في مقالة سابقة لي كنتُ قد كتبتها قبل مدة بعنوان: ( عدن السلام .. في عهد الحُطام ) كمحاولة لفهم واستيعاب إصرار التحالف العربي على التمسك بالقوى السياسية والعسكرية بالشمال ومن خبرهم الشعب بأنهم رموز للفساد وشركاء أصليين منذ عقود مع النظام الذي يتزعمه علي صالح الذي إجترح بمعية شركاؤه عدة انتهاكات بحق الأبرياء من أبناء الشعب شمالاً وجنوباً في السلم والحرب، وأن ذلك التمسك سبب لهم حرجاً سياسياً داخلياً وخارجياً وكلفهم الكثير والكثير وما زال. فكيف يتوقع الأشقاء من تلك القوى السياسية والعسكرية وفاءً ؟، كيف يتوقعون من المجرم بأن لا يرتكب جريمة ؟، فما حدث في الصالة الكبرى في صنعاء وحوادث أخرى في الجنوب وصِفت بأنها أخطاء، كل ذلك يثبت بأن هناك مشكلة ببوصلة التحالف وأن هناك مجال مغناطيسي حولها يُصعّب تحديد الاتجاهات فبالتالي يربك التحالف ويحرفه عن المسار الصحيح ويشتت جهوده. فالتحالف ألتزم بتعويض ضحايا الصالة الكبرى بالرغم من تأكيده بأنه لم يُجز الضربة وأن الضربة بناءً على معلومات مغلوطة !، بل وأتهم علي محسن الأحمر، حسبما جاء في الأخبار والبيان الذي صدر بعد إجراء تحقيق وحدد المسئولين؛ بينما الضربات الخاطئة التي حدثت في الجنوب، لم يصدر إلى اليوم أي بيان يحدد من المسئول عنها أو حتى نتائج التحقيقات التي وعدوا بها. إن القوى السياسية والعسكرية الشمالية الموالية للتحالف والشرعية تثبت يوماً بعد يوم أن ولاءها لعلي صالح أكبر من ولاءها لشرعية هادي وللتحالف العربي؛ إن التكاليف الباهظة التي يدفعها التحالف العربي السعودية والإمارات تحديداً كان بالإمكان وقف ذلك " النزيف " بعدم التمسك والوثوق بتلك القوى، وبدعم من أثبتوا " واقعاً " بأنهم أوفياء وصادقين ومن ( حققوا النصر الوحيد في هذه الحرب ) ومن حقق انتصارات متلاحقة ميدانياً وإدارياً في مختلف المؤسسات لإعادة الحياة إليها لخدمة المواطنين وتفعيل الأجهزة الرقابية لمكافحة الفساد الذي استشرى على مدى عقدين من الزمان، فالقضاء عليه ليس بهين ويحتاج إلى تضحيات وتنازلات وصبر من الجميع؛ وفي الوقت الذي كانت المقاومة الجنوبية وقيادتها تسترخص أرواحها فداءً للوطن ولفرض الأمن ومحاربة الجماعات المتشددة التابعة للقوى السياسية والعسكرية الشمالية وإعادة هيبة الدولة كانت تجري ترتيبات لتعيين علي محسن الأحمر نائباً لرئيس الجمهورية – لا أدري هل مكافئةً أم استرضاءً – بينما القاصي والداني يعرف أن جزءً من تلك الجماعات تابع لعلي محسن الأحمر وجزءٍ ثانٍ لعلي صالح وثالثٍ لحزب الإصلاح؛ فببدء " إعادة الأمل " أول خطوة فيها إعادة الفاسدين وشركاء علي صالح إلى مفاصل شرعية وحكومة هادي؛ ولذرّ الرماد على أعيُن الجنوبيين قاموا بتعيين بعض من قيادات المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي، وحُمقاً منهم يعتقدون أن شعب الجنوب ساذج ويسهُل خداعه وأن تلك الحيل ستنطلي عليه، فكيف يعْيّنون يدٌ تبني وعشراً تهدم ويريدون أن يستقيم بناء. وما مليونية ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة إلا تأكيداً على أن شعب الجنوب يعي جيداً ما يدور وما يحاك ضده وضد هدفه المنشود، وأنه يعي بأنه ليس ببعيد عن المتغيرات في المنطقة وأنه برغم كل ذلك سيظل صامد شامخ لن ينثني ولن يتراجع وخروجه رسالة واضحة بأنه سيتمسك بقيادته وسيلتفّ حولها، والجنوبيين يدركون بأن رموز الفساد لا يدّخرون جهداً لإحراق تلكم القيادات وإظهارها بأنها عاجزة. فمن كل ذلك لا يعني بأننا ننكر بأننا والتحالف وهادي شركاء في هذه الحرب أو ننكر تضحيات أشقاءنا في التحالف العربي وتحديداً السعودية والإمارات، فليس لزاماً في كل حديث أن تكون بسملته شكر ومديح لهما، فهنا يتضح أن هناك خيارات أمامهما أجدى بالأخذ بها، فإذا رُصدت ميزانية للمناطق المحررة تعادل الميزانية التي أُنفقت ولازال يُنفق منها على الدعم والهبات الشخصية لقيادات وأعوان تلك القوى السياسية والعسكرية التي تثبت يومياً بأنها فاشلة فاسدة، فأن الأوضاع ستختلف إلى الأفضل، فحتى تشكيل الجيش الوطني الذي وعد هادي والتحالف بتشكيله لم يتم، وإعادة إعمار البنية التحتية كذلك لم تتم؛ فنتيجة لكل تلك الإخفاقات أصبح انتصار هادي والتحالف - للأسف - رهينة لأجندات حلفائهما من تلك القوى السياسية والعسكرية رموز الفساد أمثال علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح. وفي الأخير الضغط على ( التحالف العربي ) يزيد والتحديات تتعاظم، والتاريخ علمنا أن تحالفات مثل هذه – للأسف – لا تستمر، ودول عظمى منذ اليوم الأول تسعى لتفكيكه وحاولت منع إعلانه، فعلى التحالف أن يعيد حساباته في اختيار حلفاؤه وشركاؤه في هذه الحرب، وعلى الجنوبيين أن يعيدوا أيضاً حساباتهم. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet