عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    موعد الضربة القاضية يقترب.. وتحذير عاجل من محافظ البنك المركزي للبنوك في صنعاء    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    صحفي سعودي: ما بعد زيارة الرئيس العليمي إلى مارب لن تكون اليمن كما قبلها!    لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    يوميا .. إفراغ 14 مليون لتر إشعاعات نووية ومسرطنة في حضرموت    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



26سبتمبرتواصل نشر ملف الصومال الان..2
نشر في 26 سبتمبر يوم 22 - 02 - 2007

أمريكا تحلق في الجو الصومالي من جديد..ذكريات طائرات «البلاك هوك» التي كانت في العام 1993م تقوم بعملية «إعادة الأمل» لاتزال عالقة في الذهن الامريكي حتى الآن.
الجنرال محمد فارح عيديد كان الهدف والعدو في العملية.. فيما النتائج كانت مقتل (18) جندياً امريكياً وجرح العشرات.
لقد كان الجنرال «عيديد» الأب يقود حرباً في مقديشو ضد جنود المارنز والكمندوز وكان الجندي الأبن حسين محمد فارح -الذي كان أكمل لتوه عقده الثاني- حينها ضمن فيلق البحرية الامريكية الذي يخوض حرباً ضد صدام حسين في الكويت.
هل شاهدتم الفليم الامريكي «سقوط الصقور السود» وهو يعيد تفاصيل إعادة الأمل.. الجندي الأمريكي الذي سقط من على المروحية الامريكية، حينما خانته مظلته.. ليقع على الأرض وفي جعبته ذكريات فتاة تنتظره في ولاية «فرجينيا»..!!
إنها ذكريات (2400) جندي أمريكي راحو يستخدمون النار حيثما البارود المشتعل وربما في المكان الخطأ..!!
قصة «عبدي» العميل الصومالي الذي كان يتقدم للكشف عن مكان «عيديد» وفي سحنته خوف وعرق يتصبب.. تارة يتظاهر بتعطل سيارته وأخرى يسكت عن الرد على القائد الامريكي بجهاز اللاسلكي.
إذاً ليس للصوماليين سر يختفي.. كان العملاء المحليون جزءاً من أنصار «عيديد»، وكانت العملية أشبه بمغامرة دفع ثمنها الامريكيون.. وكثير من المرارة والألم مازالت عالقة في الاذهان حتى الآن.
لا تغيب المشاهد نهائياً عن الأذهان.. قصة سحل جندي امريكي في شوارع مقديشو.. كان المنظر مؤلماً بالطبع.. لكنه للصوماليين كان أشبه بمنظر لذيذ في طعمه.. مريح للأعين..!!
ربما هي الكبرياء الصومالية.. لنقل العناد الذي إذا ما ظهر يصبح أشبه بلعبة قمار.. وفي المحصلة يقولون: ليس لدينا ما نخسره.
المشاهد نفسها تتكرر في بعض التفاصيل الآن.. لكنها طائرات «البلاك هوك» العمودية الأكثر حداثة تضرب في الجنوب الصومالي.
لم يُسقط الصوماليون طائرات «البلاك هوك» هذه المرة في الجنوب ولم يعد الأمر المهم إسقاطها.. قدر أهمية أن يكون المقابل على الأرض دعم لشعب أخذ نصيب الكرة الأرضية من المهانة، وآن له يستقر تحت ظل الدولة.
اليوم.. في مقديشو القتل يطال الصوماليين بعبوات ناسفة وقذائف هاون.. والقاتل والقتيل صوماليين..
اليوم.. لا يورانيوم في «جوهر» أو «دوسامارب» يمكن أن يضيف حناناً الى الاقتصاد الصومالي القاسي بطبعه.. فالصراع عليه أصبح أكبر من قدرة الصوماليين ما بين واشنطن وطهران.
لا بحيرات نفط إلاّ في تقارير الأمم المتحدة، فيما تطفو على السطح بقع الدم واشكال الدمار.. واحقاد وثارات تتوالد من رحم القبيلة المصاب بالجدري.
ما بقى للصومال غير جلد وعظم منحني.. بعضهم راح يهرب من القتل في مقديشو، فوجد نفسه في جوف حوت قرش في البحر.. وضحية لقراصنة لا ترجمة لديهم للرحمة..!!
ماذا بقي إذاً.. وماذا يحتاج الصوماليون من واشنطن؟
بالطبع ليس مزيداً من الطائرات..
ولا مزيداً من التجاهل.
فالطائرات لا تشبع جائعاً في احراش الجنوب ولا تمنح قمحاً لسكان مقديشو، بل تزيد من المأساة وتجسد آلام الفرقة وتعمق الكراهية.
كذلك ليس التجاهل حلاً.. ولا التدخل في الصومال مزاجاً متى ما سنحت فرصة لكسب نصر سياسي لهذا الطرف أو ذاك.
إن ما يحتاجه الصومال اليوم هو إثبات جدية أمريكا في دعمها ومساندتها المالية العاجلة ولو بالخمس مما ينفق في افغانستان.
لقد مات الجنرال «عيديد» العدو.. وبقى الجندي الإبن حسين محمد فارح عيديد.. الحليف والصديق الذي يحمل الجنسية الامريكية وأحد جنود بحريتها.
لكن هل انتهت مشاهد «البلاك هوك» و«إعادة الأمل» ومناظر السحل من الأذهان..؟ يجب أن تنتهي.. ويجب أن يكون الدور القادم سخاء في التسامح مع «عبدي
الإسلاميون في الصومال..بحث في كومة مسميات :
مثلما كان انهيار الدولة مطلع يناير من العام 1991م مدخلاً للصوماليين نحو الفوضى الشاملة.. كانت الحركات الإسلامية والمسميات نتائج أخرى لما بعد الانهيار؛ فرغم أن الصومال، الذي حصل على الاستقلال مطلع ستينات القرن العشرين من الاستعمار البريطاني والايطالي، وتوجد فيه تعددية سياسية، إلاَّ أن أي اعلان لميلاد حزب سياسي إسلامي لم يظهر إلى العلن.
وعندما خلف «آدم» الرئيس عبدالرشيد شرماركيه 1965 - 1969م حتى تم اغتياله على يد أحد مرافقيه في المناطق الصومالية الوسطى. كذلك ظل ظهور الاحزاب الدينية غير موجود رغم عدم وجود نص قانوني يحرم أو يحظر ذلك.. ومع نهاية عقد الستينات وعقب اغتيال الرئيس «شرماركي» قام الجنرال محمد سياد بري بانقلاب عسكري غيّر معالم الدولة الديمقراطية الصومالية ودخوله في عقد السبعينات في حرب شرسة راح ضحيتها بالآلاف مع أثيوبيا دون أن يكون له خطة واضحة في تلك الحرب.
ومع نهاية عقد الثمانينات، التي كانت بمثابة الأيام الاخيرة لجلوس سياد بري على الحكم في الصومال قبل انهيار الدولة، بدأت المسميات الإسلامية بالظهور في الصومال، وقد كانت البداية ظهور «الاتحاد الإسلامي» نهاية العام 1989م كاسم، غير أن تواجده وحضوره وبروزه في الواقع كان في العام 1992م عندما حاول الاتحاد الإسلامي بقيادة حسن طاهر أويس الإستيلاء على السلطة فيما يعرف الآن ب«ولاية بونت لاند» الفيدرالية.. غير أن مواجهة شرسة قادها في ذلك الحين الرئيس الحالي للحكومة الصومالية عبدالله يوسف أحمد ضد الاتحاد الإسلامي أسفرت عن هزيمة الاتحاد وإفشال محاولاته بتولي السلطة في بونت لاند، الأمر الذي خلق عداوة شخصية بين الرئيس يوسف والعقيد المتقاعد الشيخ أويس مازالت تراكم احقادها حتى الآن.
ويُتهم الاتحاد الإسلامي بقيامه بالعديد من العمليات الارهابية في شرق أثيوبيا عبر تعاون تام مع جبهة أوجادين الوطنية التي وحدت طموحاتها تأييداً من الاتحاد الإسلامي.
وقد أعلن الاتحاد الإسلامي مسؤوليته عن عدد من الهجمات على فنادق أثيوبية في «ديرداوا»، «هرار» فضلاً عن أديس أبابا، وكذا عمليات قتل استهدفت مسؤولين.
وقد توقفت -حسب ما تشير المصادر- هذه الهجمات عندما عبرت قوات الحكومة الأثيوبية الى إقليم «قديو» وطردت الاتحاد الإسلامي من «دولو» و«لوق» موقعة (200) قتيل من بينهم (19) مجاهداً أجنبياً بعضهم من باكستان وأفغانستان.
قرر الاتحاد الإسلامي -بعد محاولة استهدفت حياة الشيخ أويس بالقرب من مقديشو العام 1997م- وقف النشاط الدولي عبر الحدود الصومالية وتحول نشاطه الى مشاريع اجتماعية داخل الصومال عن طريق محاكم إسلامية جرى تشكيلها في بدايتها من أجل حل الخلافات القبلية ومنع السرقات وتنظيم الحياة الاجتماعية وتوفير الأمن و حفظ الحياة العامة وفق الاحكام المستمدة من الشريعة الإسلامية.
لكن المحاكم الإسلامية، التي بدأت كحاجة اجتماعية، سرعان ما تحولت إلى تنظيم إسلامي سياسي في الصومال له قوات مدربة وعربات عسكرية، الكثير من المتابعين يؤكدون انها كانت مع الاتحاد الإسلامي مثلما ظل قادة الاتحاد الإسلامي أيضاً مسؤولين في التنظيم الإسلامي الجديد المسمى بالمحاكم الإسلامية.
وحسب مصادر خاصة فإن العنصر السلفي المتشدد كان الأكثر تنظيماً في المجلس الأعلى للمحاكم الإسلامية ولكنهم لا يشكلون أغلبية ولا تنظيم الاتحاد الإسلامي.
ومثلما جاءت المحاكم الإسلامية من رحم الاتحاد الإسلامي.. فإن المحاكم الإسلامية أنجبت تنظيمات إسلامية متعددة كانت تشكل قوامها التنظيمي.
ولعل أبرز هذه التيارات هو تنظيم الشباب وهو تنظيم جهادي بقيادة أدن حاشي عيرو أحد أبرز حلفاء الشيخ أويس ومقاتل سابق في أفغانستان.
ورغم تزعم «عيرو» لمجموعة جهادية مسؤولة عن عدة حوادث قتل لخصوم الشيخ أويس خلال الاعوام 2004 - 2006م.. إلاّ أن هناك مصادر تقول بأنه يقود مجموعة الشباب، وهي مجموعة تلقت تدريباً عالياً لتنفيذ مهام جهادية معينة، وتدور حالياً مخاوف كبيرة في العاصمة مقديشو من هذه المجموعة التي سبق أن نفذت عديد اغتيالات ولديها قوائم أسماء تستهدفها خلال الفترة المقبلة، حسب ما كشفته مصادر خاصة.
وتعد مجموعة الشباب ذات تأثير كبير داخل المحاكم الإسلامية وكانت لها نفوذ وسيطرة في اطار التنظيم والمسؤولة عن المقاتلين الأجانب داخل قوات المحاكم الإسلامية.
غير ما سبق فقد ظهر للعلن «أهل السنة والجماعة» وهو تنظيم صوفي يوصف بالاعتدال.. وحسب مصادر صومالية مسؤولة التقينا بها، أكدت أن رئيس المجلس التنفيذي للمحاكم الإسلامية شيخ شريف شيخ أحمد كانت نشأته الأولى في إطار أهل السنة والجماعة، وقد كان يقتدي بتعاليم الشيخ المصري «قطب».
وكان، بلا ريب، يتطلع الى دولة إسلامية وقوانين شرعية في الصومال، إلاّ أنه أكثر استعداداً للتكيف مع التأثيرات الغربية والعالم العصري.
على صعيد متصل كشفت لقاءات جرت مؤخراً بين قيادة ومسؤولين في تنظيم أهل السنة والجماعة مع مسؤولين بارزين في الحكومة الفيدرالية قبل أيام عن إعلان تأييد هذه الجماعة للحكومة وتوجهاتها.
وحسب مصادر فإن لأهل السنة والجماعة مؤيدين كُثر، خصوصاً في العاصمة مقديشو.
هناك أيضاً العديد من المجموعات المعتدلة في مقديشو أبرزها: «الإصلاح» التي شاركت بشدة في الحكومة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالقاسم صلاد، وكان لهم حضور واضح في مؤتمر عرتا بجيبوتي. ورغم تصنيف أثيوبيا لها بأنها منظمة إسلامية متشددة إلاَّ أنها تبقى مثل الشيخ شريف ملتزمة بأسلمة أوسع للصومال وإرساء قانون الشريعة، كما أنها أيضاً ملتزمة بسياسات اللاعنف ولم تقدم أي دعم لسياسات الاتحاد الإسلامي الأكثر راديكالية.
وهي تقر بالحاجة الى بعض العناصر المجددة وتؤكد الحاجة الى إجراء اصلاحات في الإسلام لمواجهة التحديات المفروضة في العصر الراهن.
على أنه ما يجب أخذه في الاعتبار هو أن المحاكم الإسلامية عندما كانت تسيطر على العاصمة بعد انتصارها على أمراء الحرب قامت بحظر اجتماع لمجموعة الإصلاح كانت تعد له في العاصمة مقديشو.
وينحدر أمين سر مجموعة الإصلاح الدكتور ابراهيم دسوقي، شأنه شأن العديد من الاعضاء البارزين للمجموعة، من قبيلة الهوية/ شيخال الصغيرة، ولكنها تلقى احتراماً على نحو كبير.. وتحظى «الإصلاح»، كذلك بتأييد لا يستهان به في أوساط المهنيين والتكنوقراط فضلاً عن تأييد من داخل المحاكم الإسلامية.
وتُعد جماعة الإصلاح من المعارضين لسياسات المحاكم الإسلامية، خصوصاً مجموعة الشباب والمتشددين داخل المحاكم.. وتقول مصادر خاصة للصحيفة: إن اللقاءات التي جمعت مسؤوليها بمسؤولين في الحكومة الفيدرالية الحالية لكسب تأييدها مؤخراً جعل الموقف الذي ظهر من جانب قياداتها في بيان رسمي هو ترحيبها بالحكومة مع معارضتها للتواجد الأثيوبي.
وفي شمال الصومال (أرض الصومال)، التي يوجد فيها تعددية سياسية لثلاثة أحزاب، يحظر القانون هناك إنشاء احزاب إسلامية.. فيما الوضع في ولاية بونت لاند الفيدرالية انعكاساً للحكومة المركزية.
والحقيقة أن تجربة الإسلاميين في الصومال تحتاج الى دراسة جادة، مع الأخذ في الاعتبار التركيبة المتجانسة للصوماليين كون جميعهم سنيين ينتمون الى المذهب الشافعي، وأن انهيار الدولة كان سبباً لظهور مدارس التعليم الديني، علاوة على أن الصوماليين بطبيعتهم يميلون الى إظهار علاقتهم المتشددة بالدين.
مهمة أمريكية للبحث عن "أوي"
تقوم واشنطن بمهمة عاجلة في الصومال للقبض على الشيخ حسن طاهر أويس أحد المطلوبين المتهمين بعلاقته بتنظيم القاعدة والقيام بأعمال ارهابية.
وحتى الآن مازال الشيخ أويس مختفياً منذ هزيمة المحاكم الاسلامية على يد القوات الحكومية دون أن يظهر عنه أي تصريح جديد..
في الوقت الذي مازالت العاصمة مقديشو تشهد تفجيرات وهجمات تستهدف القوات الحكومية والرئيس عبدالله يوسف والقوات الأثيوبية المتواجدة هناك..
كذلك فإن الشيخ أويس رئيس شورى المحاكم المطلوب أمريكياً على وجه السرعة والتي ترجع العديد من المصادر تخفيه في الاحراش الجنوبية للصومال، مازال بصحبته العديد من المتشددين والمجاهدين العرب يتم التنسيق معهم لشن الهجمات في العاصمة مقديشو ومدينة كسمايو واماكن اخرى.. وفي الوقت الذي كانت طائرات حربية أمريكية قد قامت بعمليات قصف عنيفة في المنطقة المحاذية للحدود الكينية التي تشتبه واشنطن بنزوح قادة المحاكم اليها مازالت القطع البحرية الأمريكية وطائرات الاستطلاع تواصل البحث فيما يقوم خبراء أمريكيون بتشريح الجثثت التي عثر عليها اثناء المواجهات العسكرية للقوات الحكومية والأثيوبية مع قوات المحاكم الاسلامية.
وترجح مصادر خاصة ل(الصحيفة) تواجد الشيخ أويس في إقليم (N.F.D) الصومالي والذي تسيطر عليه (كينيا) ويسكنه صوماليون ينتمون الى قبيلة (الهوية).
ويمتلك الشيخ أويس -العقيد المتقاعد في الجيش الصومالي قبل انهيار الدولة مطلع التسعينات من القرن العشرين- خبرة على طريقة قتال العصابات اكتسبها خلال قيادته للعديد من المجاهدين ضد أثيوبيا وكذا عند تأسيسه للإتحاد الإسلامي في العام 1992م. ثم مع المحاكم الإسلامية التي أصبح بعد انتصارها على أمراء الحرب رئيس مجلس الشورى.
أظهر الرابع والعشرون من يونيو 2006م صعود الشيخ أويس الى مراتب الشرف الى درجة أن زعماً بأن هيئة الشورى لم تجتمع وان جميع القرارات التي اتخذت حتى وقوع المواجهات العسكرية مع القوات الحكومية والاثيوبية كانت على مستوى الأمر الشخصي للشيخ أويس..
الشخصية الابرز من بين حلفاء الشيخ أويس هو أدن حاشي عيرو قائد مليشيات محكمة افكاحلان ومقاتل سابق في افغانستان، وقد ترأس (عيرو) مجموعة جهادية مسؤولة عن عدة حوادث قتل لخصوم الشيخ أويس خصوصاً خلال الاعوام 2004- 2006م بالاضافة الى تزعم (عيرو) مجموعة (الشباب) وهي مجموعة كرست للتدريب لتنفيذ مهام جهادية معينة..
كذلك فإن من بين المقربين ل(أويس) الشيخ يوسف أندعدي حاكم شبلي السفلى اثناء المحاكم.. وكذ الرئيس السابق عبدالقاسم صلاد ورجل الاعمال المعروف ابو بكر عمر عدني الذي كان يدير ميناء (عيل معان). وتشير تقارير امريكية الى ان الشيخ اويس شارك بوصفه قائد الجناح العسكري للاتحاد الإسلامي في اواسط التسعينات في سلسلة من العمليات الإرهابية في شرق اثيوبيا عبر تعاون تام مع جبهة تحرير أوجادين التي وجدت طموحاتها تأييداً من الاتحاد الاسلامي.
وذكرت التقارير ذاتها أن نشاطات الاتحاد الإسلامي توقفت عندما عبرت قوات أثيوبية الى إقليم (قديو) حيث كان يتمركز أويس وقواته لتقوم بطرد الاتحاد الإسلامي وقتل (200) من قواته من بينهم (19) مجاهداً عربياً بعضهم من باكستان وافغانستان.
علاوة على تعرضه لمحاولة اغتيال في العاصمة مقديشو عام 1997م، ليقرر وقف نشاطه خارج الصومال والتحول الى المشاريع الإجتماعية داخل الصومال عن طريق المحاكم الاسلامية.
وينفي الشيخ حسن طاهر أويس أية علاقة له بالقاعدة، الا أنه ذهب في تصريح صحفي الى درجة مقارنة الشيخ اسامة بن لادن بنلسون منديلا..
وينتمي الشيخ أويس الى قبيلة (الهوية/ هبرجدر/ عير/ ايانلي).
ومعلوم أن هناك عداوة شخصية بين الرئيس عبدالله يوسف والشيخ أويس تعود الى العام 1992م عندما قام الرئيس «يوسف» بافشال محاولة الاتحاد الاسلامي تولي السلطة في اقليم (بونت لاند) بالقوة العسكرية وقتل العديد من انصار الشيخ أويس.
وفيما يبلغ الشيخ أويس الستين من عمره تواصل طائرات امريكية بدون طيار عمليات التعقب والمراقبة ل(أويس) وحلفائه في الجنوب الصومالي.
وذكرت مصادر محلية في مقديشو أن قيام الحكومة بالاتفاق مع التجار سيضعف من قوة الشيخ (أويس) علاوة على نجاح مساعي الوساطة لعودة العديد من قادة المحاكم الموصوفين بالاعتدال للعب دور سياسي في الحكومة الصومالية الحالية..
شيخ شريف.. أي وجهة يختار؟
تبدو الخيارات المتاحة أمام شيخ شريف شيخ أحمد رئيس اللجنة التنفيذية في اتحاد المحاكم الاسلامية غير مفتوحة لإتخاذ قرار جديد حيال قيامه بدور سياسي في الحكومة الصومالية، والدال على ضيق الخيارات يبدأ كونه خرج لتوه من معركة خاسرة أمام الحكومة بمساندة أثيوبيا.. وثانيها أن حواره مع واشنطن عبر سفيرها في العاصمة الكينية (نيروبي) علاوة على أنه جاء متأخراً فإنه يدرك أن هذا الحوار لاتعد نتائجه وحتى اتفاقياته -إن صحت التسمية- غير ملزمة للقيادات الأخرى في اتحاد المحاكم الاسلامية وخصوصاً جناحها المتشدد الذي يمثله العقيد المتقاعد حسن طاهر أويس رئيس مجلس الشورى المعني برسم السياسات ليبقى دوره هو تطبيق توجيهات مجلس الشورى.
وثالثها أن خلافاته مع العديد من قادة المحاكم منهم أدن حاشي عيرو ويوسف أندعدي وآخرون راديكاليون ستظهره للعلن كعدو لدود لهذه القيادات خاصة وأن اندعدي قائد لمجموعة الشباب التي تضم في صفوفها العديد من المجاهدين المتشددين (قرابة 400) مقاتل معظمهم من العائدين من أفغانستان وسبق أن قاموا بالعديد من عمليات الاغتيال ضد خصومه من الصوماليين، خصوصاً خصوم الشيخ أويس.. وهذا يجعل مصير حياته في خطر.. ورابعها أن خياراته المفتوحة الآن والمقدمة من الحكومة الصومالية لاتبدو فيها عروض مغرية.. فمن جانب فإن رئيس الوزراء علي محمد جيدي الذي ينتمي لنفس القبيلة (الهوية) سيكون خصمه هنا، لأن عودته تعني هنا أن تبوءه منصاباً سيكون على حساب مقعده كرئيس للوزراء.
وخامساً فإن شيخ شريف الذي ظل معارضاً لدخول قوات افريقية وقد وصلت طلائعها الأوغندية والروندية الصومال مازال يرى التواجد الأثيوبي على الأراضي وسيكون من الصعب عليه لعب دور فعَّال في هكذا ظروف.. وسادساً فإن الغالبية ممن كانوا يشكلون ثقله العسكري من الميليشيات يجري الآن ضمهم في الجيش الحكومي فيما أصبح ثقله داخل عشيرته (الأبقال) ضعيفاً خصوصاً بعد لقاء الرئيس عبدالله يوسف ابرز قادتها منهم الرئيس السابق علي مهدي محمد.
لذلك قد تبدو الخيارات التي أمامه محدودة في الشكل الأعم.. غير أن هذا لايلغي بالمقابل إيجابيات لعودته لعل أولها امتلاكه لمعلومات ذات أهمية عن مكان تواجد الاسلحة والمعدات العسكرية ومجاهدين وبعض القادة المتشددين للمحاكم الإسلامية وعن كشف أدوار عديدة قامت بها دول عربية أو افريقية وخارجية عموماً أثناء فترة سيطرة المحاكم الإسلامية على العاصمة و العديد من مدن الوسط والجنوب.
كذلك فإن عودته ستمثل تأكيداً واقعياً أمام المانحين والراغبين للمصالحة الوطنية الصومالية والذي يبدي العديد منهم تحفظاته لهذه الأسباب، ويمكن قراءة ذلك من الضغوط التي تمارسها واشنطن والاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص علاوة على دول عربية.
لهذا سيكون خيار شيخ شريف (43) عاماً -حسب ظني- العودة الى مربعه الأول قبل مفاوضات الخرطوم وربما الى بداية مواجهات المحاكم الاسلامية مع أمراء الحرب في النصف الاول من العام 2006م.
والراجح أن خصوماته حتى مع العديد من أمراء الحرب لم تنته بعد، وان العودة الى العاصمة مقديشو المسكونة بمعظم ابناء قبيلته (الهوية) سيكون تحدياً آخر أمامه، فإن استطاع حل الأمر في اطار عشيرته (الابقال) فإن الأمر لن يكون سهلاً أمامه وقد تؤي للتصادم مع العشائر الأخرى خصوصاً (العير).
ينتمي شيخ شريف الى قبيلة (الهوية/ مودلود/ أبقال/ هرتي/ أوغنيري).
قد تبدو التفصيلات الصغيرة عصية على الفهم بسهولة غير أنه من الواضح يبدو شيخ شريف حائراً الآن في اتخاذ القرار وان ضغوطاً فوق طاقته تنهال عليه وهو حائر أيضاً في صدها.
في نيروبي وعقب لقائه بالسفير الأمريكي قال شريف في مقابلة مع (B.B.C) بالصومالية: إنه على تواصل دائم مع قيادات المحاكم الاسلامية واشار إلى أن جميعهم بخير.
والراجح -حسب مصادر خاصة- أن هذه المقابلة جرت خلسة دون علم الامريكان وكذا الكينيين، في حين كان قبل هذا اللقاء بالتصريح عبر الهاتف لقناة الجزيرة ينفي فيه وجود أي أسرى لدى المحاكم الإسلامية من الأمريكيين.. وحسب ظني فإن هذا التصريح كان متفق عليه.
لقد كان خيار شيخ شريف بالذهاب الى اليمن أفضل الطرق المتاحة أمامه.. ذلك أنه ربما يدرك قبول المساعي والمبادرات اليمنية في الصومال، وان الحفاوة والترحاب ستكون هنا أفضل واقرب الى نفسه وهو الذي كان قبل أيام من اندلاع المواجهات في «عدن» يلتقي الرئيس علي عبدالله صالح الذي قدم له النصح والمشورة حينها وهو الآن يتذكر معناها و مدلولاتها وعلى نسقها الآن يبدو تفاؤله في تحقيق حل مرضٍ له.
شيخ شريف المولود في 25 يوليو 1964م في احدى قرى منطقة مهداي على بعد 120 كم الى الشمال الشرقي من العاصمة مقديشو في أسره غلب عليها التصوف.. يقف للمرة الثالثة حائراً.. حاملاً في جعبته استقرار مقديشو يوماً ما وأعمال خير وتكافل مع تقليب صفحات كانت فيها أخطاء وهفوات.. والكثير من بقايا ذكريات قديمة لمدرسته الثانوية (الصوفي) التابعة لجامع الازهر والتي كانت تدرس باللغة العربية، في (جوهر) ودراسته الجامعية في السودان وليبيا للشريعة والقانون.. وعديد ذكريات.. ذات صلة بعمله مع أمير الحرب محمد ديري الذي ينتمي لنفس عشيرته المسيطر حينها على مدينة (جوهر) وذلك ضد حكومة عبدالقاسم صلاد.. ثم خلافه معه وتوجهه الى مقديشو للتدريس في مدرسة (جبة) الثانوية والى جانب ممارسته التجارة حيث أسس مع شركاء محلاً لصناعة الحلوى لينفق فيه على معيشته.
ذكريات اختطاف احد تلاميذه في العام 2003م ونقطة تحوله الى العمل الاجتماعي المرتبط بأمن واستقرار الحي الذي تقع فيه المدرسة لتبدأ المحكمة الأولى من هناك واتسعت حتى أضحت كياناً تقع تحت سيطرة مقديشو كلها والعديد من مدن الوسط والجنوب.
ومازال له ذكريات غزيرة.. لكنه الآن للمرة الرابعة حائر أي طريق يسلك؟ وأية وجهة يختار؟

الصومال - أثيوبيا.. سيرة جوار ساخن
أثيوبيا الآن على الأرض الصومالية.. ربما التاريخ يعيد أحلام الماضي، لكن الحقيقة التي نشاهدها هي أن أثيوبيا هذه المرة تواجدت بالصومال بضوء أخضر أمريكي..ليست المرة الأولى لها في الصومال.. الذكريات لسفر الجوار الساخن يمتد لأكثر من قرن من الزمان.
لكن هذه المرة هناك اختلاف في طريقة دخول أثيوبيا، لقد جاءت بطلب من الحكومة الفيدرالية الانتقالية لمساعدتها في مواجهة اتحاد المحاكم الاسلامية الذي أصبح بعد انتصاره على أمراء الحرب في يونيو من العام الماضي القوة الأولى في الصومال التي تسيطر على العاصمة ومدن الوسط والجنوب، حتى أصبحت الحكومة الفيدرالية محاصرة في مدينة (بيدوا).
لهذا يمكن النظر الى العلاقات الصومالية الاثيوبية من اتجاهات متعددة.. فالعلاقة مع الحكومة الفيدرالية الانتقالية التي يرأسها عبدالله يوسف احمد تبدو جيدة الآن ويظهر الوسيط في احتضان العلاقة والتأكيد عليها من قبل رئيس الوزراء الحالي علي محمد جيدي.
غير أن الحكومة والبرلمان لم تخلوا من أصوات معارضة للتواجد الأثيوبي.. وقد كان من نتائج هذا الأمر إقالة وزراء منهم امرأة هي الآن عضوة في البرلمان: فوزية شيخ وكذلك إقالة رئيس البرلمان السابق شريف حسن شيخ الذي اتخذ من جيبوتي مقراً لإقامته ويوافقه الرأي ويصحبه في معارضته للتواجد الأثيوبي مجموعة تزيد عن الخمسين من البرلمان، عدد منهم يقيم في لندن وواشنطن وكندا حالياً حسب مايحملونه من جنسية.
هذا الأمر في إطار الحكومة التي يبدو واضحاً أن الرئيس عبدالله يوسف أصبح متعجلاً لوصول قوات أفريقية لتحل محل القوات الاثيوبية، لأنه يدرك أن تأخر هذا الأمر ليس في مصلحة حكومته أولاً مثلما يفاقم النقمة الشعبية ويفتح منافذ لاعداء متربصين لتصويب فوهات بنادقهم على حكومته في محاولة لإسقاطها.. خصوصاً وان العديد من اتباع المحاكم الإسلامية هم الآن -حسب قول الرئيس يوسف نفسه- يعيدون ترتيب صفوفهم والإعداد لهجوم مضاد ضد الحكومة التي تتلقى يومياً رسائل من بارود في العاصمة أحياناً وفي كسمايو أحياناً أخرى علاوة على وضوح الرؤية باستهداف الرئيس يوسف نفسه الذي تعرض لاكثر من مرة (فيلاصوماليا) الذي يسكن فيه لقذائف صاروخية وعلى مستوى المحاكم الإسلامية.. فالعداء علنياً مع أثيوبيا.. وتشير مسلسلات الاحداث اليومية في مقديشو الى درجة العداء بين الجانبين اللذين يتواجهان كخصمين على مدار الساعة كلاهما يتربص بالآخر.. وعلى مستوى الشمال الذي اعلن انفصاله في العام 3991م تبدو العلاقة مع أثيوبيا تأخذ المد والجزر بين الحين والآخر.. غير أن الغالب عليها الآن هو أن المصالح التجارية الأثيوبية عبر ميناء ( بربره) تجد مجالاً فسيحاً للحركة.. وقد زاد الأمر وتطور بافتتاح أثيوبيا مكتباً تجارياً في مدينة ( هرجيسا) عاصمة أرض الصومال.. كذلك الأمر في ولاية بونت لاند الفيدرالية حيث تبدو العلاقات التجارية متطورة بين حكومة الولاية وأثيوبيا وتستخدم أثيوبيا ميناء (بصاصوا) التابع للولاية في الأعمال التجارية..
تلك تبدو ملامح علاقة متعددة بين الصومال الذي أصبح للحكومة موقف وعلاقة خاصة بها مع أثيوبيا وتواجه معارضة أصوات بعض أعضائها.. وبين اتحاد محاكم إسلامية تعمق العداء أكثر مع اثيوبيا ويهدد بحرب طويلة تصل في مداها الساحة الأثيوبية.. وبين شمال انفصل ويبدو ما يربطه مع اثيوبيا مصالح تجارية متبادلة وبونت لاند الفيدرالية التي لايختلف الحال كثيراً فيها عن موقف الحكومة الفيدرالية أو حتى صومالي لاند فيما يتعلق بالمصالح التجارية مع أثيوبيا.
لكنها على المستوى الشعبي تختلف تماماً ولاتزال ذكريات عديدة تجمع الجارين في حروب عدة راح ضحيتها الآلاف على مدار عقود متعددة في القرن العشرين وتواصلت الآن في العام السابع من القرن الواحد والعشرين.
فالشمال وحتى بونت لاند وفي العاصمة مقديشو والصومال عموماً تبدو النظرة تجاه أثيوبيا بأنها عدوة للصومال -حسب مايطرحه الصوماليون- وحتى عندما تصل القوات الافريقية التي من المفترض أن تحل محل القوات الأثيوبية فإن المخاوف الصومالية لاتزال ماثلة.. حيث يشكك عديدون بانسحاب أثيوبيا من الصومال حتى بعد وصول هذه القوات لأنها -حسب قولهم- حققت ماكانت تسعى اليه منذ سنوات طوال الآن..
المبررات في هذا الجانب تقول: إن اثيوبيا دولة حبيسة وهي تسعى الى احتلالها منفذاً الى البحر (المحيط الهندي).. وآخرون يرون أن أثيوبيا تريد من الصومال الدخول في وحدة اقتصادية معها لاستغلال الثروات التي مازالت بكراً حتى الآن في الصومال.. وستظل مبررات الحرب على الارهاب وملاحقة الاسلاميين المتشددين هي العنوان الذي تطرحه أثيوبيا على واشنطن من أجل كسب الدعم والتمويل.
وفيما يتعلق بالعلاقات الصومالية الأثيوبية قبل تدخلها الأخير نهاية العام 6002م عسكرياً لقتال اتحاد المحاكم الإسلامية.. فإن التاريخ يتحدث عن علاقات متوترة ظلت على طول الخط حاضرة منذ مطلع القرن التاسع عشر وحتى الآن..
وقد بدأت الأزمة بين الصومال وأثيوبيا منذ العام 7981م عندما أقدمت أثيوبيا على إعلان سيطرتها على إقليم (أو جادين) أحد الأجزاء الخمسة التي كانت تتكون منها الصومال حسب التقسيم الاستعماري القديم.
ومن أجل تحقيق استعادة هذا الإقليم قامت الصومال بعد إعلان وحدتها في مطلع ستينيات القرن العشرين باعلان الحرب ضد أثيوبيا في العام 4691م ثم في العام 8791م ثم في العام 3891م، لكن جميع هذه المواجهات التي سقط فيها آلاف الصوماليين لم تحقق هدف الحكومة الصومالية باستعادة الاوجادين رغم ماحققته القوات الصومالية من نجاحات وانتصارات في بعض هذه المواجهات..
وقد انعكست سلبيات العلاقات غير الحسنة مع أثيوبيا أيضاً على علاقة الصومال بكينيا التي تسيطر على إقليم (D.F.N).. كذلك الأمر بالنسبة لجيبوتي مع غياب واضح للجامعة العربية زاد من مأساة الصومال، علاوة على ماكانت تلعبه العلاقات الدولية وموازين القوى للدول الكبرى في هذا الجانب..
إذ ظل الدعم الامريكي لأثيوبيا على حساب الصومال، وحتى عندما تحولت أديس ابابا نحو المعسكر الإشتراكي بقيادة منجستو هيلا مريم الذي انقلب على نظام هيلاسلاسي فإن الدعم السوفيتي كان لأثيوبيا على حساب الصومال أيضاً.
في الوقت نفسه واثناء المواجهات الصومالية مع أثيوبيا كانت أديس أبابا توفر الدعم للمعارضين لنظام بري وتعمل على تشكيل وتمويل جبهات المعارضة التي تنطلق من أراضيها حتى كان الانهيار للدولة الصومالية مطلع تسعينات القرن الماضي.
ومنذ تشكيل الحكومة الحالية نهاية العام 4002م بقيت علاقة الحكومة بأثيوبيا جيدة.. لكن الوضع في الشارع الصومالي ظل يحمل احقاداً كثيرة ضد أثيوبيا، استخدمتها المحاكم الإسلامية في الداخل لإعلان التعبئة العسكرية ضد (أديس ابابا) لتبدأ المواجهة الأخيرة التي يبدو أنها لم تنته بعد.
الضغوط الأوروبية نرفضها
برز نجم عبدالرحمن ديناري، الناطق الرسمي باسم الحكومة الفيدرالية الانتقالية، خلال جولات المفاوضات مع المحاكم الإسلامية ومازال حتى الآن الناطق الرسمي الذي يستقبل مكرفونات الإعلام لطرح موقف الحكومة إزاء أي من القضايا الصومالية التي تعيش سخونة دائمة.
عبدالرحمن ديناري، الصحفي المتميز، قبل تسنمه هذا المنصب يملك حساً حداثياً وثقافة مائزة.. وإذ هو يتحدث عن القضايا الصومالية تراه غالباً ما يبدو هادئ الطباع غير منفعل يقول الموقف دونما حاجة لإظهار الصراخ.
ورغم الحياة المتسارعة التي تشهدها «مقديشو»، بل والحكومة الفيدرالية الحالية منذ تشكلها أواخر العام 2004م إلاّ أن «ديناري» ظل ذلك الهادئ ذا الصوت الخافت الذي يلقي كلمات ثقيلة بلغة سهلة دونما تكلف.
ولهذا تجده عندما تدخل معه في نقاش عن المشكلة الصومالية واضحاً وشفافاً غالباً يسمو فوق القبيلة.. وقد تابعته مرات عدة مثلما التقيته كذلك وهو يطرح المشكلة بعمق.
وفي مكتب مدير مكتب الرئيس عبدالله يوسف كان عبدالرحمن ديناري يتحدث ل«26سبتمبر» حول عديد قضايا تتعلق بالشأن الصومالي.
وفيما يبدو التحدي الأمني كبيراً أمام الحكومة الحالية يقول ديناري: «إن هذا الأمر يحتل أولوية الحكومة وان خطة قد تم إعدادها لمدة ستة أشهر سيكون لها مردود واضح -حسب اعتقادي-».
وتشمل الخطة الأمنية، التي أعدتها الحكومة، العديد من المراحل التي تبدأ بنزع سلاح أمراء الحرب والميليشيات التابعة لهم وكذا نزع السلاح من التجار.
يقول ديناري: «اذا لم نقم بنزع سلاح أمراء الحرب فإن الشعب لن يثق بنا وكذلك التجار عندما يشعرون باستقرار الأوضاع، وان تجارتهم وشركاتهم ستكون آمنة لن يشعروا بحاجة الأسلحة والميليشيات التي هي لديهم الآن، لأن الدولة هي من ستحمي الجميع.. ونفس الأمر ينطبق على المواطنين».
وعن التمويل لخطط الحكومة واذا ما كان هناك دعم امريكي أو أوروبي قال: «ان الأمر لا يعدو حتى الآن مجرد وعود وكلام، لكن أي شيء لم يصل حتى الآن، ولهذا سنعتمد على أنفسنا في بداية الأمر وسنغطي التكاليف من مدخلات الضرائب والجمارك وعائدات المطار والميناء».
وعن تعليق الاتحاد الاوروبي لمساعداته بسبب إقالة رئيس البرلمان السابق شريف حسن شيخ قال: «ان هذا القرار خاطئ ولن نخضع للضغوط الاوروبية، بل أن هذه الضغوط نرفضها لأنها لا تعرف مصلحة الصومال اكثر من الصوماليين أنفسهم، ولهذا يجب عليها احترام قرارات البرلمان الصومالي الذي اتخذ قراره بالأغلبية».
وحول الحوار مع قيادات المحاكم الإسلامية يرى ديناري: «أنه بمجرد دعوة الرئيس عبدالله يوسف الى مقديشو بدأ بالتحاور مع العشائر والرؤساء السابقين، وبالتشاور معهم لتوحيدهم ولتوضيح أهداف الحكومة ونزع المخاوف منهم وإنهاء الثارات التي ظلت لسنوات طوال تحديداً أمام استقرارهم».
وتابع: «ان هذه الحكومة هي حكومة مصالحة.. وهي من أجل هذا تواصل مساعيها الرامية الى تحقيق المصالحة بين الصوماليين».
أما فيما يتعلق بالحوار مع المحاكم الإسلامية فيقول: «لقد انتهت المحاكم الإسلامية وقد فشلوا عسكرياً في مواجهاتهم مع الحكومة، ولهذا فإن قادتها قد مارسوا أعمال عنف وكانوا سبباً لإراقة دماء صوماليين عديدين ولا يمكن إلاّ ان يتم محاسبتهم على أفعالهم».
ويتابع: «أما الاشخاص الذين سيتخلون عن العنف ويجنحون الى السلم من ذوي التوجهات المعتدلة فإنه لا مشكلة لنا معهم كالجنود أو الموظفين، ولهذا سنظل نطارد القيادة العليا حتى نقدمهم للمحاكمة».
«ديناري»، الذي كان يتحدث من داخل «فيلا صوماليا» الذي ينزل فيه الرئيس عبدالله يوسف دعا الدول العربية الى تحمل مسؤوليتها في الصومال.. وقال: «إن غياب الدور العربي يؤدي لمزيد من التدهور وتفاقم المشاكل في الصومال».
ويشدد عبدالرحمن ديناري، الناطق الرسمي باسم الحكومة، على أمن مقديشو باعتبار تحققه يعني استقرار الصومال.
مشيراً الى أن اجراءات عديدة اتخذتها الحكومة من أجل إعادة ترتيب وتنظيم العاصمة، فقد تم تعيين عمدة لمقديشو وهناك ترتيب شامل لجميع مديرياتها الستة عشرة.. وقد بدأ العمل في بعض أقسام الشرطة والادارات العامة بالعاصمة.
«ديناري» قال أيضاً: إن العديد من فلول المحاكم الإسلامية مازالت تتواجد في العاصمة وأنها تقوم بإعداد نفسها لهجوم مضاد ضد الحكومة.. لكن الفشل سيكون حليفها.
ويرى ديناري «أن الشعب الصومالي يجب أن يتحمل مسؤولياته وان يبني دولته بعيداً عن نزعات أمراء الحرب أو المتطرفين والإرهابيين.. لأنه قد مل من كل هذا, وهو بحاجة ماسة الآن الى السلام والحياة بتسامح وإخاء في ظل دولة قوية تعيد له هيبته وكرامته».
الصومال - أمريكا.. أي دور جديد؟!
دخلت الولايات المتحدة الامريكية الصومال عبر الجو هذه المرة من قاعدتها العسكرية بجيبوتي.. كما كانت قطعها العسكرية البحرية تشارك في القصف ضد قوات المحاكم الاسلامية.. ومن خلال هذه المواجهات فقد ظهرت بوضوح العلاقة الامريكية مع الحكومة الصومالية التي اعتبرت ضربات الطيران في الجنوب مشروعة ومن حق واشنطن القيام بها لملاحقة متطرفين ومطلوبين يعتقد انهم سبق وان قاموا بأعمال ارهابية ضد مصالح امريكية خصوصاً تفجيرات سفاراتها في نيروبي ودار السلام.
وقد كانت العلاقة الامريكية هنا مع الحكومة الفيدرالية هذه المرة.. لكنها في السابق ظلت تارة تستخدم فصائل صومالية محلية في حربها وتارة اخرى تقوم بدعم تشكيلات جديدة كما فعلت مع اتحاد السلام ومكافحة الارهاب الذي كانت نهايته على يد المحاكم الاسلامية منتصف العام الماضي.
وفي الحرب الاخيرة كان الحضور الامريكي يتمثل في امداد الجيش الاثيوبي بالمعلومات التي توفرها طائرات الاستطلاع عن تواجد الجماعات الاسلامية التابعة للمحاكم مثلما كانت تقوم بحراسة المنافذ التي اغلقتها منعاً لتسرب أي من مقاتلي المحاكم الاسلامية.
وحتى الآن مازال الحضور الامريكي في الصومال يتمثل في القيام بعمليات تشريح وفحص للعديد من الجثث التابعة للمحاكم الاسلامية التي سقطت في الحرب الاخيرة لمعرفة ما اذا كان احداها له علاقة بالمطلوبين امنيا لها ولكشف ما اذا كان هناك اطراف اقليمية عربية ودولية قد مدت المحاكم بالمساعدات العسكرية.
الاهتمام الامريكي كذلك يتمثل الآن في متابعة التحقيقات مع العديد من قادة المحاكم الذين لجأوا الى بلدان اخرى او الذين تم اعتقالهم لدى اثيوبيا اثناء المواجهات.. ولهذا فان لقاء السفير الامريكي في نيروبي بالرئيس التنفيذي للمحاكم الاسلامية شيخ شريف احمد كان في جزء كبير منه نوعاً من التحقيق والمساءلة للحصول على معلومات عن تركات المحاكم، وفي جانب متصل فان واشنطن قد اعلنت مؤخراً تقديم دعم مالي يصل الى 40 مليون دولار.
ومن باب مكافحة الارهاب يظل الدور الامريكي في الصومال اليوم.. حيث مازالت تجري بحثاً موسعاً بمساعدة الحكومة الحالية والقوات الاثيوبية المتواجدة في الصومال عن العديد من العناصر القيادية في اتحاد المحاكم الاسلامية خصوصاً التي هي ضمن قائمة مطلوبيها الذين يتقدمهم العقيد المتقاعد حسن طاهر اويس.
مثلما لاتزال القطع الحربية تتواجد على طول الساحل الصومالي للمراقبة.. والواضح ان العلاقة الصومالية الامريكية ليس لديها خيار صومالي يحدد مسارها خصوصاً مع الحاجة الحكومية لهذه العلاقة في هذا الوقت الذي مازالت تعيش بداية المرحلة وليس لديها امكانية حتى لحماية نفسها.
لذلك تظل العلاقة محددة من طرف واحد في حين يبدو الآخر متلقياً في غالب الاحيان.. بل ان شروطاً واملاءات عدة تفرضها واشنطن على الحكومة الفيدرالية الصومالية سواء ما يتعلق بالحوار والمصالحة او حتى تحديد من يحق لهم لعب دور سياسي في الصومال وبعضهم من المعادين للحكومة.
وعكس ما كانت عليه في السابق في قراءتها للوضع في الصومال وطبيعة الصراع بداخله تبدو واشنطن حالياً لديها معلومات دقيقة وقراءة مستمدة من الواقع الصومالي.
وفي سجل العلاقة الامريكية الصومالية بعد انهيار النظام مطلع تسعينات القرن الماضي تبين المعلومات ان واشنطن التي كانت على اطلاع بما يجري في الصومال منذ ما قبل الانهيار ظلت تنظر الى الصومال من باب منافسة التواجد السوفيتي احياناً وللحصول على موطئ قدم جديد في الصومال احياناً اخرى.
لكنها ظلت طوال تلك الفترة سواء عندما كانت الصومال شيوعية او حينما قام سياد بري بخلع هذا المعطف وطرد الخبراء الروس من القاعدة العسكرية في بربرة ليتجه نحو الرأسمالية تقدم دعماً صغيراً جداً للصومال وفي اكثر الحالات بلغ مداه 40 مليون دولار في العام.. في حين بلغ دعمها لاثيوبيا خلال عام الى اربعة مليارات دولار مسلم بعضها كاسلحة والبعض الآخر بطريقة نقدية مباشرة.
وعندما انهار النظام في الصومال كانت واشنطن في تلك اللحظة تبدو مشغولة في الشرق الاوسط ونظامها العالمي الجديد وملف التسوية للصراع العربي - الاسرائيلي في فلسطين علاوة على حرب الخليج ولتدخر جزءاً من اهتمامها للاستمتاع بتغذية مشاهد السقوط النهائي والتفكك السوفيتي.
حينها غادرت الولايات المتحدة المسرح الصومالي وجزء من بقايا اهتمام نادر انصب في تقديم مساعدات انسانية في الغالب كانت تأخذ وجة خاطئة.
حتى كان العام 1993م حينما بدأت بما يسمى عملية «اعادة الامل».. حيث انتزعت قراراً من مجلس الامن بارسال قوات دولية الى الصومال قوامها 2400 جندي من المارنز والكمندوز، بهدف مطاردة الجنرال محمد فرح عيديد وقواته، لكنها فشلت مرتين.. مرة وهي تقوم بتدخلها دون مراعاة للخصوصية الصومالية ومرة اخرى وهي تتلقى ضربات موجعة على الارض ليقتل 18 من جنودها ويجرح العشرات ويتم اسقاط بعض طائراتها ليصل الامر الى سحل جنودها امام مرأى العالم في العاصمة مقديشو.. الامر الذي جعل تدخلها في الصومال لاحقاً فيه ذكريات مؤلمة وتجارب مريرة من الصعب عليها نسيانها.
لذلك بقيت واشنطن تنظر الى الصومال دون اهتمام واحياناً بحرقة لينصرف اهتمامها على معونات الاغاثة احياناً وفي اصدار القرارات من مجلس الامن احياناً اخرى.. منها ما يحظر توريد السلاح الى الصومال واخرى تدعو الى ايقاف العنف والتخلي عن السلاح، والحقيقة حتى وهي تتخذ هذه القرارات فقذ ظلت لا تجهد نفسها لمتابعة تطبيقها.. إذ ظل البحر والجو مكشوفين لتجار السلاح الذين اغرقوا الارض الصومالية بالبارود.. وفي نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي عادت الولايات المتحدة الامريكية لعقد تحالفات مع فصائل صومالية دون ان تنسى الماضي الاليم لجنودها، فقد استخدمت امراء الحرب كمحاربين لها بالوكالة.. احياناً بالقبض على مطلوبين وتسليمهم لها مقابل مبالغ مالية واخرى لخلق مسميات جديدة لامراء الحرب كاتحاد السلام ومكافحة الارهاب لمواجهة اتحاد المحاكم الاسلامية.. لكنها حتى وهي تقدم مابين 100 - 150 الف دولار -حسب تقارير للبنتاجون- كدعم لامراء الحرب فانها فشلت في تحقيق اهدافها لتكون النتائج هزيمة قاسية لحلفائها.
والحقيقة ان الولايات المتحدة الامريكية ظلت على الدوام غير جادة في تقديم العون والمساعدة للصومال سواء عندما كانت على تحالف مع بعض الفصائل بعد انهيار الدولة في يناير 1991م او عندما كانت هناك محاولات لتشكيل حكومات عدة تصل الى حدود 12 حكومة لم تقدم لها الدعم.. وها هي اليوم تقف امام الحكومة الفيدرالية الحالية رقم 13 تشاركها حربها ضد خصومها المحليين من اتحاد المحاكم الاسلامية لكنها لا تقدم لها العون على الارض.
وحتى تبدو الولايات المتحدة جادة في الصومال اليوم يجب ان تكون النتائج واضحة وان يكون التدخل ليس بالقيام بضربات جوية تقتل فيها ابرياء رعاة المواشي في الجنوب الصومالي بل بمساندة مالية وتدخل قوي على الارض.. ان مكافحة الارهاب تحتاج لدعم ومساندة وقد تكون واشنطن تقدم الدعم المالي والعسكري لحلفائها في مناطق العالم من اجل تحقيق ذلك، لكنها في الصومال لا تفعل هذا، بل تذهب للصومال بطائرات في الجو وبخزينة فارغة .. فأي دور جديد لواشنطن؟!!
سنعمل مع الشعب لتحقيق الأمن
اكد نائب المدير العام للشرطة الصومالية العميد بشير محمد جامع ان عهداًً جديداً سيبدأ في «مقديشو» وكل الصومال، تكون فيه الدولة هي صانعة الاستقرار ويكون الشعب هو سندها لتحقيق ذلك.
نائب مدير عام الشرطة الصومالية الذي كان يتحدث لصحيفة "26سبتمبر" في مكتبه جوار القصر الرئاسي قال: إن من يفتعلون المشاكل في العاصمة سيستمرون بأفعالهم لبعض الوقت.. لكن الامر لن يطول كثيراً وستصل اليهم يد العدالة لايقافهم عند حدهم..
في العاصمة "مقديشو" كانت حركة العميد بشير جامع لافتة، فقد كان دائم الحضور في دوريات عسكرية تسير في شوارع "مقديشو" مثلما كان يجمع كل تركيزه في اعادة البناء الامني، خاصة بعد ان دمرت سنوات ما بعد انهيار الدولة الكوادر السابقة، واصبح يتطلب البناء من جديد لايجاد شرطة صومالية يمكن لها ان تحقق الانتشار وتكون اداة فعَّالة للاستقرار.
قد يبدو الامر صعباً، وهذا امر لا شك فيه، ذلك ان العاصمة ظلت لسنوات تدار بأسلوب الاقطاعيات وتم تدمير كل ما يتعلق بمرافق الدولة الامنية ومنشآتها الادارية، ليس من السهولة اعادة اعمارها خصوصاً في هذه المرحلة التي يبدو فيها الحصول على التمويل يحتاج لطرق طويلة ومعقدة..
ويقول جامع:" إن عدداً من الخطط والدراسات قد تم اعدادها لترتيب الوضع الامني خصوصاً في العاصمة" وتابع: «إنكم تعرفون ان وطناً ظل بلا دولة لقرابة عشرين عاماً ليس من السهل عليه ان تعود مجدداً وببساطة ادارته الرسمية للعمل».
واشار العميد "جامع" الى ان الحرب مع فلول المحاكم الاسلامية لم تنته حتى الآن.. اذ مازالوا يعتمدون اسلوب الضرب ثم الاختفاء.. ويحتاج السيطرة تماماً وانهاء الفوضى الى وقت مثلما يحتاج الى مساعدات عاجلة يجب ان يقدمها المجتمع العربي والدولي..
وتابع جامع:«ان هناك من لايزال يريد افتعال المشاكل ولديه نوايا لذلك..وهذا يسبب لنا التعب والارهاق.. لكن ما نلمسه الآن هو تعاون الشعب الصومالي بكل شرائحه مع الدولة ورغبته في انهاء هذه الدوامة من الحياة الفوضوية التي جعلته يعيش بطريقة بائسة، مثلما جعلت معظمه يفضل النزوح بعيداً ليكون قدر العديد منهم الموت غرقاً في بحر متلاطم وجماعة تهريب لا ترحم..!!
ويؤكد نائب مدير عام الشرطة الصومالية :«إلا ان هذا يجعل من الشعب نصيراً للحكومة وفي هذا يبدأ طريق النجاح».. وقال: «ان العديد من المواطنين قد عرضوا خدماتهم على الدولة وقالوا انهم سيقدمون معلومات عن اي عمل ارهابي قد يستهدف اي منطقة في العاصمة وانهم سيكونون عوناً للدولة».
وتابع: «انا واثق ان الشعب الصومالي يريد تجاوز مشاكله بعد كل هذه السنوات من حكم امراء الحرب والعصابات والارهاب ليعيش في استقرار.. ولهذا نحن نريد مساعدتهم على ذلك».
سنوات ما بعد انهيار الدولة خلفت العديد من المشاكل في الجانب الامني.. وحل كل هذه المشاكل لا يمكن ان يتم دون تقديم المساعدة من الجانب العربي والدولي.
يقول جامع: «لقد اصبحت القيادات السابقة للشرطة عاجزة عن العمل الآن بسبب العمر مع غياب التأهيل والتدريب طوال سنوات سابقة، ونحتاج الى البناء من الصفر لاستيعاب شباب جدد ليحلوا محلهم، وهذا يحتاج الى تدريب طويل وعمل متواصل.. ولدينا عزم كبير على انجازه رغم كل التحديات».
واوضح جامع انه قريباً وخلال أيام سيتم نشر شرطة المرور في شوارع العاصمة.. كما سيتم انزال الشرطة العامة الى المرافق، ولهذا نحن نقدِّر الدعم اليمني في هذا الجانب.. لكننا نتمنى ان يستمر من اجل تثبيت الامن والاستقرار.
وقال نائب مدير عام الشرطة الصومالية: «إن مسؤولي المديريات للعاصمة جاهزون، وما ننتظره هو وصول المعدات من الامم المتحدة خلال الايام القادمة.. وحينها سيتم تسليمها لمسؤولي المديريات حتى يباشروا اعمالهم على الفور».
مؤكداً: ان فرحة كبيرة شعر بها الصوماليون بعد قيام العديد من تجار العاصمة بتقديم مساعدات وتبرعات للشرطة تتمثل في سيارات وبعض الاسلحة.. مشيراً الى أعلام قد تم تجهيزها ستوضع على الادارات الامنية التي تم تجهيز العديد منها وعلى سيارات الشرطة.
كذلك تبذل الشرطة الصومالية العديد من الجهود من اجل انشاء محاكم وسجون في المديريات العامة للعاصمة وذلك من اجل ايقاف النشاط الارهابي وجماعات العنف التي ما زالت تنتظر الفرصة لاحداث المشاكل والقيام بالتفجيرات.
واعتبر نائب مدير عام الشرطة الاحداث التي يقوم بها بعض الارهابيين في العاصمة انها قليلة وان قياسها بعديد بلدان تعتبر مستقرة.. (نيروبي) مثلاً سيقدم دليلاً على بدء النجاح للحكومة في تثبيت الاستقرار في عاصمة ظلت لسنوات طوال عرضة للمشاكل والثارات وتفاقم الخلافات حتى اصبح التعليم غائباً والصحة معدومة واصبح شعب بكامله بدون وظائف وعاطلاً عن العمل، ليجد نفسه وقوته مع البندقية والميليشيات يعيش في خوف .. والكثير راحوا كضحايا ابرياء لاطماع اقطاعيين مستفيدين.
مشيراً الى ان هذا الوضع خلق مشاكل في ملكية الارض مثلما شوّه الانسان وجعله -على الدوام- فاقداً لحياة آمنة ومستقرة والتي من اجلها نبذل كل جهودنا كي تعود.
الصومال.. بارود في قارب شراعي طائر
منذ انهيار الدولة في الصومال مطلع تسعينات القرن الماضي، ظهر زعماء الحرب كقوة جديدة استولت على اسلحة كانت ملكاً للدولة لتصبح ملكاً خاصاً لهم، مثلما أصبح رجل الجيش ضمن ميليشيات هؤلاء الزعماء في تشكيلات قبلية.. وكون أن العديد من زعماء الحرب كانوا مسؤولين بارزين في الحكومة فقد سيطروا على المباني والمنشآت الحكومية ليتم استغلالها بطريقة شخصية تعود عليهم بالربح. غير أن اشتداد الصراع بين الأطراف من زعماء الحرب -في وقت كان العديد من الصوماليين ينزحون هرباً من الحرب الأهلية- فإن الحاجة للسلاح أصبحت كبيرة ولم يعد كافياً ما تم الاستيلاء عليه من الدولة المنهارة بقيادة سياد بري، لتبدأ الحاجة بعد ظهور قيادات جدد إلى شراء السلاح من التجار الذين وجدوا أطرافاً عديدة لها طلبيات تفتح شهيتهم وتحقق رغبتهم في الربح المادي السريع في الصومال التي أصبحت سواحلها الممتدة على طول (3300كم2) مفتوحة لكل انواع التجارة.
ومع تزايد أطراف الصراع زاد عدد الجهات سواء الحكومية التي تغذي أطرافاً بعينها على حساب أخرى بالسلاح في الوقت الذي كان زعماء الحرب يجنون الاموال من مدخلات الموانئ والمطارات ليواصلوا شراء السلاح من أجل الحفاظ على هذه المصالح الحيوية التي تدر لهم ذهباً ولؤلؤاً.
ولعل طول أمد الصراع في الصومال قد ضاعف من حجم الحاجة الى السلاح في عاصمة ملتهبة تعيش فصائلها حرباً متواصلة وتقدم خدمات لجهات خارجية لها مصالح في استمرار هذا الصراع.
ورغم قرار مجلس الأمن الدولي رقم (751) الصادر عام 1992م القاضي بحظر توريد السلاح إلى الصومال، إلاَّ أن تجارة السلاح واصلت مسيرتها دونما اكتراث.. مستغلة في المقام الأول اكتفاء مجلس الأمن نفسه باصدار القرار دونما متابعة تنفيذه وذلك بمراقبة الجو والبحر والبر الذي ظل مفتوحاً طوال (16) عاماً.
وقد ظلت المحاولات المتعددة لتشكيل حكومة وطنية صومالية تُواجه شبح زعماء حرب يملكون سلاحاً اكبر من سلاح الدولة التي أصبح غير مرغوب بها في العاصمة مقديشو واصبحت منشآتها ومبانيها ملكاً خاصاً بأمراء الحرب.
ولذلك ظلت هذه الحكومات طرفاً جديداً في الصراع وفي بذل المزيد من الجهد من أجل شراء السلاح لمواجهة مخاطر أمراء الحرب.. في الوقت الذي كانت خلال هذه الفترة تظهر تشكيلات كأطراف جديدة في الصراع.. وتقول الجهات المسؤولة في شمال الصومال (صومالي لاند): إن السلاح الذي لديها ورثته من الجنرال محمد سياد بري، الذي كانت آخر محطة له هناك عند الانهيار.. في حين لم تشر التقارير إلى تلقيها الدعم العسكري من أي طرف خارجي أو حتى قيامها بشراء اسلحة كجمهورية أعلنت استقلالها في العام 1993م، حسب تقارير مجلس الأمن التي تعدها اللجنة المكلفة سنوياً بذلك.
وفي ولاية بونت لاند الفيدرالية ظهرت هذه الولاية كطرف تشير اليها التقارير الدولية بشرائها أسلحة غالباً ما تكون كطرف وسيط لإيصالها الى الحكومة الفيدرالية الحالية برئاسة عبدالله يوسف.
غير أن اشارات وردت عن شراء الولاية لأسلحة خصوصاً بعد انتصار المحاكم الإسلامية على أمراء الحرب في يونيو 2006م وذلك لاستخدامها كوسائل للدفاع عن نفسها تحسباً لأي هجوم قد تشنه المحاكم الإسلامية.
ومعلوم أن ولاية بونت لاند، التي تؤيد الحكومة الفيدرالية الانتقالية، كانت تجهز نفسها للدخول كمساند للحكومة، وقد صدت المحاكم الإسلامية، التي حاولت الدخول الى مدينة (كالكاعيو) التابعة للولاية.
وتعددت أطراف الصراع في الصومال منذ الانهيار حتى الآن مثلما تعددت المصادر التي تمد هذه الأطراف طبقاً لتوجهات وتأثيرات العلاقات الاقليمية والدولية للأطراف المتحاربة.
وعليه فإن أمراء الحرب كانوا يمثلون أطرافاً عديدة كون عددهم كبيراً ويحاول كل طرف الحصول على دعم أكبر خوفاً من الآخر.
ومع ظهور المحاكم الإسلامية والقضاء على أمراء الحرب فإن تهديد السلاح كان لايزال مستمراً لأمراء الحرب الذين وجدوا تحالفات جديدة، في حين كانت الحكومة الفيدرالية خصماً آخر.
وتشير التقارير إلى أن العام 2006م شهد زيادة حادة من حيث عدد الأسلحة وتواتر عمليات التسليم وكذا تطور الأسلحة.
وتساهم عدد من الدول وبدرجة أقل شبكات الاتجار بالسلاح، مساهمة نشطة في تغذية هذه التدفقات من الأسلحة، وجرى في ذلك السياق تزايد عمليات تعزيز القدرات العسكرية الواسعة النطاق التي كان يقوم بها اتحاد المحاكم الإسلامية والحكومة الفيدرالية.
وحسب تقرير صدر عن مجلس الأمن نهاية العام 2006م فإن معظم الأسلحة التي كانت تقدم للمحاكم الإسلامية من (سبع دول) ومن تجار السلاح مؤلفة من الأنواع المستخدمة -في العادة- في الصومال، غير أن ما ينذر بمخاوف محتملة أن انواعاً جديدة واكثر تقدماً من الاسلحة كانت ترد إلى الصومال خلال فترة سيطرتهم على العاصمة ومدن الوسط والجنوب، ومن بينها قذائف أرض جو من طراز (lufniaG) 6-AS من الانواع القصيرة والمتوسطة المدى.
ومن انواع الاسلحة الجديدة الأخرى قاذفات صواريخ تعددية والجيل الثاني من أسلحة مضادة للدبابات موجهة بالأشعة تحت الحمراء.
ومن ناحية أخرى فإن الاسلحة المقدمة للحكومة الانتقالية من (ثلاث دول) وتجار السلاح تشمل في الغالب الأعم الانواع التي جرى استخدامها في البيئة الصومالية، ومن بينها بنادق هجومية ومجموعة متنوعة من البنادق الآلية والمدافع المضادة للدبابات والمدافع المضادة للطائرات والألغام المضادة للأفراد والألغام المضادة للدبابات وكميات ضخمة من الذخيرة.
وكانت الطرق المتبعة لتسليم السلاح الى الاطراف الصومالية المتحاربة تتم إما مباشرة بطريقة سرية في بعض الأحيان، لكنها في الغالب كانت تتم بطريقة غير مباشرة الى الجهة المقصودة باستخدام وسيط في شكل مركب بحري تجاري -عادة ما يكون مركباً شراعياً- في محاولة لإخفاء هوية الجهة التي قامت بعملية الإمداد.
وحسب معلومات قدمها خبراء عسكريون صوماليون، فإن المركب الشراعي يحمل (88) طناً، وان العديد من الاسلحة التي كانت ترد الى الصومال غالباً ما يتم إخفاء الحمولة منها بالطيران بمواد غذائية ومساعدات، كذلك الأمر بالنسبة للمراكب البحرية التي كان يتم تغيير حمولتها -غالباً- في جيبوتي، حسب تقارير مجلس الأمن, ليتم تحميلها بالأسلحة دون علم الحكومات التي قدمت المساعدات.. وتتحدث تقارير دولية عن مشاركة شبكات اتجار عديدة بالاسلحة بإمداد وبيع السلاح إلى الصومال لجميع الأطراف دون استثناء.
ففي حين كانت الدول السبع تقدم كجهات رسمية ولو بطريقة سرية الدعم المالي والعسكري للمحاكم الإسلامية فقط.. مقابل ثلاث دول تقدم الدعم للحكومة الفيدرالية كانت شبكات اتجار خاصة بالأسلحة تمد جميع الاطراف في الصومال بالسلاح، بل أنها -حسب ما قاله قائد عسكري صومالي للصحيفة- غالباً ما كانت تقدم بعض شبكات الاتجار بالاسلحة انواعاً محددة للحكومة الفيدرالية أو لأحد أمراء الحرب أو المحاكم الإسلامية وتقوم ببيع أصناف مماثلة من الاسلحة للطرف الآخر.. لذلك ظل أمراء الحرب متساوين في القوة العسكرية دون أن يستطيع أحدهم السيطرة على الآخر بسبب تكافؤ وتماثل القوة العسكرية والعتاد من شبكات الاتجار بالاسلحة.
سوق بكارا للأسلحة
ظل سوق بكارا للسلاح على الدوام السوق الأكبر للاسلحة وعنصراً حاسماً وبارزاً في نمط تدفقات الاسلحة في المنطقتين الوسطى والجنوبية من الصومال.
وقد تضمنت التقارير الصادرة عن مجلس الأمن تفاصيل عن كميات كبيرة من الاسلحة التي تمر بشكل روتيني عبر سوق بكارا للسلاح.. وهو نشاط ساهم ضمن أمور أخرى في الحالة العامة التي يسودها عدم الأمن والاستقرار في الصومال.
وكان سوق بكارا للسلاح أيضاً مشروعاً تجارياً مزدهراً، مع وجود مبالغ كبيرة من العملات، خصوصاً الدولار، التي تتنقل من المشترين الى تجار الاسلحة -بغض النظر عن المشتري سواء كان من أمراء الحرب او المحاكم الإسلامية او الحكومة الفيدرالية او رجال الاعمال الصوماليين- جاءت الاموال اللازمة لمشتريات الاسلحة من بكارا من إيرادات الادارات المحلية ومن الأنشطة التجارية لرجال الاعمال ومن التبرعات أو الهبات من الدول والمصادر الخاصة على حد سواء.
وبعد هزيمة زعماء الحرب تغير نمط نشاط سوق بكارا للسلاح مع سيطرة المحاكم الإسلامية على مقديشو بما في ذلك سوق بكارا للسلاح.
وتقول مصادر صومالية: إن المحاكم الإسلامية أجرت العديد من المحادثات مع تجار الأسلحة الرئيسيين في سوق بكارا وذلك من أجل ايجاد طريقة أفضل لتنظيم أنشطة السوق.
وقال مسؤولون عسكريون في الصومال ل«الصحيفة»: إن الفترة التي كانت العاصمة مقديشو تحت سيطرة المحاكم الإسلامية شهدت انخفاضاً -بدرجة كبيرة- في حجم الاسلحة التي تمر عبر سوق بكارا، وفي المقابل أيضاً انخفضت أسعار الاسلحة والذخيرة.
وحسب قولهم، فإنه يمكن عزو الانخفاض المبدئي للنشاط في سوق بكارا للسلاح الى تخوف التجار في السوق إزاء رد الفعل المحتمل من اتحاد المحاكم الإسلامية بسبب المبيعات السابقة الى اتحاد السلام ومكافحة الارهاب (زعماء الحرب) هذا من جانب.
ومن جانب آخر كان هناك سبب آخر لما حدث من تغير يتمثل في تسليم الاسلحة مباشرة من التجار الى المنتفع المقصود بدون التوجه أولاً عبر سوق بكارا للسلاح.
واشارت مصادر رفيعة الى أن العام الماضي شهد -خصوصاً النصف الأول- ارتفاعاً في مبيعات الاسلحة.. وتفيد المصادر أن المحاكم التي تشتري الاسلحة شهدت منافسة ودية مع بعضها البعض لمعرفة أي المحاكم تستطيع أن تراكم أكثر الأسلحة فتكاً وتراكم من ناحية أخرى مخزوناً هائلاً من الاسلحة.
وحتى الآن مازال سوق بكارا للسلاح بعد وصول الحكومة الى مقديشو فاتحاً خزائنه العسكرية. والملاحظ تزايد النشاط التجاري فيه.. في الوقت الذي قال عمدة مقديشو: إن إغلاق السوق ليس اكثر من مسألة وقت.. وانه خلال الخطة الأمنية المحددة ب(6) أشهر سيكون الانتهاء من إغلاق السوق وايقاف عمليات الاتجار بالاسلحة فيه.
والخلاصة الأولى أن الصومال أضحت اليوم تحمل في معدتها ترسانة سلاح متعدد الفتك.. وان ستة عشر عاماً من انهيار الدولة قد جعل الصومال والعاصمة مقديشو سوقاً مفتوحاً لتجار السلاح الى مختلف الأطراف، وان عمليات التسليم للسلاح سواء من أمراء الحرب أو ما خلفته المحاكم بعد هزيمتها أمام القوات الحكومية المساندة من أثيوبيا لا تمثل سوى نسبة ضئيلة مما تشير اليه التقارير وما شهدته الفصائل الصومالية من تغذية ودعم متعدد المصادر.. ولعل جزءاً كبيراً من الألغام لا يزال هماً أمام الحكومة الحالية أو أية حكومة قادمة في الوقت الذي مازالت اسلحة كثيرة لم تظهر في المواجهات الأخيرة وستكون في المستقبل تحدياً حقيقياً أمام عمليات نزع السلاح.. هذا علاوة على السلاح الذي يمتلكه التجار للدفاع عن شركاتهم وأموالهم. ومن الصعوبة بمكان تسليمه للحكومة، خصوصاً قبل تمكنها من إحكام سيطرتها الأمنية .
والخلاصة الثانية أن تخفيف حدة التوتر وسباق التسلح في الصومال يتطلب تشديد الحظر المفروض على السلاح بمراقبة جميع الحدود بغرض منع تدفق الاسلحة والمعدات العسكرية -خصوصاً في هذه المرحلة التي مازالت الحكومة غير قادرة على بسط نفوذها الكامل- وغيرها من اشكال الدعم العسكري للصومال.
بالاضافة الى تطبيق جزاءات مالية على شركات كبرى يملكها ويديرها مواطنون صوماليون بغرض الحد من توافر الاموال والموارد المالية الأخرى المتاحة لشراء الاسلحة والعتاد العسكري. كذلك فإن القيام بمساع دبلوماسية دولية رفيعة المستوى بقصد إبعاد الدول عن المساهمة في تعزيز القدرات العسكرية في الصومال أمر مهم، وفي الوقت نفسه محاولة التحرك صوب دعم الحكومة الحالية لإعادة الاعمار وفتح باب الحوار السياسي بين جميع الأطياف الصومالية سعياً لإيجاد حل سياسي.
علاوة على ما سبق، فإن ضرورة وجود استراتيجية عربية عبر الجامعة العربية الآن أصبح أمراً ملحاً تكون مهمتها الأولى تقديم الدعم المالي الكافي حتى تقوم الحكومة بواجبها خلال الفترة القادمة سواء في الجانب الأمني او المصالحة.. والأهم عملية نزع السلاح ليس بطريقة صورية بل بجدية من اسواق السلاح وتكرار الأمر مع أمراء الحرب الذين لم يسلموا بالتأكيد كل اسلحتهم ثم التجار وصولاً الى المواطنين ودمج الميليشيات في الجيش الرسمي.
ودونما نسيان فإن إرسال قوات افريقية بدأت طلائعها من أوغندا يجب ان تكون سريعة ومنظمة ولها سياسة واستراتيجية واضحة لخدمة الحكومة والاستقرار الأمني، مع ضرورة خروج القوات الأثيوبية.
ما لم فإن الصومال، الذي أصبح ترسانة مدفونة للسلاح، يمكن ان ينفجر في أية لحظة وعندها ستصيب شضاياه ليس الصوماليين فقط، بل المنطقة كلها.
نقف إلى جانب الحكومة الفيدرالية
يقدم حسن طاهر محمود نائب رئيس ولاية «بونت لاند» الفيدرالية رؤيته في الأحداث في الصومال بعقلية مهندس جيولوجي له خبرة في طبيعة الاحداث التي تمر بها بلاده.. وفي فندق «بلوفي» بجيبوتي كان هذا اللقاء معه.. حسن طاهر محمود.. الم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.