منذ اللحظة التي بدأ فيها إنشاء تشكيلات عسكرية خارج إطار الدولة ووزارة الدفاع، كانت الأزمة تتشكل بوضوح. لم يعد هناك جيش وطني موحّد، بل تعددت الجيوش وتناقضت الأهداف؛ جيوش تستعد لحرب بعيدة عن الأهداف المعلنة (استعادة الدولة)، لتصبح الدولة والوطن وأمن الإقليم أول الضحايا بهذا التعدد غير الشرعي وغير المنطقي؟! فإذا كان من المستحيل أن يستوعب غمد واحد سيفين، فكيف الحال حين تتعدد السيوف وتتباين الاتجاهات؟ إنها وصفة للفوضى ولا شيء غير ذلك. لقد كانت هذه التوليفات الغريبة والعبثية، والتلاعب بموازين القوة، بمثابة لعبٍ بالنار، وهي التي أوصلت البلاد إلى ما نحن عليه اليوم. وأي محاولة لحل الأزمة لن تكون جادة أو ناجحة ما لم تبدأ بتفكيك هذا الواقع، والعودة إلى أصل ثابت: قيادة واحدة وجيش وطني واحد يحتكر القوة والسلاح تحت مظلة الدولة. ما دون ذلك لن يكون سوى تهدئة مؤقتة، تعقبها موجات جديدة من العنف، ربما أشد وأخطر من سابقاتها، تهدد اليمن والإقليم، وتنتج كوارث لا يتوقعها أحد.