خالد شاب سوري (39 عاماً) يعاني من مرض عقلي منذ صغره، وهو ما أكسبه عطف أهالي قريته "الحولة" خاصة بعد وفاة والدته التي كانت المعيل الوحيد له. ومنذ أن فارقت والدته الحياة إثر مرض عضال وخالد يعيش وحيداً خائفاً وهو يرى قريته تتعرض بين الفينة والأخرى لقصف طائرات الجيش النظامي التي ما فتئت تبث الرعب والفزع في كل مكان. وما كاد السوريون يودعون عامهم الذي مضى على وقع حصار، حتى استقبلوا عامهم الجديد بوابل من القنابل والقذائف التي انهالت فوق رؤوسهم فأحدثت دماراً هائلاً في معظم أرجاء البلاد، وخاصة في ريف حمص حيث ما تزال أغلب المناطق تعاني من حصار قوات نظام دمشق لها. أما الحولة فكان نصيبها من القصف عظيماً وانهار من جرائه أكثر من 13 منزلاً، وسقط العديد من سكانها جرحى. ووصف الناشط أبو النور في سخرية مرَّة الصواريخ والقنابل التي انهالت على أهالي الحولة بأنها هدايا نظام بشار الأسد لهم في يوم كان العالم كله يحتفل فرحاً برأس السنة الجديدة. وقال أبو النور -وهو من الحولة أيضاً- إنه ما إن سكتت المدافع واختفت الطائرات من سماء القرية حتى هُرِع بعض السكان إلى المنزل الذي يقطنه الشاب المعاق خالد فوجدوا المكان قد دُمِّر بالكامل ولم يتبق منه سوى حائط واحد فقط. ساد المكان صمت مشوب بالفزع كما يقول أبو النور، فقد ظن الأهالي أن خالداً قد مات فطفقوا ينبشون في ركام المنزل بحثاً عنه، وما هي إلا دقائق معدودات حتى عثروا عليه جالساً بجانب الحائط الوحيد الذي ظل قائماً بالمنزل. كان خالد عندما عثر عليه الأهالي يحملق في وجوههم دون أن ينبس ببنت شفة، لكنه ظل يبكي، ثم ما لبث أن ردد كلمة واحدة "تَدمَّر.. تدمّر"، في إشارة إلى المنزل الذي كان يؤويه. يقول الأهالي إنها معجزة تلك التي أبقت خالد على قيد الحياة، بل ولم يصب بأذى رغم القصف العنيف الذي أحال منزله إلى ركام. ويمضي أبو النور إلى القول إن خالداً الآن ينعم برعاية جيرانه الذين شرعوا في إعادة ترميم منزله لعل البسمة تعود إلى محياه من جديد.