لاشك أن شعب الجنوب الذي عانى وقاسي كثيراً خلال السنوات الماضية منذ ضمه وألحاقه في وحدة غير متكافئة ولا مدروسة في 22 مايو 1990م أجبرته الظروف لقبول أي شئ حتى وأن تسلط على حركاته الاحتجاجية السلمية ممن شاركوا في سفك دم أبنائه و الركوب في مجازير ودبابات الجيش اليمني لفتح مدن ومناطق الجنوب في صيف 1994م . ومع هذا شعب الجنوب المتسامح ظل ولا زال ماد يده للجميع من أجل الخلاص من براثن هذا الظلم والطغيان والقهر الواقع فيه , ولم يلتفت يوماً أو يقصى أو يلجم أصوات النفاق والحرباوية ممن كانوا بالأمس القريب من جند الله وشبابه الصالح والمجاهدين في سبيله لفتح بلاد الكفر والفجور والألحاد . فالمعاناة والضيم التي عاشها هذا الشعب المكافح جعلته يتعلق بأي قشه على الأمل الوصول إلى اليوم الموعود بتحقيق النصر والاستقلال الثاني . لكن ذاكرة أبناء الجنوب لن تكون مغيبة وخوانة كثيراً حتى يستغفل البعض هذا الشعب العظيم ويدغدغ مشاعره بمواعظ وخطب حنانة طنانة كما يفعل – عادة – العقيد في الجيش اليمني أحمد محمد بامعلم المسمي نفسه – مرة وحده – رئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب الذي أصبح سليط اللسان – في كل خطبه المنبرية – ليس على من يسمهم المحتلين بل على أبناء الجنوب وقياداته وكوادره ونشطائه وطلائعه الفتية . بالأمس في مهرجان المكلا الحاشد الرافض لحوار صنعاء صوب العقيد بامعلم سهام كلامه إلى القيادات الجنوبية المشاركة في الحوار الوطني المزمع انطلاقته اليوم في عاصمة اليمن صنعاء متهماً أياهم "بالمغرر بهم" تارة , وتارة أخرى بمن "باع ضمائرهم" مقابل حفنة من المال , وأنهم "خونة" سوف يداسون تحت الأقدام وسيتم محاسبتهم بعد التحرير والاستقلال! , لا .. ليس هذا فحسب بل أن العقيد بامعلم سلط لسانه على رجال الأمن والموظفين الحكوميين بأن يكونوا سمعاً وطاعة لصاحب الفضيلة وأمير المؤمنين والفاتح بأمر الله العقيد بامعلم ومش مهم أن تقطع معاشاتهم لأن الأهم عند – حضرة الشيخ – النضال ! .. يا سبحان الله . واللهم لا أعتراض في حكمتك ولكن أن يتحول رئيس شعبة التوجيه في كتائب فتح حضرموت والنائب التائب صاحب اللحية الحمراء في الحزب اليمني للاصلاح إلى قاضي محكمة تفتيش لكي يتوعد بمحاسبة الناس ومعاقبتهم على ما في صدورهم وما في خلف حواجبهم "دي كبيرة مرة" ولا تحتمل ! ومسخرة لابد أن تتوقف , على الأقل من باب الأدب والنصح أن يقال لهذا "المتنطع" إلى هنا وكفاية مزايدة . فمن الذي سيحاسب من ! والعقاب والدعس بالأرجل من يستحقه ! .. هل هم هؤلاء القيادات السياسية التي تحمل مشاريع وأفكار أو هم معشر الموظفين والموظفات في مرافق مؤسسات الدولة المختلفة الذين شاءت قدرة الله أن تجعل معيشتهم متوقفة على مرتب آخر الشهر ! أم أولئك الذي كانوا رفقاء وأعوان الجيش اليمني في احتلال أرض الجنوب في 94م . من الذي ينبغي أن يجر الخزي والعار هل هم المحاورين من أبناء الجنوب في مؤتمر صنعاء وأن أختلفنا مع وجهات نظرهم وإلا من يعطيك من طرف اللسان "حلاوة" ويورغ منك كما يروغ "الثعلب" ! . على ما يبدو أن العقيد بامعلم مصراً على التمزغ في وحله بعد سقوطه الماحق في انتخابات مجلس النواب اليمني في الدائرة الانتخابية (142) بالمكلا , ربما أن "الشيخ" تناسى أنه كان أحد أعضاء هذا المجلس التشريعي لدولة الاحتلال اليمني في أول انتخابات برلمانية بعد وحدة 1990م .