في نهاية عام 2004م تقريبا زرت دار الأيتام في مدينة إب، وأثناء طابور الصباح سألني الشيخ عبدالعزيز الحبيشي عن المديرية التي أنتمي إليها وعندما قلت له القفر نظر إلي بأسى وقال "أنتوا أصحاب القفر مجرمين ومساكين" قلت له كيف؟ فأخذ المايك وقال "اللي من القفر يرفع إيده" كانوا أكثر من ثلثي الأيتام من مديرية القفر. يا إلهي كم نحن بؤساء!! هؤلاء فقدوا آباءهم في حروب الدولة المتتالية والحروب القبلية والثارات وحوادث السيارات، وما تبقى جاء عليهم الفقر والمرض. كل البلاوي تجمعت في هذه المديرية النائية، حتى الألغام أخذت نصيبها من أبناء القفر. لم تكن تنقصنا إلا القاعدة والسلفيين، فلماذا تصرون على رمي هذا البلاء إلى مديرية منهكة لم تنل نصيبها من أي شيء له علاقة بالخدمات والمشاريع؟! القفر قدمت خيرة أبنائها، سواء في الجيش والأمن أو في السياسة والقضاء والأدب، لكنها لم تأخذ منكم شيئا سوى الألغام والموت والإهمال والآن القاعدة والإرهاب. صدقوني مجتمعها البسيط لم يعد قادرا على احتمال هذا العبث المميت... القاعدة مرة واحدة .... ومعسكر طويل عريض. أبناء القفر يصافحون الموت في كل نقطة أمنية تتعرض لهجوم من القاعدة وكل معسكر أو منطقة عسكرية يقتحمها طيور الجنة تبع قاسم الريمي. نحن نأخذ نصيبنا من كل نثرة ترتكبونها في أي زاوية من هذا البلد، فلماذا تصرون على استدعاء الموت إلى البيوت البسيطة؟ ثمة أطفال ونساء يقاومون الفقر والجهل والمرض، لكن أجسادهم السمراء النحيلة تعجز أمام أحزمتكم الناسفة وما تجلبونه خلفكم من شر بدون طيار. إذا كنتم تعتقدون أن الإسلام لم يصل إلينا بعد وترون أنفسكم الفاتحين الجدد، فأقول لكم اتركوا لنا كفرنا وعودوا بإسلامكم من حيث جئتم. اتركوا لهذا القفر المنهك حاله فلم يعد يثق بأحد.