) في ظاهرة صحية احتشد اليمنيون بالآلاف وأحيانا بعشرات الآلاف في ساحات المدن اليمنية وجرت العادة أن يُطلق السياسيون وإعلامهم غير العلمي بطبيعة الحال لقب "مليونية" على كل من هذه الحشود بغرض استعراض العضلات السياسية بعد أن كانت التظاهرات عندما انطلقت في مطلع 2011 تخرج خروجاً طوعياً وليس بأمر حزبي أو مذهبي أو مناطقي أو عسكري أو قبلي أو بأجر، أي أنها كانت حشوداً ثورية صغيرة نسبياً وأضحت حشوداً سياسية كبيرة نسبياً. 2) يقول المصريون "محدش أحسن من حد"، فكل أطراف العملية السياسية في اليمن يحشدون، وهذا حقهم على طريقة إثبات الوجود، وهذا في الحقيقة هو عمل صحي وصحيح مادام سلمياً متحضراً، ولكن تبقى المشكلة في حساب هذه ال"مليونيات" من حيث الأعداد، أما من حيث الحسابات السياسية ففشل السياسيين اليمنيين أمر مفروغ منه. 3) تعداد سكان اليمن يصل إلى حوالي 24 مليون نسمة، نصفهم من الإناث، وقد شاركت ومازالت المرأة اليمنية في النشاط السياسي بامتياز وهي محل فخر واعتزاز لنا جميعا، ولكن الكم الذي شاركت به بطبيعة الحال أقل بكثير من الرجل (هي أفضل كيفاً وليس كماً)، وعليه نستطيع القول إن الغالبية العظمى في الحشود هي للذكور، وهم يمثلون نصف السكان (12 مليون نسمة)، ثلثا هؤلاء هم من الأطفال (أكثر من ثلثي السكان أطفال)، وبالتالي يكون عدد الذكور اليمنيين المتاحين للاحتشاد على طول وعرض اليمن بكل سهولها وجبالها وقراها ومدنها هو حوالى 4 ملايين نسمة فقط يسكن غالبيتهم في الريف (أكثر من ثلثي سكان اليمن في الريف). لا يدخل الاطفال في حساب الحشود وإن وجدوا إلا أنهم لا إرادة سياسية لهم بعد. 4) إذا كان احتشاد "الستين" مليونية، واحتشاد "السبعين" مليونية، واحتشاد "خورمكسر" مليونية"، واحتشاد "المئة" قرب حزيز مليونية، يكون لدينا لكل طرف من الأطراف الأربعة هذه مليون ذكر يمني راشد ناشط أو مشارك أو مؤيد محتشد، وبالتالي يكون لدينا أربعة ملايين يمني راشد ناشط أو مشارك سياسي أو مؤيد محتشد. 5) بجمع النقطتين (3) و (4) أعلاه يكون كل فرد ذكر راشد يمني على الإطلاق في كل سهل وجبل وفي كل قرية ومدينة هو ناشط أو مشارك سياسي أو مؤيد محتشد بامتياز، وهذا غير معقول ولا يقبله المنطق ولا العقل، فالمعقول أن غالبية اليمنيين ليسوا نشطاء سياسيين ولا مشاركين في العمل السياسي مثل التظاهر والاحتشاد، وهؤلاء الذين يفعلون لا تتعدى نسبتهم 10% من السكان في أحسن تقدير. (6) إذا جمعنا وطرحنا الحقائق المبينة أعلاه سنجد أن عدد الذكور اليمنيين على طول وعرض اليمن الذين يمكن أن يشاركوا في الحشود لا يتجاوز عددهم 400 الف يمني في أقصى تقدير ممكن، وبما أنني لا أحب القسمة في السياسة سأترك للقارئة الكريمة وللقارئ الكريم مهمة تقسيمهم على الساحات الأربع المشار اليها أعلاه. (7)- النتيحة: إن كلمة "مليونية" هي صفة مجازية ولا علاقة لها بالعدد الحسابي، وكان الأحرى استخدام التسمية "آلافية" أو في أقصى حد "عشرات الآلافية" بدلا عنها، حيث يثبت السياسيون اليمنيون هم وإعلامهم غير العلمي بطبيعة الحال أنهم فاشلون في الحساب مثلما هم فاشلون في السياسة. د. مصطفى يحيى بهران أستاذ الفيزياء النووية وميكانيكا الكم [email protected]