لم تقتصر العنصرية الحوثية على المخالفين لها فقط، بل حتى المقاتلين في صفوفها يعانون ايضاً من النظرة العنصرية والطائفية لهم من قبل قيادة هذه الميليشيات التي لم يشفع للكثير من ابناء القبائل والمهمشين عندها، انهم تركوا عائلاتهم ومدارسهم وذهبوا بعقول مغيبة الى الموت المحقق في سبيل بقاء "رجل الكهف" أسفل القائمة.. يعتبر المهمشون هم الأكثر استغلالا وامتهانا لدى الميليشيات، ذلك ان التهميش نابع من عنصرية هذه الجماعة، يقول أحد قيادات الحوثي مستهزأ بأحد المهمشين: "الخادم خادم ولو صرخ"، أي حتى لو انضم للحوثيين وأدى "الصرخة". وتنتهز المليشيات الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتهاوي الذي تعاني منه هذه الشريحة من السكان للحصول على مقاتلين جدد، مقابل مبالغ مالية بخسة، والقليل من المساعدات الإغاثية الأممية التي يفترض بأنها من حقهم مجاناً. تقوم جماعة الحوثي مؤخراً باستقطاب المئات من المهمشين المراهقين والأطفال دون سن العشرين، ويقوم مشرفي الجماعة مصحوبين بعقال الحارات، بزيارات ميدانية الى مدينة العمال أو ما يسمى بال "محوى" وهو عبارة عن تجمعات سكنية بسيطة مخصصة للمهمشين، وذلك بهدف الضغط على الأسر، وإجبارها على إخضاع أبنائها من الأطفال لدورات ثقافية عقائدية متطرفة، تمهيداً للزج بهم في ميادين المعارك. منذ اندلاع القتال في جبهة نهم مطلع الشهر الماضي تزايدت نزولاتهم الميدانية، الى المدينة السكنية شرق صنعاء، وتجمع "الخفجي" في منطقة شميلة، كما ان بعض الاسر اضطرت الى الموافقة على تجنيد اطفالها تحت الترغيب والترهيب، في حين رفضت الاسر الاخرى تسليم ابناءها للموت، برغم تهديد "العاقل" بشطب اسمائهم من كشوف مساعدات رمضان. يتندر ابراهيم خريص أحد المنتمين لجماعة الحوثي بالقول: "هؤلاء الاخدام لا يستحقون معاملة الاحترام. فهم قذرين ورائحتهم كريهة.. كما انهم لايدفنون امواتهم فكيف نكرمهم نحن؟ ". وفي الجبهة نترك جثثهم لتأكلها الطيور". !! لا يعودون ..وجثثهم لا تعود! يبلغ تعداد المهمشين، أكثر من مليون نسمة، بحسب إحصائيات محلية سابقة، وهم يعيشون في تجمعات سكنية منعزلة داخل وعلى أطراف المدن، ولا تكاد تخلو مدينة يمنية منهم، وكشفت صحيفة "الشرق الاوسط" مؤخراً عن إحصائية اجرتها جمعية "أحفاد بلال" اليمنية، اظهرت بأن الميليشيات استقطبت خلال السنوات الأربع الماضية أكثر من 800 مجند من تجمعات المهمشين في منطقة سعوان، والخرائب في منطقة مذبح، وتجمعي الربوعي والرماح في الحصبة، معظمهم من المراهقين والأطفال. وتحدث " شامل" وهو أحد المهمشين للصحوة قائلا: "انه من النادر جداً أن يعود مجند من طبقة المهمشين بالذات، على قيد الحياة، او تعود جثته، وهذا الامتهان تمارسه الجماعة ضدنا". ويؤكد " شامل" ان المليشيات تضع المهمشين في الخطوط الامامية مباشرة فور وصولهم، وعندما يقتلون، لا تكلف العناصر الاخرى نفسها عناء سحب جثثهم، وتترك الجثث لتتحلل او تأكلها الضواري. ويتابع بحسرة: "بل انهم يشعرون بالارتياح لمقتلهم، ليقيموا عليهم المآتم والعويل". يقول الناشط "راشد العملسي"، وهو احد المحسوبين على فئة المهمشين: "كرست حياتي للدفاع عن المهمشين ولم يكن الحد قد بلغ ما هو عليه اليوم من الاحتقار والعنصرية، إن الأمر بحاجة الى تدخل انساني دولي لمواجهة "الإبادة" التي يتعرض لها المهمشون في جبهات القتال، والاقصاء المبالغ فيه الذي يعيشونه في مناطق سيطرة الميليشيات، لقد فقدت ابن اختي في جبهة القتال وهو طفل صغير جنده الحوثيون بداعي المساواة والحرية التي افتقدناها، وغرروا به واخذوه الى الحديدة، ومن هناك علمنا ان جثته لن تعود وهو ما كان فعلا". وأكد أن الحوثيين أكبر جماعة عنصرية مقيتة عرفها التاريخ، وعلى المهمشين وغيرهم ان يفهموا، ويستثمروا حياتهم فيما ينفعهم، ولا يكونوا "فحماً" يحترق لأجل تظل جمرة حقدهم الاعمى مشتعلة.