كتب/محمد عبدالملك المتوكل من أغرب ما نقرأه ونسمعه هذه الأيام هو تهديد وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى لكل من ينتقد القضاء أو يتعرض لسلبياته وأخطائه وأن من يقوم بذلك سوف يتعرض للمساءلة القانونية وطبعا المسألة أمام القضاء الذي يصبح الخصم والحكم. وإذا صح ما كتبته الجرائد وتناقلته المواقع الإخبارية فإن القضاء يكون قد ارتقى مركبا صعبا، لأن الله وحده هو الذي لا يُسأل يقول تعالى: "لو كان فيهم آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون" فهل رفع القضاء اليمني نفسه إلى مصاف الإله فهو لا يُسأل عما يفعل. أين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء من الخليفة أبي بكر رضي الله عنه والذي طلب من الناس أن يقوموه إذا رأوا فيه اعوجاجا وحمد الله أن في المسلمين من قال: لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا. وأين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه والقائل: رحم الله امرئاً أهدى إلي عيوبي.. والذي لم تأخذه العزة بالإثم حين اعترضت عليه امرأة فاعترف أمام الأشهاد بخطئه وقال: أخطأ عمر وأصابت امرأة. دعكم من تلك النماذج التأريخية التي تأدبت على يد الرسول عليه الصلاة والسلام أين أنتم من الرئيس علي عبدالله صالح الذي لا تقرأ صحيفة ولا تفتح موقعا إلا وهو ينتقده وبيده الطائرات والدبابات والأمن القومي والسياسي.. لقد قال لي مرة تلفونيا: نحن نفرح بنقدكم لنا قلت له ولماذا؟ قال إن كان نقدكم في محله أتحتم لنا فرصة لتصحيح الخطأ وسحب البساط من تحتكم وإن كان نقدكم في غير محله قال الناس كذابين وفقدتم مصداقيتكم لدى الناس. قلت له إنها الحكمة وبعد النظر وبشكل خاص إذا ما قمتم بتصحيح الخطأ. أيها القضاة المحترمون تواضعوا يرحمكم الله وسلوككم وحده هو الذي يحصنكم من النقد أو يضعكم في مرماه وعمل واحد في الميدان يعدل ألف كلمة في الميزان والمرء حيث يضع نفسه.. صونوا القضاء يصونكم وارفعوا من قدره يرفعكم.. إن هيبة القضاء وموقعه في النفوس يأتي من سلوك القضاة لا من تكميم الأفواه لمن ينتصرون للحق العام. وكم كنت أتمنى لو شاهدتم البرنامج الذي عرضته قناة سهيل عن القضاء واستمعتم إلى صورتكم في ذهن المواطنين العاديين ممن لهم قضايا في محاكمكم ولسنوات طويلة. وإذا كانت مؤسسة القضاء قد انتهكت حقوق كوادرها ومنعتهم من ممارسة حقهم الدستوري في إنشاء رابطة تهتم بشئونهم وتدافع عن حقوقهم واستقويتم عليهم بالعساكر فكيف يطمح المواطنون أن تحققوا لهم العدل؟!!. عموما إذا ما أصريتم أنكم سماويون وفوق المساءلة فإن المساءلة القانونية لمن ينتقدكم يجب أن تتم أمام قضاء دولي أما أن تكونوا الغريم والقاضي فكلام براس ماله وحينها سيقول بني مطر ما فيش أحد أحسن من أحد كل واحد له سوق يحكم فيه ومن قوى صميله عاش. رعى الله الدكتور الإرياني ورحم الشاعر المتنبي: وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل