الأرصاد يتوقع هطول امطار على بعض المرتفعات ورياح شديدة على سقطرى ويحذر من الاجواء الحارة    مسؤول أمريكي مخزون إسرائيل الدفاعي على وشك النفاذ    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    شبكة حقوقية تدين إحراق مليشيا الحوثي مزارع مواطنين شمال الضالع    ترحيب حكومي بالعقوبات الأمريكية الجديدة على شبكة تمويل وتهريب تابعة للمليشيا    نكبة الجنوب بدأت من "جهل السياسيين" ومطامع "علي ناصر" برئاسة اليمن الكبير    علي ناصر يؤكد دوام تآمره على الجنوب    بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر    العميد بن عامر يعلق على طلب الكيان من الخليج بدفع فاتورة الحرب    الترجي يهدي العرب الفرحة الأولى موندياليا    بقيادة كين وأوليسيه.. البايرن يحلق إلى ثمن النهائي    الأحوال الجوية تعطل 4 مواجهات مونديالية    هذا أنا .. وفي اليمن روحي    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    إخماد حريق نشب بمنزل بمنطقة حدة    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    قبل أن يتجاوزنا الآخرون    عقوبات أميركية جديد على 12 كياناً و4 أفراد وسفينتين على صلة ب"أنصار الله"    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    قصة من الارض الموسومة زورا بالحكمة    صحيفة امريكية تكشف كلفة حرب إسرائيل ضد إيران    العثور على جثة شاب مختطف بصنعاء بعد أكثر من أسبوع على اختفائه    اختتام ورشة إعداد خطة العام 1447ه ضمن برنامج سلاسل القيمة في 51 مديرية نموذجية    كارثة كهرباء عدن مستمرة.. وعود حكومية تبخرّت مع ارتفاع درجة الحرارة    اعمال شغب خلال مواجهة الاهلي المصري مع بالميراس واعتقال مشجع أهلاوي    الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية    الطريق الدولي تحت سيطرة الحزام الأمني.. خنق لخطوط الإرهاب والتهريب    المبرّر حرب ايران وإسرائيل.. ارتفاع أسعار الوقود في عدن    خسائر معهد "وايزمان" نحو اثنين مليار شيكل جراء القصف الإيراني    بوتافوجو يفجر كبرى مفاجآت المونديال بإسقاط سان جيرمان    ميسي يهدد عرش رونالدو العالمي    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    في ظروف غامضة    عن العلاقة الجدلية بين مفهوم الوطن والمواطنة    فريق الرايات البيضاء يكشف عن اخر مستجدات إعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    نتائج الصف التاسع..!    قضاة يشكون تعسف وزير المالية إلى رئيس المجلس السياسي الأعلى    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    "مسام" ينتزع نصف مليون لغم حوثي خلال 7 أعوام    مراجعات جذرية لا تصريحات آنية    خيانة عظمى.. علي ناصر محمد يتباهى بمنع انضمام الجنوب لمجلس التعاون الخليجي    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    صنعاء .. اعلان نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية    اليوم نتائج الشهادة الاساسية وهذه طريقة الحصول على النتيجة    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل كان رحيل حسن زيد مفاجئاً؟
نشر في الصحوة نت يوم 28 - 10 - 2020

البارحة سارع البعض إلى وصف رحيل القيادي في جبهة الهاشمية السياسية التي انقلبت على الدولة والشعب اليمني في 21 سبتمبر بالاغتيال، سواءً أكان أصحاب وصف العملية "بالاغتيال" من الشامتين أو المتعاطفين على حد سواء. مع أن الاغتيال يطلق في حالات مختلفة على شخصيات اتصفت بالنشاط السياسي أو الثوري أو الحقوقي الخ، وتتم عملية الاغتيال من خلال اختراق أمني لطرف معادي بترتيب متقن، سواء أعلنت جهة قيامها بهذه العملية أو لم تعلن وقيدت ضد مجهول، ليبدأ الحديث عن المستفيدين من هذا الاغتيال لتضيق دائرة الشك في نطاق معين.
لكن من يستطيع الجزم أن هذه العملية التي انهت حياة حسن زيد كانت عملية اغتيال ولم تكن عملية تصفية داخلية في إطار جماعة دينية متطرفة كهنوتية ثيوقراطية تقتل لأجل الرب والمعتقدات الخاصة بها ثأراً للحسين أو أي من مظلومياتها الممتدة إلى مالانهاية؟.
بالنسبة لي الاغتيال عمل مشين ومرفوض، وهذا حتى لا يجد البعض فرصة لأخذنا خارج نطاق فكرة سؤال وضعته كعنوان لهذا النص.
في حالة معينة وهي حالة المقاومة المشروعة التي يقوم بها الشعب ضد جماعة متطرفة كهنوتية أو عنصرية معتدية، سيكون رأيي مختلفاً في تنفيذ عملية مماثلة ضد العدو. وبكل وضوح سأقول عمل جيد، ولي مبرراتي كمنظر للمقاومة المشروعة في حالات معينة منظمة ومنضبطة ومحصورة. ولا أخفي ميلي في أن تكون هذه العملية معلنة في إطار الحرب النفسية ضد العدو.
لكن أن تكون هذه العملية تصفية داخل جيوب مجموعة إرهابية سيختلف رأيي، وغالباً سألتزم الصمت، لن أهلل لقتل إرهابي لإرهابي مثله. لن أهلل مثلاً قيام جماعة "الكهف" بتصفية جماعة "الطيرمانة" في إطار انقلاب الهاشمية السياسية على الأمة اليمنية. فمثل هذه التصفيات لها حسابات داخلية لديهم، قد لا تتعداهم. فبالعودة إلى موروث المذهب الطائفي السياسي الهادوي "مذهب الفقاسة" سنجد أنهم يجيزون لمن يصفونه بالإمام المفضول الخروج على الإمام الفاضل. ومن استقراء تاريخهم المتصف بالعنف والتطرف نلاحظ وجود مبدأ "استجرار الدم" إذ يقومون بقتل شخصيات وقيادات تنتمي لهم ليحملوا الطرف الآخر وزر هذا العمل.
الهاشمية السياسية كفكرة إرهابية كهنوتية عدمية، تحمل داخلها الكثير من العنف والغموض والنكال بمعتنقيها وأعدائها على حد سواء.
حتى إذا ما انتصرت في مرحلة ما ذهبت في عمليات التصفيات الداخلية وكل إمام حفظ كم كلمة من نصوصهم ومروياتهم التي تشكل أيديولوجيتهم وعقيدتهم المتطرفة يجوز له طلب الإمامة لنفسه، والخروج لقتل أخيه أو أبيه أو ولده إذا سبقه للحكم، ولديهم حججهم الكهنوتية العدمية في هذا الجانب. ولو استقرت لهم الأوضاع في صنعاء لا قدر الله سترون العجب العجاب من التصفيات وكثرة خروج المجانين، كل مجنون على مجنون آخر.
عودوا لتاريخهم ستجدونه ممتلئ بحكايات الخروج والقتل والدم. قبل عملية حسن زيد، تمت تصفيات من يرون أحقيتهم بالإمامة أو من يظن أنهم يرون ذلك، وفقاً لقواعد مذهب الفقاسة المتطرف، فمن هو عبد الملك الحوثي مثلاً أمام الدكتور أحمد شرف الدين، أو الدكتور يحيى متوكل؟ حتى حسن زيد كان يرى نفسه الأكثر معرفة وفقهاً وأحقية من أصحاب الكهف وقطاع الطرق القادمين من أرياف صعدة.
لقد شاب وهو يتفقه بفقه الحقد على كل ما هو يمني وينتظر اللحظة المناسبة ليكون إماماً بالقوة، لم تهذب الجمهورية سلوكه، مع ما منحته هو وسابقيه من حقوق مثل كل الناس.
اختار بنفسه أن يكون مع الانقلاب الهمجي ضد كل القيم التي تأسست عليها الجمهورية. أعلن ذلك مراراً عبر صفحته على الفيسبوك، وحرض على القتل بشكل همجي مستفز. وعندما بدأت عملية تقسيم الغنائم الانقلابية منحوه وزارة الرياضة، لا كاستحقاق بل استهزاءً وانتقاصاً منه واستصغاراِ له، فقبل اللعب على مضض لم يخفيه، فلذا تعددت مقولاته وحسابته على مواقع التواصل الاجتماعي. في النهاية ماذا كان هو يتوقع من خاتمة لنفسه؟
وهل كان غير متوقع أن تتم تصفيته بهذه الطريقة القذرة؟ إن محاولة استخدام المنطق لفهم جماعة الهاشمية السياسية التي لا تعترف أصلاً بالمنطق، هي محاولة غير منطقية. ومع ذلك أستطيع القول إن من يبني أحلامه وآماله على مخازن المتفجرات لابد من لحظة انفجار تذهب به إلى العدم الذي بنى فكره وأحلامه عليه.
إن مجرد القبول بالتعايش مع جماعة الهاشمية السياسية المتطرفة والمارقة هي مخاطرة بالحياة سواءً أكان المتعايش معها من ذوي النسب والجينات والحيوانات المنوية المقدسة، أم كان من خارج النطفة المقدسة والبويضة الشريفة، لا أحد يذهب إلى النار برجليه وهو يتوقع أن يستمتع بنسمات من الهواء العليل. وقديماً قالوا "من طلب الجن ركضوه".
لا مفاجأة في ذهاب حسن زيد بهذه الطريقة. ولن نتفاجأ إذا استمرت عمليات التصفية داخل مناطق سيطرة الحوثيين في تصفيات ممنهجة تخدم عبد الملك الحوثي، وللأسف هناك ما يزيد عن عشرين مليون يمني محتجز داخل تلك المناطق، وهم اليوم يعانون الأمرين: الجوع والخوف، وتمارس ضدهم جميع أنواع الممارسات القذرة، إنهم يعتبرونهم رهائن وأسرى. كثير من المختطفين المدنيين الذين يبادلون بهم أسراهم عن طريق الأمم المتحدة هم من السكان المدنيين المحتجزين كرهائن لديهم. لقد تفوقت الهاشمية السياسية بنسختها الحوثية عن الهاشمية السياسية بنسختها الإمامية، في السابق كانوا يأخذون أولاد مشايخ القبائل اليمنية كرهائن، هؤلاء أخذوا عشرين مليون رهينة وأكثر.
حدثني قبل عام رجل من أنبل من عرفت من أهل البصرة، قال إنه أكره على أخذ عائلته والهرب من البصرة إلى سوريا قبل الأحداث السورية الأخيرة خلال هذا العقد، قال وجدت بعض جيراني من الشيعة أيضاً قد هربوا إلى هناك، التقى بهم في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كان يعتقد أن الشيعة من أهل البصرة هم من صنعوا تلك الأحداث وقاموا بطرده وكثير من سنة البصرة، وعندما سأل جاره أجاب: نحن مثلكم هاربين ولم نقم بفعل تلك الأحداث.. لقد كانوا الإيرانيين هم من طردوا الشيعة والسنة العراقيين من البصرة. استحضر هذه المروية وأنا أشاهد تقديم السفير الإيراني "حسن ايرلو" الذي وصل إلى صنعاء متخفياً في عملية مشتركة بين أكثر من طرف، يقدم أوراق اعتماده لدى سلطة الكهنوت في صنعاء قبل أيام قليلة من تصفية حسن زيد، فذكر الشيء بالشيء يذكر. لقد حلت اللعنة الإيرانية في المنطقة، وهذا من سوء الطالع ومن قلة الرجولة والنخوة بين عرب اليوم لا أكثر.
لست هنا بصدد التشفي ولا الحزن على مقتله، فقد أفضى إلى ما قدم واختار نهايته بنفسه، وحصل على ما تمناه لغيره من الأبرياء. ربما أن القتلة قد استفادوا من نصائحه لجعل المختطفين أهدافاً للطيران الحربي، فكان هو شخصياً هدفاً "لموتر حربي" مسرع.
كلما فعلته هنا أني أجبت عن سؤال سألته لصديقين في مجموعة محدودة من الأصدقاء على الواتس آب عندما لاحظت منهما الانحياز لفريقي الضجيج الذي أحدثه رحيل حسن زيد بالأمس؛ هل كان رحيل حسن زيد مفاجئاً؟ فأجاب صديقي الأسيف على رحيله أنه متفاجئ، بينما أجاب صديقي الشامت برحيله أنه غير متفاجئ. وبناء على الإجابتين وعدتهما أني سأكتب هذا النص. وأظن أني قد أجبت، بنوع من التفصيل أن رحيل حسن زيد لم يكن مفاجئاً. وأظن ان الإجابة قد وصلتكم أيضا أنتم يا أصدقائي الأعزاء.
ورحم الله كل من رحم نفسه ورحم الناس جميعاً ولم يحرض على موت أحد ولم يتخذ في حياته مواقف خاطئة ضد الشعب والوطن والناس جميعاً، والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.