كنت قد سمعت عن ذلك قبل اكثر من عام ، غير انني اعتبرت ان في الموضوع كثير من المبالغه ، اذ لايمكن تخيل شخص اكاديمي برفقة مسلح واحد مابلكم بسيارتين مليئتان بالمسلحين . نستوعب الموضوع " بالغصب " حين يتعلق بالقادة العسكريين والمشائخ القبليين ، بالنظر للثقافة السائدة في بعض البلاد ، في محاولات ظهورهم على نحو يلفت الانظار ، اكثر منه حماية امنية لاشخاص لايرتقون بمواقعهم واهميتهم لكل مايؤذي انظارنا من " زحمه " . لكن حين يتعلق الامر بشخصية اكاديمية ورئيس جامعة ، يصبح عندئذ منظرا مصحوبا بالغرابة ومحاطا بنظريات السخرية . هذا ماشاهدته اليوم – للاسف الشديد - بصالة " الفخامة " اثناء حضوري حفل تخرج احدى قريباتي ، ضمن الدفعة ( 14 ) طب اسنان . رأيته يقف في الصف الاول متحدثا بالتلفون ، ثم سائرا الى خارج القاعة وخلفه شابان بلباس مدني ، يتمنطقان رشاشات الية تتدلى من الامام واصابعهما على الزناد . برغم انشغاله بالمكالمه لم ينسى توزيع نظراته على حضور لايهتمون لاكثر من التعبير عن مشاعر الفرحة تجاه اقربائهم الخريجين ، وان نظروا اليه بسخرية واضحه عبر عنها كل من كان يجلس الى جانبي بتقليب الايدي ومط الشفاة ، غير ان احدهم كان اكثر وضوحا بتسائله " هذا قائد لواء ام رئيس جامعه " ؟!. فيما كان المرافقان يتلفتان يمينا ويسارا بشكل متكلف ، وبطرقة اليقض الحساس ، مع حرصهم على " فتّاح النخر " ، ثم عودته الى مقعده بذات " الزفّة " ، لكأنه اراد بخروجه والعودة لفت نظر من في القاعة لاأكثر . ياالهي ، مالذي يجعل من هذا الاكاديمي ورئيس اكبر مؤسسة علمية في البلاد ، يفكر بهذه الطريقة ، ويهتم لوجود مرافقين مثله مثل اي " مليط " او " مريط " ، اكثر من التباهي بدرجته العلمية وموقعه الاداري ؟! ، وحرصه على ان يبدو على هذا النحو الجالب للغثيان ، الذي يقدمه اقرب لقائد وحدة عسكرية منه لرئيس جامعة - كما قال صاحبنا – واظنه احد القرارات غير الصائبة للمرحلة الانتقالية . قيل انه ينتمي لاحدى قوى اليسار ، لكن مايبدو عليه يؤكد انتماءه لاي شيء الّا الحزب الاشتراكي اليمني . ولو انه سمع بعض تعليقات الحضور لما قدم نفسه مرة اخرى بهذه الصورة المخزية . لاأدري حينها لماذا تذكرت استاذ علم الاجتماع ، الشخصية المحترمة والانسان الموقف الدكتور " عادل الشرجبي " ، ومقدار الشفقة التي احسست بها تجاه انحداره المناطقي الذي يعج ب " خفاف " العقول ، ولن يكون اخرهم قائد اللواء الاول حرس جامعي ، وقبله عضو القيادة القومية للمؤتمر الشعبي العام . على مقعد مجاور للاول ، كان يجلس اكاديمي اخر ينتظر دوره في تقديم نموذجه الخاص ، قدم لالقاء كلمته باعتباره عميد كلية طب الاسنان ورئيس مايسمى باللحنة الثورية بجامعة صنعاء . بطريقة سريعة هناء الخريجين وشكر هيئة التدريس ، ثم بداء ولربع ساعة بقراءة نشرة الاخبار . سخر من الشرعية والتحالف والمقاومة التي اعتبرها مرتزقة الخارج ، مشيدا بلجانه الشعبية وبطولاتها ، وكلام كثير من حق الاذاعة والتلفزيون ، ولم يتبق له سوى ترديد شعارهم السمج وزامل " مانبالي " . سألت نفسي لابد انه خريج احد دول العالم المحترم ، حيث النظام والقانون والمواطنة وديموقراطية الصناديق ، مع ذلك غلب انتماءه السلالي . في نهاية الحفل وقف في المنصه لتوزيع شهادات الخريجين ، الى جانب شخصية اكاديمية تبدو ناضجة وذو خبره علمية هو نائب عميد الكلية ، لكنه ينتمي لسلالة " مكرد " في مقابل عميده الشاب الذي لاتتعدى امكانياته " شرف الدين " ، وهي المؤهلات الاهم في العهد الحوثي .