مشهد الجنائز وقوافل التوابيت اصبحت من المشاهد المألوفة بصنعاء، فأصوات العويل وصراخ الأمهات واوجاعهن لا يتوقف. تعود الكثير من تلك التوابيت لأطفال لم يبلغوا سن الرشد القت بهم جماعة الحوثي امام نيران الجيش الوطني كقرابين لإرضاء السفير الايراني. كل طفل ممن تحول إلى أشلاء وعاد جثة في كيس او في تابوت، له أباً وأماً واخوة واصدقاء، امتلأت كلماتهم دموعاً واسى وهم يتحدثون للصحوة نت عن الآلام عصفت بقلوب امهاتهم.
أنا أم لم تتمالك خنساء 40 عاماً، نفسها عندما علمت بمقتل ابنها " يحيى علي " 15 عاماً في جبهة صرواح وسقطت فاقدة الوعي خزنا عليه, نقلوها للمشفى ظلت اسبوعين على الحادث، تعافت جسديا، لكن جرحها النفسي لم يتوقف لحظة عن النزيف. تقول الخنساء: "حين سمعت خبر ابني شعرت أن الارض تهز من تحتي ولم اعد ارى شيئا اسودت الدنيا امامي، سيكون دم ابني الذي اخذوه من بيتي في رقبة كل حوثي الى يوم القيامة ما شأن ابني وابناء الامهات غيري" ليرمو أبناءهن في محارقهن؟". تضيف ودموعها تسقط كالمطر :"يريدون منا ان نستقبل جثث اولادنا الاطفال بالزغاريد والهتافات .. كيف ازغرد واهتف وابني الصغير مقطع امامي؟ انا أم ولست "مشرف" لكي افرح كلما قتل طفل، لأنهم يتقاضون مالاً على كل رأس يلقون به الى المحرقة".
أمي أنا في مأرب نظرت " سعاد" وهي امرأة في منتصف العمر الى وجوهنا وحكت عما كانت تشعر به قبل اسابيع عندما استلمت رسالة من أبنها البالغ من العمر 14 عاما ذكر فيها أنه في مأرب: عندما قرأت كلمات ابني التي تقول (يا أمي أنا في مأرب) أحسست كأنه تقول (أنا ميت). شهقت بحزن: " لم أكن اعلم ان ولدي الغائب عن البيت منذ أسبوعين قد جندته ميليشيات الحوثي واخذوه الى الموت، وفجأة سمعت في التلفون صوت شخص يتكلم اللهجة "الصعدية" يخبرني إن ابني قتل في مأرب وأصبح "شهيدا" وأعطوني اسم آخر ميداني لا ينتمي إلى ابني الذي اعرفه والذي ربيته، وحذفوا اسم والده عنه وكأنه لا علاقة له بعد مقتله بابنه" رفعت سعاد صورة ابنها القتيل" ووجهت الآباء والأمهات أن يقفوا كالجحر حتى لا يجند الشباب والاطفال ضمن ميليشيات الحوثي.
أوهموه بالجنة " ام عبدالله" استقبلت جثة ابنها ذو ال16 عاماً قبل ايام، فتقول أنه "لا يمكن وصف شعور الآباء والآمهات الثكالى وقت الفجيعة عندما يتلقون خبر مقتل ابنهم. توكد بانه "عندما تكتشف الام بالصدفة، من خلال صور متداولة في تطبيقات أو ومواقع تواصل اجتماعي، أن ابنها قُتل في محرقة كبيرة بسبب أوامر المليشيات الإمامية، فأن الام تكون قد ماتت فعليا وان ظلت تتنفس ولكنها ابدا لن تعود للحياة كما كانت من قبل، وكذلك الاب، الا ان الأم تكون اشد انهياراً". وبصوت مذبوح تتابع "صدقيني لم اكل شيئاً ولم اشرب ولم انم منذ تلقيت خبر مقتل ابني في صرواح، أنا لن الوم الجندي الذي قتله، بل الوم الحوثي الذي اخذه من حضني واوهمه بالجنة، مستغلا صغر سنه ومحدودية تفكيره".
لم يكن يعلم "أين ولدي؟، حرموني عيالي" تصرخ " ام حسين "منتحبةً بصوت محشرج منذ خبران ولدها الذي لقي مصرعه في جبال البلق، بينما يتحدث الحوثيون بأفواه ممتلئة بالقات عن انتصار إلهي. تقول ام حسين " إن ولدها "منيب" 15 عاما ذهب مع الحوثيين منذ أقل من شهرين، ولم يعُد، ولم نعرف أنه سيكون في مأرب" لم يكن يعرف أين أخذوه".
كانت تردد بذهول " كيف يعرف طفلي أنه سيذهب للموت. انه سيحرق بجحيم الحوثي". عاودت الصراخ وهي تضرب علي صدرها قائله "احرقوا قلوب الأمهات الله يحرقهم في كل ارض وسهل"، رفعت يديها وهي تناجي رب السماء بحرقه أم فقدت طفلها الصغير.