الإنسان حيثما يضع نفسه وليس حيثما يضعه الاخرون مقولة قديمة استذكرها في كل مراحل حياتي لأنها تعطيك دفعة قوية للإمام والشعوب عموما تستطيع ان تصنع المعجزات في حالة التآلف والوحدة والتناغم الجغرافي والطبقي والتعليمي والمهني في حالة السلم الامني والإجتماعي الذي تعيشه البلاد عادة . ومن هنا فنشوء ظاهرة المطالبة بحقوق المناطق والفئات يعتبر امرأ طبيعيا . بخلاف أن تكون هذه المطالبات في حالة الإنفلات الامني والأخطار التي تهدد السلم الإجتماعي في البلاد فنشوء الطبقية والإقليمية المطالبة بالحقوق يعتبر امراً مهدداً لإستقرار البلاد ووحدتها خاصة في حالة حمل السلاح على الدولة كما هو الحاصل مع الحوثيين او حتى الدعوة لحمل السلاح واللجوء إلى اعمال شغب وفوضى تستهدف الاستقرار والأمن كما هو حاصل مع الحراك الجنوبي المسلح . أو تلك الدعوات الضيقة التي تنطلق هنا او هناك كمقولة عدن للعدنيين او تهامة للتهاميين . وهذا هو مايسمى بالقراءة الخاطئة للمشهد السّياسيّ في البلد وان كانت المطالبة بالحقوق مشروعة إلا ان الظرف والتوقيت يعد مدخلًا لمعالجاتٍ خاطئةٍ تُوَلِّدُ مزيدًا من التعقيداتِ وهذه الحركة التدافعية لهذه المشاريع الصغيرة تدفع بالبلد نحو الانزلاقِ والأنهيار الكلي للدولة .. وكذلك هذه الحركات التدافعية تعمل على تحوير طبيعة الصراع الذي قامت من اجله الثورة وسقط الشهداء المتمثل بالتغيير السلمي للنظام القائم وإزالة محاور الشر والفساد في البلاد . وهذا يجعل الدولة تنشغل بمثل هذه المشاريع الصغيرة والتي حورت وقزمت القضايا الكبرى على قضايا اراضي وغيرها عن الاهداف السامية التي يمكن ان تكون قد رسمتها للإتجاه نحو التغيير الحقيقي . وشخصياً أرى : ان مثل هذه المشاريع الصغيرة إنما تهدف لفكفكة الطموح الحقيقي لبناء يمن قوي ومتماسك ومحاولة إبعاد الانظار عن الاستقرارِ السّياسيّ والاجتماعيّ الذي تنشده القوى الوطنية لليمن والذي يكمن قي إكمالِ مسارِ التّغييرِ السّياسيّ الشّامل، لتثبيت أُسُس الدّولة المَدنيّة ومُرتكزاتِها في المُواطنة المتساوية وسيادةِ القانون، واعتماد سياساتٍ اقتصاديّة رشيدة وخلع أتباع العائلة من مفاصل الحكم والقرار في البلاد . والكثير منا ينسى او يتناسى أن هذه الثورة قامت لتعيد كل ذي حق حقه ولتبعد المظالم وتنهي الطبقية والفئوية والسلالية والعرقية وإلا فلماذا ضحينا وسالت دماءنا في الساحات . ومن هذا المنطلق أعتقد أن المشاركة في صنع القرار لم يعد بيد فئة واحدة ولم يعد بيد أشخاص فهذا العهد قد ولى . والحوار الوطني مايجب ان يشترك فيه كل ابناء اليمن ولايقتصر على الاحزاء أو المكونات الثورية او الحراك الجنوبي او الحوثيين …. بل يجب ان يكون حواراً يناقش كل القضايا الوطنية المطروحة على الساحة ليشعر كل فرد من ابناء هذا البلد أنه جزء فعال في بلده يبني ويشارك في البناء لافرق بين منططقة واخرى وبين طبقة واخرى . وهنا نعود إلى المقولة التي أفتتحنا بها المقال المرء حيث يضع نفسه وليس حيثما يضعه الاخرون فتهامة وابناءها لايشك عاقل ولايتناطح عنزان في انها حاضر وبكل قوتها في المشهد السياسي والثقافي والفني والإقتصادي اليمني وقد وضع أبناء تهامة انفسهم في المكانة المناسبة إلا أن النظام السابق حاول استبعادهم بكل الطرق وآن الاوان طبيعيا ان يحتلوا ماكان يجب ان يكون لهم كغيرهم من ابناء هذا الوطن وأن ينالوا من المشاريع الخدمية والتحتيه بدون تفرقة مابين تهامي وحجري وجنوبي وحوثي وحزبي خاصة ونحن كلنا نعلم ان تهامة هي السلة الغذائية للجمهورية اليمنية وهي المنتج الاكبر والأجود للأحياء البحرية وأنها المدر الأكبر لخزينة الدولة وأن الإنسان التهامي هو الأكثر صفاءً ونقاء وطيبة وهو كذلك ذلك الشخص القوى الجلد وفي نفس الوقت هو ذلك الشخص الحنون الشاعري ولا اراني مظطراً أن أذكر القاريء الكريم بشخصيات تهامية صنعت التاريخ وشخصيات تهامية كانت ومازالت تصنع التاريخ بكل فخر واقتدار .