سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مثّلت رسالةً على أن الحرب ستتجاوز العمق اليمني مكانًا وبشرًا دلالات مناورة الحوثي الحربية على الحدود السعودية وعلاقتها باستدعاء الانتصار عليها في مواجهة 2009
مثّل الإعلان عن مناورة حوثية على الحدود السعودية، بمقابل ما كشف عنه زعيم "أنصار الله" عن تواصل غير رسمي خلال اليومين الماضيين، دلالة على كون الموضوع له علاقة بالمناورة العسكرية التي اعتبرتها المملكة تصعيدًا غير مسبوق، وهو ما دفعها لفتح حوار غير مباشر عبر العمانيين، وهو ما كانت ترفضه إلى وقت غير بعيد. وبحسب مراقبين فإن الغرض من المناورة، رغم أنه لم يتم النشر عنها في المواقع الرسمية ل"أنصار الله"، يأتي بمقابل تمويل الحكومة السعودية لقبائل مأرب بالمال والسلاح التي يقودها مشايخ الإصلاح لمواجهة مسلحي "أنصار الله".. كما تُعد رسالة من قبل الحوثيين من أن تفجير الصراع لن يتوقف عند حدود مأرب في عمق الأراضي اليمنية فقط، كما أن وقود هذه الحرب لن تكون حصرًا على اليمنيين. ورسالة مثل هذه يبدو أنه تم فهمها كما ينبغي، وتجلى بفتح الحوار غير المباشر الذي كشف عنه زعيم جماعة "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، ونقلته وكالة "سبأ" الرسمية، قوله: "اتصالاتنا مع السعودية لم تنقطع، وهناك اتصالات غير مباشرة تمت خلال اليومين الماضيين، تم التأكيد خلالها على وجود استعداد تام لعودة العلاقات بين البلدين وفق قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المنافع المشتركة". وهو ما يؤكد أن جزءًا من الهدف قد تحقق بإرغام المملكة على التعاطي مع "أنصار الله" كقوة لا يمكن تجاوزها، وإن بفتح حوار عبر أطراف اخرى.. إلا أنه، ومن جانب آخر فإن المملكة ومعها بقية دول الخليج قد جعلهم يدقون أجراس الخطر بشكل جدّي، وهو ما يفتح للمؤامرات بابًا أوسع لاستهداف "أنصار الله"، ومحاولة القضاء عليهم؛ باعتبار أن خطرهم تجاوز مسألة السيطرة على القرار السياسي الداخلي إلى التهديد المباشر لوجودهم، وبالذات ودول مجلس التعاون تدرك يقينًا أن اليمن قد صارت جزءًا من تسوية إقليمية، وهو ما يصعب الاستفراد بها عسكريًّا من الخارج، ولذا فإن حربها ستكون اقتصادية بشكل رئيس، ومن الداخل، عبر إثارة النزاعات وتمويل الحروب الداخلية بغرض تفتيت اليمن، وهو ما صار واقعًا اليوم في مأرب ومحافظات في الجنوب عبر تصدير الصراع الطائفي والمذهبي. المناورة ما زال تناقلها يتم عبر السماع دون أن يتم التوثق منها من خلال بث حي لوقائعها أو حتى صور تؤكد حقيقة مخاطرها.. وكان أول موقف رسمي جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الداخلية اليمنية، المدير العام للتوجيه المعنوي والعلاقات العامة بالوزارة، العميد الدكتور محمد القاعدي، والذي اعتبر مناورات الحوثي العسكرية طبيعية ما دامت مجرياتها على الأراضي اليمنية، ولم تتعدّ الحدود، أو تُلحق الضرر بأي بلد.. إلا أن هذا التبسيط لم يقابل على هذا النحو من قِبل قيادة المملكة التي أعلنت ما يشبه الاستنفار، ورفع الاستعداد والجاهزية القتالية إثر تناول الإعلام للمناورة، والتي كانت بدايته من وكالة "رويترز"، والذي نشرت - الخميس الماضي - عن مصادر قبلية، وأخرى في جماعة الحوثي من أن الآلاف من المقاتلين الحوثيين يجرون تدريبات عسكرية قرب الحدود مع السعودية في منطقة البقع بمحافظة صعدة، وتشمل مختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك أسلحة ثقيلة استولوا عليها من الجيش. وكان أن جاء ردًّا سريعًا حين قام وزير الدفاع، رئيس الديوان الملكي السعودي الأمير محمد بن سلمان، بزيارته لمطار "عرعر" العسكري، حيث أكد على أهمية مواصلة رفع درجة اليقظة والاستعداد لمنسوبي القوات المسلحة بالتدريب، بما يسهم في استمرار الجيش في جاهزية عالية للذود عن حدود الوطن والحفاظ على مقدراته. ودعا بن عبدالعزيز الجيش السعودي للتأهب والاستعداد لحماية حدود بلاده. وبحسب صحيفة "عكاظ" قام الوزير بزيارة لمقر منظومة طائرة بدون طيار «فالكو»، ووقف على جاهزيتها العملياتية، وما تضمه المنظومة من محطة للتحكم بالطائرات على أحدث التقنيات ومقدراتها الاستطلاعية التصويرية ليلاً ونهارًا، كما تفقد طائرات "الأباتشي" التابعة لطيران القوات البرية. ويبدو أن المناورة على حدود المملكة قد رفعت من المخاطر وحجم التحديات التي تواجهها في ظل عدم وجود قوات مقاتلة تم اختبارها، وبالذات بعد أن تبدت قدراتها المتدنية حين فشلت في أول مواجهة حقيقة لها مع مسلحي الحوثيين في العام 2009 عندما تمكنوا من الدخول إلى العمق السعودي بعد السيطرة على جبل الدخان الاستراتيجي، والوصول إلى قرى الجابري الحدودية، مع كون المواجهات آنذاك كانت تفتقر لأدنى مستويات التكافؤ عتادًا وإمكانات، ومع كون الحوثيين كانوا يواجهون الجيش اليمني والقوات السعودية وسلاحها الجوي الذي نُفذ من خلاله غارات جوية، إلا أنها، وعوضًا عن تحقيقها لخسائر في صفوف المسلحين، قتلت الكثير من المدنيين، وكان الأسوأ الجريمة التي ارتكبتها في سوق الطلح.. وربما لهذا كله سعت الحكومة السعودية من خلال قيام وزير الدفاع لاستعراض معداتها القتالية الحديثة على الأرض والجو كنوع من الردع أو لتطمين الشعب السعودي، ولذا شملت الزيارة مقر القيادة التكتيكية بالمنطقة الشمالية، حيث ناقش مع مسؤولي القيادة أبرز التحديات، وعددًا من المبادرات؛ لتعزيز منظومة العمل وضمان كفاءته. عقب ذلك توجه إلى عربة المنطاد الاستطلاعية في المنطقة الشمالية، التي انضمت حديًا لتوفير خدمة الإسناد والمراقبة عبر الاستطلاع الجوي لدعم القوات المسلحة في المنطقة الشمالية. كما تفقد وزير الدفاع معدات قوة الواجب 35 و36، وما تضمه من أسلحة مشاة ودبابات ومدفعيات وقوة للتدخل السريع، وناقش خلال زيارته متطلبات واحتياجات القوات المسلحة في المنطقة الشمالية. هذا وفيما لم يُشِر السيد إلى المناورة أثناء استقباله وفدًا من الإعلاميين، مستعيضًا عنها بالحديث عن استعداده لإقامة علاقة تقوم على الاحترام المتبادل والندّية، وهي ذات الأسس التي وضعها مع إيران.. أكد عضو المجلس السياسي لحركة "أنصار الله"، محمد البخيتي، أن المناورة العسكرية، التي جرت الخميس، بمثابة "رسالة ساخنة" إلى من يريد الإضرار بهذا البلد، خاصة السعودية.. وأضاف: أن حكام العرب سيرون المناورات الآتية. وفي تصريح خاص لوكالة أنباء فارس الإيرانية، الجمعة، قال البخيتي: إن هذه المناورة تُعتبر "أول مناورة بين الجيش اليمني واللجان الشعبية".. معتبرًا أنها تعكس "وعي الشعب اليمني بأهمية التعاون، وأن التهديدات خطيرة على الجميع، وهذه المناورة العسكرية الكبرى أكدت أن اللجان الشعبية والقوات العسكرية حاضرة لمواجهة أي تحدٍّ يستهدف اليمن". كما جاء الرد من قطر حين قال وزير الخارجية القطري خالد العطية، الذي يرأس الدورة الخليجية الحالية في مؤتمر صحفي: إن دول مجلس التعاون الخليجي لديها من الإمكانات والإجراءات التي لم تُعلن عنها لحماية حدودها. وأوضح أن مجلس التعاون لديه القدرة الكافية لحماية أراضي دولة وسيادتها.