نحن هناك في البرازيل بلاد "السامبا"ومنتخب "السيلساو"صاحب العلامات الخمس الحالم بالسادسة ليتربع على قائمة المنتخبات الفائزة بكأس العالم وينفرد بالتاج العالمي رغم أن ذكريات مونديال 50 الذي أُقيم على أرضه يزعجه كثيرا ولا يود تكرار ذلك السيناريو الذي حرمه اللقب بعد فوز منتخب الأوروغواي. من لم يستطع الذهاب بجسده إلى البرازيل لمشاهدة مباريات المونديال من مدرجات ملاعب البطولة لأسباب معروفة,فالفرصة سانحة لديه لمتابعة مباريات منتخبه المفضل ونجومه المميزين عبر قناة" بي أن سبورتس"المالكة لحقوق بث المباريات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أعرف أن ثمة منغصات لمشاهدة المونديال حتى عبر شاشات التلفزة ومنها الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وأزمة المشتقات النفطية التي أفقدت الناس خدمة البديل الآخر للكهرباء العمومي وهو المولد الخاص الذي يعاني من يملكه في الحصول على وقود تشغيله,هذا بخلاف ارتفاع أسعار أجهزة الاستقبال الفضائي الباهض الثمن مقارنة بدخل أغلبية اليمنيين. ليس وحدهم اليمنيون من هجروا مشاكلهم وودعوا همومهم وولوا شطر ووجوههم واهتمامهم نحو البرازيل الذي تحتضن فعاليات الدورة ال14 لكأس العالم,ذلك أن غيرهم من العرب قرروا الهجرة ليرتاحوا قليلا مما هم فيه ولو مؤقتا في ظل تشابه الواقع بين الدول العربية. تملك كرة القدم المعروفة باسم "الساحرة المستديرة"سحر خاص يجعلها تجتذب ملايين المشجعين والمعجبين من أنحاء العالم وتصبح أي بطولة تنظم باسمها من أكبر المناسبات والفعاليات المؤثرة وذات الاهتمام الواسع في العالم. يكفي أن تكون الرياضة وخاصة كرة القدم جامعة للشعوب بمختلف دياناتها وثقافاتها وأنظمتها وخلافاتها لاسيما وأنها تُصلح ما تفسده السياسة لأنها رسالة حب وسلام وتعايش وتسامح. ربما يجد المشجع الرياضي في منتخبه ضالته التي فقدها في الواقع,فهو باحث عن فوز يعوض ما يعيشه إن على المستوى الشخصي أو العام وهو ما يحققه له فريقه وستكون فرحته أكبر لو حصل على كأس العالم. كما أن النجوم المشهورين الذين هم محط إعجاب الملايين يكونوا بمثابة رُسل هؤلاء البسطاء المتابعين لهم لتحقيق حلمهم بتقديم عروض كروية ممتعة تنتهي بتتويج بلقب يمنح عشاق هذا المنتخب أو ذاك فرحة مؤقتة وإن لم يستفد منها على المستوى الشخصي. مشاهدة المباريات ليست هروبا من مقاومة الواقع ولكنها استراحة محارب مؤقتة لالتقاط الأنفاس في ظل حال لم يترك فرصة للاستقرار ولا للحياة العادية التي ينعم فيها المواطن بكهرباء لا تنقطع إلا قليلا ووقود يستخدمه لتيسير أمور حياته ومعاشه كي لا يتحول الواقع إلى جحيم من المعاناة وكابوس لا يُطاق. نحن لا نشجع الناس للهروب من القيام بمسئولياتهم في تغيير واقعهم ولا نخدرهم بوهم مشاهدة المباريات ولكننا نمارس حقنا في الترويح عن النفس من همومها بأي وسيلة يمكن أن تجلب لها الراحة والمتعة وهذا الكلام في الإطار المقبول وليس الذهاب لغير ما قصدناه كما قد يتهمنا ويفهمنا البعض. الرياضة من الأمور المباحة ولسنا هنا بصدد الخوض في هذا الجدال كثيرا لأنه ليس مقام حديثنا الذي يدور حول استحواذ مونديال البرازيل على اهتمام ومتابعة قطاع عريض يظهر جليا بمواقع التواصل الاجتماعي والشوارع والأماكن العامة والمقاهي وربما أحاديث الناس هنا وهناك. هي هجرة لشهر يقضي فيها محبو كرة القدم متعة للاستمتاع بمهارات وفنيات نجومهم وأداء منتخباتهم ثم يعود كل واحد إلى حاله باحثا عن حلول لمشاكله وهمومه وراجيا حياة توفر له الحد الأدنى مما يطمح من استقرار وأمان وراحة بال والسلام. أمنياتي لمنتخبي ألمانيا وإيطاليا بالتوفيق والفوز بكأس العالم لأي منهما وهذا ليس بغريب على منتخبين عريقين نالا الكأس العالمي أكثر من مرة ولهما باع طويل في البطولة الأقوى عالميا.