تشهد المدارس التشيكية ظاهرة تناقض التوجه السياسي العام الرافض للتقارب مع روسيا وذلك عبر إقبال الطلاب على تعلم اللغة الروسية في حين يرى البعض في هذا الانتشار ستارا استخباراتيا روسيا بامتياز. وتؤكد مصادر جامعة ماساريك في مدينة برنو -ثاني أكبر المدن التشيكية- أن الاهتمام بهذه اللغة في تنام مستمر، الأمر الذي اضطر إدارة الجامعة للبحث عن مدرسين روس لتعويض النقص الكبير من الأساتذة الذين تركوا التعليم في المدارس بعد عام 1989 وانتهاء الحقبة الشيوعية. ويؤكد مكتب الإحصاء التشيكي أن عدد الطلبة الراغبين بتعلم اللغة الروسية في المدارس الابتدائية قد تضاعف 11 مرة منذ 1996 لتتجاوز اللغة الروسية نظيرتها الفرنسية التي كانت الأكثر تعلما بعد الإنجليزية قبل عام تلتها الألمانية ثم الإسبانية والإيطالية.
اللغات الأجنبية وكانت اللغة الإنجليزية قد احتلت مركز الصدارة بدلا من الروسية بعد سقوط الحكم الشيوعي قبل عشرين عاما كلغة أجنبية بشكل يجبر الطلاب على تعلمها بدءا من الصف الرابع الابتدائي إلى جانب لغة أخرى يتم اختيارها من قبل الطالب.
شركة روسيا للطيران وسط براغ ويرى مدرس اللغة الروسية فيتالي كاساكوف في براغ أن تنامي الإقبال على تعلم اللغة الروسية سيتضاعف ليسبق الإنجليزية العام القادم خاصة وأن هذه اللغة يسهل تعلمها بسرعة كونها سلافية وقريبة من التشيكية وتفتح آفاقا كبيرة أمام متعلميها للحصول على وظائف مستقبلا سواء في الشركات الاقتصادية الروسية الكبيرة في البلاد أو في شتى أنحاء العالم. ويضيف كاساكوف للجزيرة نت أن أعداد الروس من السياح الذين يقصدون جمهورية التشيك يتضاعف كل عام حيث تعتبر مدينة كارلوفي فيفاري الشهيرة بعلاج الأمراض المستعصية الأولى التي يقصدونها حتى أنه تم شراء أغلب مصحاتها وفنادقها من قبل الأثرياء الروس، فضلا عن أن 80% من سكان المدينة يتكلمون الروسية لأن مصدر دخلهم يستند إلى عملهم في قطاعات ومرافق تعتمد على السياح الروس.
دوافع استخباراتية ويلفت كاساكوف إلى أن القيادات السياسية التشيكية لا تحبذ هذه الخطوة في مجال انتشار الروسية في البلاد وتبالغ في اتهام موسكو بتجنيد العملاء لصالحها، وأن الجالية الروسية الكبيرة في التشيك لا تعير اهتماما كبيرا لمطالب أي طرف في مجال التعاون الاستخباراتي خاصة وأن النتائج في هذا المجال معروفة والتي تتجه بالنهاية إلى الابتزاز عبر طرق عديدة ملتوية أصبح الجميع يعرفها. ويتزامن هذا الإقبال الكبير على تعلم الروسية مع إصدار جهاز المخابرات المدني التشيكي تحذيرا واسعا مع بداية الشهر الجاري من تنامي النشاط الاستخباراتي الروسي الذي يركز على كسب الطلاب والعلماء تماشيا مع اهتمام موسكو المتزايد بالتكنولوجيا الحديثة. وحسب التقرير التشيكي تستغل الاستخبارات الروسية تنامي الاهتمام باللغة الروسية بين الشباب لتقوم بتوظيفهم وبرواتب مغرية للعمل معهم، ويقوم العاملون في السفارة الروسية في براغ بتنظيم اللقاءات النشطة بين العلماء الروس ونظرائهم التشيك.