قيادي في الحراك الثوري يهاجم الانتقالي الجنوبي و يدعو إلى انتفاضة    مع اقتراب موسم الاضاحي ..10 دول عربية ضمن الأكثر امتلاكا للأغنام في العالم وهذا هو ترتيب اليمن    الاتحاد السعودي معروض للبيع!.. تحرك عاجل يصدم جمهور العميد    غرق طفل في حضرموت : العثور على جثته بعد ساعات من البحث المكثف    "نهب ممنهج وتدمير متعمد": عصابة حوثية تابعة لفارس مناع تعتدي على معبد ومواقع أثرية في إب    في اليوم 242 لحرب الإبادة على غزة.. 36550 شهيدا و 82959 جريحا وتوغل اسرائيلي للمرة الثانية في البريج    قائد الحماية الجسدية لعلي عبدالله صالح يروي " مأساة الشعب وضياع الجمهورية"    عدن وحضرموت على صفيح ساخن والغضب الشعبي يتزايد    ضربة قاصمة جديدة للحوثيين: عدن تستقبل المزيد من المنظمات الدولية    الرئيس اليمني الاسبق علي ناصر يكشف عن مشروع للسلام في اليمن واسباب عدم اعلان نتائج لقاءات مسقط    إصابة امرأة و4 أطفال جراء حريق في مخيم للنازحين بمارب    وفاة 7 أشخاص من أسرة واحدة إثر انفجار أسطوانة غاز في المهرة    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزّي في وفاة المناضل العميد شعفل عبدالله العبادي    545 مستفيدا من القافلة الطبية والدورة التدريبية في الإنعاش القلبي بمستشفى حريضة    تشيلسي مهتم بمدافع بايرن ميونيخ    ارسنال الاقرب لخطف مهاجم لايبزيغ سيسكو    كاين يطالب ساوثغايت بالابقاء على كول بالمر ليورو 2024    المنتخب الوطني الأول يغادر للمنامة لمواجهة نظيره البحريني في تصفيات المونديال    بطارية طاقة شمسية تدمر منزل في المهرة وسقوط قتلى وجرحى    مليشيات الحوثي تسوق عشرات من عمال النظافة إلى جبهات القتال    منظمات المجتمع المدني في حضرموت ترفض تواجد قوات العليمي في الساحل الحضرمي    75 مليون دولار يلحسها وزير الداخلية "إبراهيم حيدان" قيمة بطاقة شخصية    الودُّ عامرٌ بين الحوثي و«القاعدة» في اليمن    ارحموا الريال    الحكومة الشرعية تعلن إطلاق سراح عدد من السجناء بمارب و3 محافظات أخرى    مشروع كويتي ضخم في مارب    بعد إعلان الريال التعاقد معه.. مبابي: "فخور بالانضمام إلى نادي أحلامي"    كريستيانو: أشعر بالفخر الشديد بعد موسمي مع النصر    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    وثيقة تكشف عن مديونية كبيرة للبنوك التجارية والإسلامية لدى البنك المركزي    مسار السلام في اليمن .. اتجاه نحو العودة إلى نقطة الصفر واخر يفتح بصيص تفاؤل وبينهما مشكاة ضوء خافت    - 17مليار دولار ارتفاع ثروة أغنى أغنياء روسيا خلال السته الأشهر من 2024    الرئيس الزُبيدي يوجه بمخاطبة واستكمال إجراءات نقل مقرات المنظمات إلى عدن    - توقعات ما سيحدث لك وفق برجك اليوم الثلاثاء 4يونيو    صاحب ومالك "قوات درع الوطن" يصر على العبث بأمن ساحل حضرموت    محلل سياسي يطالب الدول الإقليمية أن تكون سندا للجنوب    شقيقة "الحرازي" مدير شركة "برودجي" تكشف عن تفاصيل صادمة أصابت الجميع بالذهول والدهشة خلال جلسة الحكم بالإعدام    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    نهب وتدمير للاقتصاد الوطني.. كيف يعبث الحوثيون بالقطاع الزراعي؟    الحوثيون يزرعون الموت في الحقول: مزارع يمني يفقد ساقه في انفجار لغم(صورة)    عاجل:ريال مدريد يُعلن ضم النجم الفرنسي كيليان مبابي    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    عودة التيار الكهربائي إلى مدينة مأرب بعد انقطاعه لساعات إثر خلل فني    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    خبير آثار: ثور يمني يباع في لندن مطلع الشهر القادم    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    خراب    الوجه الأسود للعولمة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: القضاء على الثورة بالحرب الأهلية
نشر في صوت الحرية يوم 03 - 10 - 2011


حسام عيتاني
لم يجد الرئيس علي عبدالله صالح مخرجاً من أزمته سوى الحرب الأهلية، فأدخل اليمن بأسره في تجربة قد تسفر عن صورة مقطعة الأوصال لبلاد أنهكها حكم الفرد والتدخلات الخارجية والانقسام الداخلي المستعصي.

والجهود التي بذلتها قوى المعارضة، خصوصاً شباب ساحة التغيير، في الحفاظ على سلمية الثورة، تبدو في الرمق الأخير قبل الانهيار وانفتاح باب الحرب الأهلية على مصراعيه. فتصاعد عدد قتلى القصف والقنص والإغارات المسلحة التي يمارسها الجنود الموالون لصالح على الشباب المعتصمين في صنعاء وتعز وعدن وغيرها، يفرض ضغطاً شديداً على المعارضين ويضعهم في مواجهة جملة من الحقائق المريرة منها الحاجة الماسة الى وقف سفك دماء المتظاهرين السلميين، والتخلص من مظهر العاجز عن الدفاع عن نفسه، سواء سلماً بفرض تنحي صالح وتقديمه الى المحاكمة أو بالقوة من خلال الاطاحة به عبر وحدات الجيش المنشقة.

على أن موازين القوى التي أتاحت عودة الرئيس اليمني بعد ثلاثة أشهر من العلاج في السعودية، بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها، لا تترك مجالاً للتكهن باستحالة إرغام صالح على التنحي عن الحكم. ويوضح مشهد التحالفات القبلية صعوبة التوجه الرامي الى إبعاد الرئيس (وعائلته وخصوصاً ابنه أحمد) عن القصر الجمهوري.

ومقابل وجهات نظر تتحدث عن التأييد العربي والأميركي الكامل لصالح للبقاء في الحكم، ثمة من يقول ان ما يساعده على الصمود عملياً هو التشرذم في الهيئات الاجتماعية والرسمية المؤثرة. فالقبائل الكبرى، ورغم وجود قيادات "شرعية" لها تعارض الحكم الحالي، إلا ان صالح نجح في الأعوام الماضية في تطويق القيادات التقليدية بعدد من الموالين له في القبائل الكبرى. عليه، يبدو تصويره وكأنه نبت غريب ومعزول عن البيئة القبلية غير صحيح، ليس بسبب تمتعه بدعم القبائل صاحبة الحصص "الشرعية" في توازن السلطة، بل لبنائه تحالفات بديلة مع شخصيات من الصفوف الثانية والثالثة في هذه القبائل تتمتع باستقلال نسبي عن الزعامة القبلية التقليدية.

عليه، جرى التعبير عن التأييد العربي لبقاء صالح في الحكم في أكثر من شكل، كعدم طرح الموضوع اليمني على المستوى ذاته الذي طرحت فيه مشكلات داخلية، آخرها الثورة السورية، أمام جامعة الدول العربية. وبعد محاولات عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية تولاها السفير الأميركي، أبدت الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً تجاهلاً للموضوع اليمني، في وسائل الإعلام وعلى ألسنة المتحدثين باسم الحكومة الأميركية، أو بالأحرى يحضر الشأن اليمني حضوراً كمياً عند تصاعد أعداد القتلى الى مستوى لا يمكن التغاضي عنه.

والظاهر ان صالح يرغب في تكريس قناعة بالرضا الأميركي التام عن بقائه ممسكاً بالسلطة. ومما يشير إلى الرغبة تلك، رده على السؤال الأول في المقابلة التي اجرتها معه صحيفة "واشنطن بوست" قبل أيام عن محاولة اغتياله، بحصره التحقيق فيها بالأجهزة الأميركية وانتظاره تحليلاتها. ويبدو شديد الغرابة تكليف رئيس دولة مستقلة أجهزة امن واستخبارات أجنبية التحقيق في اعتداء تعرض له داخل قصره. والتفسير الأقرب إلى طبيعة الرئيس اليمني هو ان انتظاره نتائج التحقيق الأميركي حصراً، إعلان لمن له عينان، أن الولايات المتحدة هي من يهتم بأمنه وسلامته، كشخص وكنظام.

يساهم الزعم هذا في تعزيز موقع رئيس يسوّق نفسه كمحارب شرس ضد إرهاب تنظيم "القاعدة". وفيما تقول مصادر عدة أن العلاقة بين التنظيم والنظام أكثر تعقيداً مما تبدو عليه، وان "القاعدة" ليست بالجبروت الذي ينسب اليها ويصورها بالجهة القادرة على فرض تغييرات سياسية وامنية جذرية عندما ترتخي قبضة النظام، على غرار ما جرى في مدينة زنجبار في أبين، في تموز (يوليو) وآب (اغسطس) الماضيين. بيد أنها الحاجة إلى الحفاظ على الانتباه الأميركي موجهاً إلى الرئيس وفريقه.

الوجه الآخر للحرص الأميركي على استمرار الحرب ضد "القاعدة"، هو توسيع هامش المناورة السياسية عند علي عبدالله صالح، ما يتيح له فرض توقيع المبادرة الخليجية التي تأخر إقرارها كثيراً، في الوقت الذي يلائم الرئيس ووفق شروط اضافية قد يدخلها على هامش المبادرة.

لكن الأهم من ذلك أن اللجوء الى تصعيد العنف ودفع البلاد إلى الحرب الأهلية المفتوحة، يتضمن عدداً من الفوائد بالنسبة الى النظام الحالي، أهمها أن القوى التي ستواجه الحكم ستخلو من المتظاهرين الشباب السلميين الذين يبدون متشددين وجذريين في مطالبهم الإصلاحية والثورية أكثر بكثير من زعماء القبائل التقليديين الذين في وسع صالح العثور، بسهولة نسبية، على الكثير من نقاط التقاطع والمصالح المشتركة معهم.

بكلمات أخرى، ستعرّي الحرب الأهلية الثورة اليمنية من مضمونها التغييري وتخرجها من سياق "الربيع العربي" لتضعها في إطار حرب قبلية عشائرية اعتاد الرئيس صالح على خوض مثلها عشرات المرات، وإن كانت تبدو أعنف المرة هذه. وسيكون في وسع الرئيس الذي لا ينفك يردد عدم رغبته في ترشيح نفسه لولاية رئاسية جديدة، التفاوض مع قادة القبائل المطالبين بتنحيته، على حل يضمن امتيازات واسعة "لسلالته" السياسية والاقتصادية.

من هنا قد صح القول ان الحرب الأهلية التي تلوح في الأفق والتي يقود المعسكر المناهض لصالح فيها، أشخاص يشبهونه أكثر مما يشبهون الشبان المعتصمين في الساحات، ستكون في نهاية المطاف علامة النهاية للثورة اليمنية، ما لم يتدارك الشباب السلميون هذا المصير ويمنعوا عودة البلاد الى الدائرة المفرغة التي تسير فيها منذ أعوام طويلة، والتي تقتصر الخيارات فيها على العنف والاستبداد وتعميق الفقر وتهميش قوى التغيير السلمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.