اليوم الأربعاء هو استثنائي في مدينة تعزجنوباليمن لما شهدته من صورة مصغرة للحياة الدنيا وهي تجمع بين متناقضات يمر به الإنسان على سطح هذا كوكب. ففي الوقت الذي كان يحمل فيه مجموعة الشباب والناشطين الورود ابتهاجا باستقبال محمد منير في مطار تعز كان هناك آخرين يحملون نعش لعلم من أعلام تعز إلى مثواه الأخير . تعز لم تقف عن حدود الفرح والحزن ظهيرة اليوم حيث شهدت شوارع المدينة أيضا مسيرة غاضبة بمشاركة شبابية شعبية واسعة زاد من حشدها طلاب المدارس حيث جابت المسيرة عدة شوارع بالمحافظة للمطالبة بالقصاص من قتلة الطفل سفيان والذي عثر عليه نهاية الأسبوع الماضي مشنوقا في إحدى حارات تعز بعد الاعتداء عليه جسديا وجنسياً . إذن هو حزن كاسح خيم على المدينة اليوم وهي تودع شيخها الراحل المؤرخ والمربي التربوي الفاضل عبد الملك الشيباني وذلك بعد الصلاة عليه في مسجد السعيد بتعز وسط حضور كبير من مختلف الشخصيات والاتجاهات السياسية حيث كان قد وفاه الأجل فجر اليوم في تعز. والشيباني هو أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في اليمن والذي عاني من المرض خضع قبل وفاته تم إسعافه إلى خارج الوطن للعلاج من المرض الذي كان يعانيه. ويشكل رحيل الشيباني خسارة كبيرة للحركة الإسلامية في اليمن لما كان يتمتع به الرجل من مواصفات الرجل القيادي المحنك وصاحب الفكر السديد طوال حياته، واعتبر البعض رحيله خسارة لليمن كلها لما كان يتمتع به من فكر وثقافة و احد مراجع التاريخ اليمني رغم قلة ندرة مؤلفاته إلا أن ما يتوفر في المكتبات يؤكد أن الشيباني كان مؤرخاً استطاع أن يوثق كثيرا من الأحداث التاريخية التي شهدتها اليمن وشهدتها الجزيرة العربية، وعمل على رصد وتتبع انجازات العرب في العلوم والتاريخ والاختراعات التي كان العرب سباقون فيها. على مسافة ليست بعيدة تعيش المدينة الحالمة عرسا أخر وتمثل بعودة الشاب ونجل رجل الأعمال منير أحمد هائل سالما بعد غياب دام 28 يوما بيد خاطفيه الذين ينتمون إلى محافظة مأرب . فرحة بدأت كبرى في شوارع المحافظة التي تزينت بالصورة واللافتات المعبرة عن الحب المكنون تجاه هذه الأسرة من قبل أهل المدينة ومدن أخرى داخل اليمن وخارجها . على تراتيل الأناشيد الوطنية والدبكة السورية غمرت السعادة الجميع وبدأ موكب الاستقبال هو الأكثر حماسا وقد شاركت فيه العديد من قبائل مأرب الحضارة والتاريخ . للسلطة المحلية أيضا كان لها دورها في هذا الاستقبال الذي تقدمه محافظة المحافظة الأستاذ / شوقي أحمد هائل حيث ثمنت السلطة المحلية كل الجهود الرسمية والقبلية التي بذلت للإفراج عن الشاب محمد منير أحمد هائل بعد اختطافه من مدينة تعز بتاريخ 19/11/2013م واقتياده الى محافظة مأرب, وأكدت السلطة المحلية في بيان صادر عنها أن عملية الإفراج جاءت بعد جهود بذلتها لجنة الوساطة المشكلة من مشايخ وأبناء محافظة مأرب الشرفاء الذين عبروا منذ اليوم الأول لاختطافه عن إدانتهم لهذه الأعمال المشينة والخارجة عن النظام والقانون والشرع والأعراف القبلية والدخيلة على عادات وتقاليد اليمنيين كافة. وأشارت الى أن عملية الاختطاف كانت تهدف الى إثارة الفتنة بين أبناء محافظة تعز وقبائل مراد وأبناء محافظة مأرب غير أن جميع اليمنيين أثبتوا أنهم يدٌ واحدة في مواجهة كل الأعمال الخارجة عن النظام والقانون. وحيت السلطة المحلية بمحافظة تعز تفاعل وتوجيهات القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبده ربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني التي تعاملت مع هذه القضية بحكمة حرصا على سلامة الشاب محمد منير وحفاظاً على حياته وإتاحة الفرصة للجنة الوساطة من التواصل مع الخاطفين وإقناعهم بالإفراج عنه دون اللجوء الى القوة , كما حيت كل الفعاليات السياسية والجماهيرية والشعبية التي أعلنت رفضها لهذه الجريمة وكل جرائم الاختطاف . على جانب آخر هناك حناجر تهتف غضبا في شوارع المدينة وكلها لهفة لرؤية قاتلي ومغتصبي الطفل سفيان 11 عاما خلف القضبان كي يكونوا عبرة لغيرهم جزاء بما اقترفت أيدهم من الإثم . المسيرة التي شارك فيها طلاب المدارس طالب السلطتين المحلية والأمنية بتعز بسرعة القبض على الجناة لينالوا جزاءهم الرادع , مرددين العديد من الهتافات المتضامة مع أسرة سفيان الفقيرة ومطالبين أبناء المحافظة بالوقوف إلى جانب هذه الأسرة التي فجعت بفقدان فلذة كبدها . وتوعد المشاركين في التظاهرة بالاستمرار بمسيرات مماثلة حتى القبض على القتلة وتقدهم للمحاكمة وتنفيذ حكم الله فيهم .