"أنصار الله" كما "أنصار الشريعة"، تكفيريون: فالمجتمع المسلم في "جاهلية" مماثلة لجاهلية مجتمع قريش قبل الاسلام. وهم بحروبهم الاستردادية سيعيدون ل"لإسلام" ألقه في واقع غير مسلمين.
من أين يستقي قائد جماعة الحوثيين مضامين خطابه؟ من كتب من شاكلة "جاهلية القرن العشرين" و"معالم على الطريق"، ومن ملازم (أو ملزمات) تشبه "ملزمات" التظيمات التكفيرية التي ظهرت في السبعينات في مصر والمشرق العربي.
الجماعات المسلحة تخوض سباقا ظلاميا في اليمن. هناك فروق لا ريب. ليس من العدل وضع الجماعات المسلحة في "سلة واحدة" حتى وأن كان الواجب على "السلطة"_ أية سلطة راهنة أو قادمة_ يفرض وضع هذه الجماعات جميعها في السلة نفسها في حال مقاربة "السلاح" من منظور "الشرعية".
هناك فروق جلية. لكنها فروق في "الحركية" داخل الواقع. وهي فروق متصلة باختلاف الينابيع والسياقات الاجتماعية والسياسية و"الدولتية" [من "دولة"] والدوافع لا بالنظرة إلى المجتمع، فالحوثيون تكفيريون من طراز جديد، إذ انهم يمارسون التكفير من موقع التسلط على المجتمع، بينما التكفيريون المنافسون يمارسون التكفير في المجتمع ومن خلال التمايز عنه بالإرهاب أو "الهجرة". يتحدث قادة هذه الجماعات كممثلين عن "الفرق الناجية" التي تحترب في اليمن والعالم الاسلامي. يتحدثون بروحية اصطفائية "ايمانية" وطهرانية و"خيرية"، ويتحدثون ب"استعلائية" شديدة على مجتمعاتهم المعذبة المغدورة المنكوبة بخرافاتهم "الإيمانية" ومغامراتهم "الدنيوية". *** اليمن ليس استثناء في عالم عربي تفتك به أمراض التطرف وتتفشى فيه "الجماعات الظلامية الجاهلية" التي تزعم انها ستخرج المجتمعات من الظلمات إلى النور. لكنه بفضل "حماقة" التكفيريين الجدد في العاصمة اليمنية، بات أكثر تعرضا لخطر الحرب الطائفية بالنظر إلى التقاطع (غيرالحميد) على جغرافيته بين السلاح و"الايديولوجيا الدينية"، او بين "التسلط" الذي يتراءى جغرافيا لكثيرين وبين المذهب السائد في هذه الجغرافيا.
يواصل الحوثيون برعونة مسيرتهم نحو "تطييف" المجتمع اليمني بدءا من معاقلهم في أقصى الشمال التي احتكروا تمثيلها مبكرا بسبب صفقات السياسة ومحن الحروب وحذاقات هادي وقادة المشترك. ومن المزعج أن قائدهم بدأ يغرف من المراجع نفسها التي ينهل منها نظراؤه التكفيريون في الضفة المكانية والمذهبية المقابلة.
اليمن في خطر عظيم. هناك فراغ سياسي وقانوني و"وطني".
وفي المقابل هناك جماعات تكفيرية تستعجل في ظل هذا "الفراغ"، ومستفيدة منه، حشر "اليمنيين" داخل "أبنية" طائفية. وهي تتصارع على الجمهور من صعدة حيث "الجماعة الحوثية المؤمنة" التي انطلقت جنوبا في مسيرة قرآنية تعتمد روحية "الحروب الاستردادية"، إلى عدن حيث بدأ السباق على القوة بين تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وبين "القاعدة" بعد الخروج المبكر لهادي والحكومة من "العاصمة المؤقتة". اليمن يتخبط في الظلام. إما مشروع وطني يستنهض اليمنيين، جميعا، من أجل المستقبل، وينتشلهم من "حضيض" العصبويات الجهوية والطائفية؛ وإما مشاريع تفكيكية وتكفيرية ترتد بهم إلى ظلمات عصور الانحطاط بعد انهيار الخلافة العباسية (وبقاؤها اسميا). *** كل عام واليمن في خير وسلام وعزة في الذكرى ال52 لثورة 14 اكتوبر المجيدة. كل عام والمسلمون في وئام و"وحدة روحية" بمناسبة العام الهجري الجديد.