتصادية التي تمثل كمورد للدخل الاقتصادي تتمثل في الموانئ: (بربرة)، (بصاصوا)، (مقديشو)، (المعن)، (كسمايو)، وحسب الاحصاءات التي أوردتها تقارير دولية منها تقرير مجلس الامن فإن الدخل السنوي لميناء بربرة خلال عام 2004م بلغ (14) مليون دولار وميناء بصاصوا (9) ملايين دولار، وميناء المعن (30) مليون دولار، وميناء كسمايو (7) ملايين دولار، وان التقديرات لما سيحققه ميناء مقديشو الذي تسيطر عليه الحكومة حالياً،و كان قد اعيد افتتاحه اثناء سيطرة المحاكم الاسلامية على مقديشو سيزيد عن (30) مليون دولار سنوياً.
اما في مجال المطارات فقد تم اعادة فتح مطار مقديشو في 15يوليو 2006م من قبل المحاكم الاسلامية وهو مازال الآن يعمل بعد ان أجريت له العديد من الاصلاحات والترميمات بعد ان اغلق لمدة (11) عاماً.. وتفرض رسوم بمعدل (20) دولاراً على كل مسافر عند الدخول الى المطار ومغادرته، وعلى الشحنات الوافدة والموجهة الى الخارج وتوفير الامن والهبوط.. وقال مسؤولون صوماليون للصحيفة: ان متوسط الايرادات الشهرية التي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.