لم أتهم الهاشميين بالعنصرية، بل اتهمت الحوثيين، وهناك بالتأكيد فرق. تعميم أية تهمة على شريحة كاملة من المجتمع، فعلٌ عنصري، واتهام جماعة "سياسية" بعينها، بأية تهمة، وبأية صيغة تعميمية، هو فعل طبيعي ومشروع. الهاشميون يمنيون مسحوقون مثل كل اليمنيين، ومحل النقد والتهمة هنا هو هذه الحركة السياسية والعسكرية والأمنية التي تقع في فخٍ من العنصرية لم يعد يجدي السكوت عليه ممن هم حولها ولا نكرانه ممن هم مسؤلون عنها. وسُقت لكم مثالاً من الواقع، حتى لا أكون مجرد متقولٍ، وهو مثال يقشعر له البدن لو كان لديكم (وخطابي لمفسبكي الحوثيين) أدنى ذرة من الشعور بالمسؤولية. تملك الحكومة عشر مؤسسات إعلامية، فقط لا غير، ومن بين ثلاثين مليون نسمة، تقومون بمنح رئاسة هذه المؤسسات لعشرة أشخاص ليسوا من تيار واحد فحسب، بل من تيار واحد ومنطقة واحدة، ليسوا من تيار واحد ومنطقة واحدة فقط، بل من تيار واحد ومنطقة واحدة ومذهب واحد، ليسوا من تيار واحد ومنطقة واحدة ومذهب واحد تحديداً، بل من ومن ومن ومن ومن هذه كلها، ومن جذر عائلي واحد: هاشميون!! ثم تحاولون إقناع الناس بأنكم تمثلون كل اليمنيين؟!! من سيقتنع؟! ثم تقولون عن من يرصد هذا السلوك ويحذر من كارثيته بأنه عنصري؟!!! من سيصدق؟! وما الذي يجعل الأمر عنصريا وشلليا أكثر أمام الناس؟!هو أن معظم هؤلاء المسؤولين في هذه المؤسسات ليسوا من أبناء المؤسسات نفسها بل ليسوا من المنتمين للقطاع المهني نفسه، أي أنهم ليسوا إعلاميين ولا علاقة لهم بالإعلام، مع احترامنا لهم على المستوى الشخصي، والحال نفسه في قطاعات أخرى. نكران المشكلة لن يفيدكم، وفي تشكيلة المجلس السياسي، ورئاسة الصماد، وحكومة بن حبتور، وجلب حبتور نفسه لرئاسة الحكومة، دليل على أن قيادتكم تعترف بوجود هذه المشكلة، وتحاول التعامل معها، ولذلك لم تدفع بأسماء هاشمية او حتى حوثية كثيرة إلى التشكيلتين، وذلك أمر موفق، ولكنه للأسف غير كافٍ، فالكارثة تستفحل في المستويات الأدنى؛ في كل مفاصل الدولة.. ونعم: تمكين الهاشميين أو غيرهم فقط، هو أمر عنصري مثلما أن إقصاءهم فعل عنصري أيضاً. ولذلك معيار الكفاءة والمهنية وعدم فرض منطق الأقوى سياسيا أو عسكرياً هو الحل. تقولون إن هذه الممارسات ناتجة عن شللية وليست توجها عاما؟!! حسناً عالجوها، عالجوها بدلا من الثورات الحمقاء في وجه من ينتقدها. ثم إذا كنتم تفعلون هذا في أيام حرب وانقسام، والعالم كله مقلوب عليكم وعلى اليمن؛ فمالذي ستفعلونه لو كانت الدنيا سلامات؟!! وبعد هذا وقبله؛ حتى الهاشمييين لن يكونوا إلا ضحية لهذا التمييز مثلهم مثل بقية اليمنيين، فالحوثيون لن يكون بإمكانهم استيعاب كل الهاشميين أولاً، وثانياً لأن الانتهازيين في أية جماعة ما إن ينتهوا من تحويل جماعتهم إلى جماعة عنصرية تجاه الآخرين، حتى يبدؤوا بممارسة العنصرية داخلهم، فالإقصاء دائماً تضيق دائرته تدريجيا حتى يمارس داخل الأسرة نفسها وبين الأخوة أنفسهم.