أتت الذكرى ال24 للوحدة اليمنية هذا العام في ظل إرادة شعبية صلبة وقفت وبكل قوة أمام المشاريع الصغيرة التي حاولت على مدى السنوات الماضية إفراغ الوحدة من مضمونها الحقيقي ومحاولة الاستخدام السيئ للوحدة في كسب نفوذ أكبر وإقصاء الشركاء ، وترافق هذه الذكرى الإنجاز الوطني الأبرز في نجاح مؤتمر الحوار الوطني . كانت الوحدة اليمنية حلم بالنسبة لليمنيين بعد اشتداد ذروة التأزم الشطري في اليمن والذي يعاني جنوبه من إرث الانقسام والتشظي والتي تجلت بوضوح في الحرب المناطقية في عام 1986م ، إلى جانب التخلف والجمود والفساد في الشمال والذي بلغ منتهاه عندما وصل المخلوع صالح إلى الحكم ، وقد مرت الوحدة في خلال أكثر من عقدين من الزمن بإرهاصات كبيرة بدء من حرب 94ومخلفاتها والانقضاض على حقوق المواطنين من قبل نظام المخلوع صالح الذي حول الوحدة إلى ثروة شخصية وإقصاء شركائها ، وصولا إلى دعوات الانفصال التي تبناها بعض القيادات التي كانت في الماضي سبب في فساد وحرب في الجنوب دفع ثمنها الشعب اليمني . منجز عظيم .. وتعتبر الوحدة اليمنية هي المنجز الأعظم في تأريخ اليمن والتي قدمت نموذجا أكثر حرصا على إنجاز مشروع وطني كبير يتسع للجميع وفي هذا السياق قال رئيس إصلاح عد إنصاف مايو:الوحدة منجز عظيم حققه الشعب اليمني بينما القيادات التي اختزلت الوحدة لتحقيق مصالح معينة سرعان ما جرت البلاد إلى متاهات الصراع للأسف الشديد ، لكن القيادات السياسية جيرت الوحدة لصالح تحقيق الكثير من مصالحها . وأضاف مايو في حديث ل الصحوة : ما يميز الذكرى ال24 أنها جاءت بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني والخروج بوثيقة الإجماع الوطني هذه الوثيقة التي أعادت روح الشراكة الحقيقية مرة أخرى بين أفراد الشعب اليمني والتي أعادت للحمة الوطنية حيويتها . وأشار إلى أن هذه الذكرى تأتي مع نجاح مؤتمر الحوار والتي نتطلع لأن يكون هناك اصطفاف وطني حقيقي بين كل المكونات المشاركة في المؤتمر أن توقع على ميثاق شرف لتطبيق مخرجات الحوار الوطني والالتزام بالدستور الجديد الذي يحقق العدالة ويضمن الشراكة بين الشعب . وأوضح مايو أن ذكرى الوحدة اليمنية هذا العام تأتي في ظل إجماع وطني حول نظام جديد لا مركزي في نظام فيدرالي من ستة أقاليم وهذا سيخفف كثيراً من معاناة الشعب اليمني وسيعمل على إشراك كافة الشعب اليمني من مختلف مستوياتهم في اتخاذ القرار والمشاركة في السلطة الثروة . وأكد مايو أن المشاريع الصغيرة التي حاولت إعاقة الوحدة دفنت مع نجاح مؤتمر الحوار مشيرا إلى أن بقاء مخرجات الحوار في مفترق الطريق ومهب الريح سيجعل من هذه المشاريع تنمو ويتصاعد خطرها على العملية السياسية في اليمن . إرادة شعب .. من جهته قال رئيس سياسية إصلاح حضرموت محمد بالطيف : أن ربع قرن إلا عام واحد من عمر تحقق حلم الشعب اليمني الكبير المتمثل في توقيع الوحدة اليمنية في 22 مايو عام 1990م والتي ولدت مباركة تحفظها إرادة الشعب المتحرر الذي وقف بوجهة كل المشاريع التفكيكة التي حاولت إجهاض منجز هذا الشعب . وأضاف بالطيف في حديث ل الصحوة : ثمة من كان لا ينظر للوحدة اليمنية إلا كمغنم شخصي ويعتبر أن رغباته الشخصية أغلى من القيمة الوطنية والأخلاقية للحفاظ على هذا المكتسب ولذلك كانت الوحدة بالنسبة لهم ترتبط بذواتهم وتأخذ قيمتها من قيمة مكاسبهم الشخصية وهؤلاء كانوا على أعلى مركز السلطة في البلد . وقال بالطيف : أن من أضمر الشر للوطن أحبط كيده في اجتماع اليمنيين على كلمة سواء في الحفاظ على الوحدة وصونها كأحد مكتسبات الشعب إلى جانب تعزيز روح الانتماء لدى جميع أفراد الشعب . وتابع بالطيف : كانت مخرجات الحوار الوطني بمثابة عقد الشراكة الوحدوية الجديد والذي صاغ مداميكه الشعب اليمني جميعه وبإرادة صادقه وعزيمة أكيده وحرص منقطع النظير ، لتكون وحدة الشعب فقط وليست وحدة الأنظمة . إقصاء الشركاء .. وقال الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي : أن الوحدة اليمنية، هي أعظم إنجاز حققه اليمنيون في لحظةٍ زمنيةٍ فارقةٍ، وهو في الواقع إنجاز بحجم الإعجاز، لأنه انبثق من رحم تحديات كثيرة وإخفاقات كثيرة لازمت اليمنيين على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، خصوصاً في فترة ما بعد الاستقلال والعهد الجمهوري. وأضاف التميمي في حديث ل الصحوة :أن الوحدة اليوم تحررت إلى حد ما، من أخطر التهديدات التي أحاقت بها خلال أكثر من عقدين من الزمن، بسبب إخفاق النخبة السياسية في استيعاب معنى الدرس التاريخي والأخلاقي للوحدة، فعملت بدوافع الصراع على السلطة، والاستئثار بها إلى تحويل الوحدة من إنجاز استراتيجي حامل لكل تطلعات الشعب اليمني نحو الاستقرار والديمقراطية والعدالة والتقدم ، إلى عبئ استراتيجي مهدد لكيان ووجود اليمن موحداً أو مشطراً. وأشار إلى أن النظام السابق كان قد عمل قدر استطاعته على إقصاء شريكه في الوحدة اليمنية، الحزب الاشتراكي وكان دافعه في المقام الأول هو الاستئثار بالسلطة، والتحرر من تبعات الشراكة، وهو نهجٌ دأب عليه نظام المخلوع مع كل من خاض معهم تجربة الشراكة السياسية، حتى صار وحيداً متفرداً بالسلطة يقود مشروعاً صغيراً لتوريث السلطة وتأبيدها، في سياق توجه عائلي واضح. وأوضح التميمي : أن النهج الفردي للمخلوع في احتكار السلطة وإقصاء الشركاء السياسيين، قد نجمت عنه نتائج خطيرة للغاية، أخطرها إفراغ الوحدة ونظامها الديمقراطي التعددي الذي أتت به، من مضمونهما تمامًا. الثورة انتصرت للوحدة .. ظلت الوحدة خلال العقدين الماضيين مهددة من قبل مشاريع شخصية للمخلوع صالح وعائلته والذي حاول الاستئثار بالسلطة والثروة شمالا وجنوباً لكن ثورة فبراير أوقفت عبث صالح وأنتجت مشروعاً جديدا للحفاظ على الوحدة وفي هذا السياق قال ياسين التميمي : ثورة التغيير الشبابية التي اندلعت في فبراير 2011كانت تعبيرٌ عن إرادة الشعب اليمني وتعبيرٌ أيضاً عن تدخله التاريخي لتصحيح المسار المعوج، ليس فقط على صعيد التعاطي مع قضية الوحدة اليمنية، ولكن أيضاً على كل المستويات، بعد أن تفاقمت المشاكل الناجمة عن إخفاقات النظام السابق ومغامراته . وأضاف : أن الثورة الشبابية وإرادة الشعب اليمني، هما اللتان أعادا الاعتبار لليمن وحدةً وتاريخاً وكرامةً، وهما اللتان وضعتا حداً للتدهور الحاد في مسار الوحدة والذي كاد ينتهي إلى الانفصال. وأكد التميمي : أن نجاح مؤتمر الحوار الوطني كان في الواقع انتصاراً للمشروع الوطني الذي تبنته القوى السياسية الوازنة في الساحة الوطنية، هذا الانتصار يعتبر استحقاقاً طبيعياً بعد أن تبين النتائج الكارثية للمشاريع الصغيرة التي كادت تجر اليمن ووحدته وإنجازاته إلى نهايات سيئة. وقال : يمكن القول إن الوحدة اليمنية قد تجاوزت اليوم مرحلة الخطر ودخلت مرحلة جديدة من الثبات رغم استمرار التحديات التي لا تزال تأتي من جانب القوى المنفلتة وعلى رأسها الحراك المسلح والقاعدة والحوثيين .