كنت قد كتبت العام الماضي في ذكرى ثورة 14 أكتوبر اليمنية أن تلك الثورة لم تقدم لنا ولا للجنوب العربي إلا المآسي والضياع حيث كانت كل أجندتها يمنية و كل همها اليمننة بشعاراتها وأفعالها ولم نكن في حسبانها لا من قريب ولا من بعيد. فهي ثورة زرعها و سقاها الأشقاء اليمنيون وهم من أكلوا ثمرتها وكانت أدواتهم في ذلك هبل وسفهاء ومجرمي الجبهة القومية من بني جلدتنا والكثير منهم إلى اليوم سادرين في غيهم مقرفصين تحت خيمة الجهالة والغيبوبة الفكرية والسياسية, لا بل لا يزالون يحتفلون بخيبتهم في ذكراها ولله في خلقه شؤون , واليوم هو ذكرى الثلاثين من نوفمبر يوم الاستقلال المزعوم فهل حقا حصلنا على استقلالنا في ذلك اليوم المشئوم وبعيدا عن العصبيات والعواطف المركبة الشعاراتية, الأمر لا يحتاج إلى كبير ذكاء و لا إلى عبقرية تحليلية بل إلى نظرة موضوعية بسيطة. قبل ذلك اليوم كنا حضارم نحمل اسمنا وهويتنا وجوازات تمثل هويتنا نتجول بها في الجزيرة و الخليج – امتدادنا التاريخي والاجتماعي – أحرارا كمواطني تلك الدول تماما معززين مكرمين محترمين تسبقنا سمعتنا الطيبة وأخلاقنا العربية الإسلامية الحميدة التي عرفنا بها في كل مكان . أما بعد النكبة (30 نوفمبر) فقد استبدلت هويتنا بالهوية اليمنية وأصبحنا يمنيين بقوة الحديد والنار وأصبحنا معزولين إقليميا وعالميا تحكمنا النظرية الشيوعية الغريبة عن أخلاقنا وقيمنا وديننا تلك النظرية التي تهاوت في معاقلها بسبب أفكارها الضالة في الفلسفة والاقتصاد ونظرتها العدمية للمجتمع والفرد. ابعد كل ذلك يمكن لعاقل أن يقول أننا حصلنا على استقلالنا في 30/11/1967 لا بل ونحتفل كالدراويش بتلك الجريمة المهزلة. لا يمكن لشعب أن يمضي قدما ما لم يقف وقفات مراجعة ومحاسبة وتنظيف وشطب الصفحات السوداء من تاريخه وإلا سيظل قابعا في سراديب الجهل والتخلف والفقر . أن أول أولوياتنا تطهير ثقافتنا وحياتنا الاقتصادية والسياسية من أدران ثقافة الجبهة القومية ونواتجها, 14 أكتوبر , 30 نوفمبر وما يسمى الوحدة اليمنية واستعادة هويتنا التاريخية لنضمن مستقبل أجيالنا في هدوء و سكينة واستقرار وثقة بل واستعادة أخلاقنا وقيمنا التي عرفنا بها بين الأمم والتي أصابها بعض الترهل جراء ربع قرن شيوعية وما يقرب من ربع قرن آخر وحدة مع اليمن الشقيق