هناك قصة للكاتب العالمي الشهير هانس اندرسن, تتحدث عن امبراطور كان يعشق الثياب, وفي احد الايام زاره خياط من بلاد اخرى وعرض عليه ان يحيك له ثوب فريد من نوعه, فهذا الثوب لا يستطيع الشخص الغبي او الغير مناسب لوظيفته ان يشاهده ويعجز بصره عن رؤيته..فسر الامبراطور لذلك وعندما اكتمل عمل الخياط ذهب الامبراطور ليشاهد الثوب, فلم يجد شيئا, وعلى الفور اعتقد انه لا يستطيع ان يشاهد الثوب لانه غبي او غير مناسب لمنصبه, وعلى الفور ولكي لا يفتضح انه غير مناسب لمنصبه اعلن اعجابه الشديد بالثوب وبأنه نال استحسانه, برغم انه لا يرى الثوب اساسا, وعندما سأل وزيره عن رأيه, اعتقد الوزير ان الامبراطور يرى الثوب بالفعل وبأنه " اي الوزير" لا يراه لانه اما غبي او لا يصلح لوظيفته وهو ما لايمكن ان يسمح ان يقال عنه, فاعلن على الفور ان الثوب رائع ويليق بالامبراطور..فقام الامبراطور بالتظاهر بارتداء الثوب وقرر الخروج في موكب ليراه الناس في ثوبه الجديد..وعندما خرج كان عاريا تماما امام اعين الجميع..الا ان الناس في الطرقات خشي كل منهم ان يقول انه لا يرى الثوب فيقال عنه انه غبي..فصاح الجميع على امتداد الطريق باستحسان واعجاب شديد بالثوب .. وعندما مر الامبراطور على طفل صغير له نفس بريئة لم تعرف النفاق بعد صاح بعبارة ادرك كل من سمعها واولهم الامبراطور انهم ضحية خدعة كشفت نفاقهم وتجاهلهم للحقيقة..صاح الطفل امام الجميع قائلا : .. ان الامبراطور عار تماما. في بلادنا الحيبة اليمن..تتقافز الحقائق امامنا معلنه عن نفسها بوضوح وحدة, يطرح الواقع نفسه امام اعيننا جليا ظاهرا وملموسا..الا ان السياسيين في بلادنا يرفضون رؤية هذه الحقائق و التعامل معها..يتجاهلونها ويتحدثون وكأنهم في عالم اخر او كون موازي لا توجد فيه هذه الحقائق.. يمتنع السياسيين من التعامل مع الكوارث التي تحيط بالوطن, يرفضون تناول الاشكاليات برغبه صادقه في الحل..وان لم يتحدث السياسيين والنخبة في المجتمع لحل الاشكاليات ومواجهة المخاطر فكيف اذا ستحل ومن سينقذ البلد. في بلادنا.. يخاف بعض المسئولين والسياسيين من الحديث عن مشاكل وحقائق معينه خوفا من ان يقال بسبب اثارتها ان هذا السياسي يتبع اتجاه او حزب معين, يخاف البعض من ان ينتقد الحكومة الحالية او الرئيس لانه سيتهم بانه موال للنظام السابق برغم انه يرى تماما اخطائها وقصورها, ويخاف البعض الاخر ان ينتقد النظام السابق لانه سيتهم بانه مع النظام الحالي برغم انه يدرك تماما اخطاء وقصور النظام السابق..وهكذا يحجم الجميع وخصوصا النخبة عن تناول الاشكاليات خوفا من يقال عنهم مايخشون ان يضر بمصالحهم. الازمة المالية في البلد والوضع القريب جدا من الانهيار الذي تعيشه مثال واضح على الخوف من ان يصرح اي شخص ان الامبراطور عار, يتجاهل الجميع الحلول لانها ستؤذي صورتهم امام الناس, مضحيين في سبيل ذلك ببلد بأكمله في سلبية وتجاهل عجيب..والادهى انهم برغم ادراكهم ورؤيتهم لحقيقة الوضع وملامح الازمة القوية بكل وضوح .. الا انهم لم يطرحوا اي حلول ولا اتخذوا اي اجراءات..تجاهلوا حقيقة ستدهسنا جميعا ..فقط لكي يحافظوا على صورة سياسية ايجابية ولا يعرضون انفسهم ,بالحديث عن الحقيقة وتناولها, لاي خسارة سياسية اليمن عار تماما...ومسئولينا ونخبتنا يصيحون في اعجاب شديد بان ثوبها اكثر من رائع..ومع تجاهل الحقيقة تقع الكارثة, ومع رفض الاقرار بها يصبح الحل للاسف مستحيل.