،، محمد عبدالإله العصار ذلك الأخ العزيز والزميل الوفي الذي فقدناه اليوم بعد رحلة حياة حافلة بالعطاء الوطني والنضال الحضاري من أجل اليمن وفي سبيل إعلاء شأنه ورفعته وتقدمه وازدهاره. أنا شخصياً منذ عرفت الزميل الراحل بعد قيام الوحدة المباركة ورافقته حتى قبل وفاته بأيام، لم أر فيه غير رجل المواقف وشخصية الثقافة والأدب والإعلام - من الطراز الأول - وقد زادني به ثقة وتعلقاً واعتزازاً ما وجدت لديه من الإصرار على المضي في عمله نحو آفاق النجاح وتحقيق كلما يجول في رأسه من أفكار نيّرة صافية تخدم مصلحة الوطن وتقف إلى صف القضايا والأمور التي يتطلع إليها كل مواطن يمني غيور يحب لأهله وبلاده الخير والسعادة والرخاء. وعلى مدى أكثر من عشرين عاماً مضت ترافقت مع الأستاذ محمد عبدالإله العصار حتى كاد معظم الزملاء في مهنة المتاعب يظنون بأننا توأم اخوة - وهو أمر مفروغ منه - لأنني اعتبرته أكثر من ذلك لما وجدت فيه من روح طيبة وأنفاس كريمة وأخلاق عالية سموحة وقلب كبير صاف لا يحقد على أحد ولا يحمل في أعماقه أية نوازع للكراهية واللؤم - والضغينة.. بشوش منفتح مع كل الأفكار، يستمع لوجهات النظر وللنصائح والمقترحات ويرجح الصائب منها فيأخذ به.. وأذكر ذات يوم أنني قلت للأستاذ محمد يرحمه الله، ذلك المثل الدارج - وكنا نتناقش في أمور شتى - قلت له: لا تستحي من شيء يضرك.. فظل هذا - المثل في ذاكرته يضرب به كلما استدعى الأمر لذلك - أو كما كان يقول: لا تستحي من شيء يضرك.. وإلى جانب مناقبه الحميدة وصفاته النبيلة - فلقد كان الفقيد العزيز الغالي قيادياً ومسؤولاً من الطراز الأول، يقدر المسؤولية ويحترم مركزه كرئيس للتحرير ومسؤول عن إصدار مطبوعة حكومية رسمية، سواء كانت صحيفة الوحدة التي تولى رئاسة تحريرها في أحلك الظروف، أو مجلة معين التي رأسها حتى رحيله عن هذه الدنيا - ومسؤول أيضاً عن العاملين تحت إدارته، يسعى دائماً إلى تأمين أجواء مناسبة للعمل وتوفير ما يمكن من المستحقات لا يغيره أو يؤلمه سوى أن يرى عاملاً أو زميلاً معوزاً أو بحاجة للمساعدة، فيقيم الدنيا ويقعدها حتى يحقق لزملائه القدر المناسب من الحياة المعيشية والعملية اللائقة.. كما كان في كثير من الحالات يقدم الدعم والمساعدة من جيبه الخاص. وإلى جانب ما سبق فإن للأستاذ محمد عبدالإله العصار مناقب وصفات كثيرة - لا يمكن لي هنا في هذه التناولة المقتضبة أن أحصيها أو ألم بها كاملة.. فلقد كان بحق رجل المواقف التي لا تنسى وتستحق مني ومن جميع الزملاء سواء في مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر أو على مستوى المؤسسات الإعلامية والصحافية الأخرى، وكذا الهيئات والفعاليات الفكرية والثقافية والسياسية في أرجاء الوطن اليمني الحبيب. وللمرحوم معي شخصياً مواقف أخوية على مستوى العمل والصداقة في داخل الوطن وفي رحلات خارجية - وما فعله معي في محنة أو حادثة جرت لي في العراق أواخر العقد التسعيني من القرن الماضي، سوى الشاهد الحي والدليل القاطع على روعة وعظمة مواقف الأستاذ الجليل - طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته.. وعزاؤنا فيه أنه ترك فينا ذكريات عطرة ستظل معلماً بارزاً فيما تبقى من أيام العمر. وإن كنت قد صدمت وصعقت بنبأ وفاته وانتابني حزن عميق وإعياء لا استطيع وصفه، إلا أنني وإيماناً بقضاء الله وقدره أيقنت بأنه لا يموت من ترك بعده رصيداً من الأفعال والأفكار الجميلة. رحمك الله أيها العزيز الغالي.. إنا لله وإنا إليه راجعوان.. ولأولادك وأهلك وإخوانك وجميع آل العصار عزاء كل المحبين وأن يعصم قلوبهم وقلوبنا جميعاً بالصبر والسلوان.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.