في ظل الأمن والأمان تحلو العبادة ويصير النوم سباتاً والطعام هنيئاً والشراب مريئاً وهو مطلب الشعوب كافة، والأمن هبة من الله لعباده ونعمة يغبط عليها كل من وهبها ولا عجب في ذلك فقد قال الله تعالى (( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )) صدق الله العظيم. وروى الإمام الترمذي في سننه من حديث عبيد الله بن محصن الخطمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بما فيها" . إن حب الأمان مطلب فطري لكل الناس وهذا الأمن والأمان من الخير الذي فطر الله تعالى الإنسان على حبه كما جاء في القرآن الكريم : "وإنه لحبِّ الخير لشديد". ولا يخفى عليك عزيزي القارئ أن أعظم النعم التي يظْفر بها الإنسان نعمة الأمن والاستقرار .. فيكون آمناً على دينه أولاً ثم على نفسه وعلى ماله وولده وعرضه بل وعلى كل ما يحيط به ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والابتعاد عن العصيان لأن الأمن مشتق من الإيمان والأمانة وهما مترابطتان قال الله جل في علاه : "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" صدق الله العظيم، والمقصود بالظلم كما بينه الله في آيات أخرى في وصية لقمان لابنه (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) وبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في مواضع عدة. وانطلاقاً من إدراكنا أن الأمن في الأوطان ينشد على صعيد الأمم والأقطار فلا بد أن نسلط الضوء على أبرز مقومات أمن الأوطان، وهي : الاستقرار السياسي للدولة، فهو من أهم عناصر استتباب الأمن، ولا بأس لو أطلقت العنان لناظريك نحو الدول والديار التي كانت تنعم بالأمن والاستقرار ، بل إن بعضها كانت مثالاً للأمن في محيطها الإقليمي واليوم نشاهد أهلها يعانون من الخوف والرعب نتيجة لعدم الاستقرار السياسي. فمثيلات تلك الدول تكثر فيها الانقلابات، وهناك لا يأمن الناس على حياتهم ولا على أموالهم ولا على أعراضهم فكيف يهنؤون بطعام وشراب في ظل فقد الأمن والأمان، فضلاً عن التساؤلات الملحة حول إمكانية مقدرة الشعوب على الحصول على مطعمهم ومشربهم تحت تلك الظروف المخيفة، وغير الآمنة. ولقد اهتم ديننا الإسلامي بتأمين استقرار الدولة، فأمر بطاعة أولي الأمر في غير معصية الله وجعل طاعتهم متممة لطاعته سبحانه وتعالى، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى : " يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً" صدق الله العظيم . وحذر ديننا الحنيف من الخروج على الحاكم، وشدد على الالتزام بطاعة ولي الأمر مهما كان أصله ونسبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه : "إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف» رواه مسلم . ولا أظنكم تمانعون أعزائي القراء لو اقتربنا أكثر لفهم هذه الكلمة القريبة لقلوبنا، المنشودة في جوارحنا، فالأمن في اللغة هو طمأنينة النفس وزوال الخوف وإلى هذا أشار الله بقوله في سورة التوبة: " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" صدق الله العظيم، قال المفسرون أي أبلغه المكان الذي فيه أمنه وطمأنينة نفسه وزوال خوفه. والأمن في الاصطلاح هو الحالة التي تتوافر حين لا يقع في البلاد إخلال بالقانون سواء كان هذا الإخلال جريمة يعاقب عليها القانون أم نشاطاً خطيراً يدعو إلى اتخاذ تدابير الوقاية والأمن لمنع مثل هذا النشاط، والأمن كذلك هو السلامة والاطمئنان للنفس وانتفاء الخوف على حياة الإنسان أو على ما تقوم به حياة الإنسان من مصالح وأهداف وأسباب ووسائل مما يشمل أمن الفرد وأمن المجتمع. والأمن هو الأساس في ازدهار الحضارة وتقدم الأمم ورقي المجتمعات وإذا ضاع الأمن اختلت الحياة وتوقف موكب التقدم وأصبح هم كل فرد هو الحفاظ على أمنه وأمن من معه دون النظر إلى أي شيء مهما كان ولقد اهتمت شريعتنا السمحاء بالأمن غاية الاهتمام واعتبرته هدفاً لذاته فلقد دعا القرآن الكريم بشكل صريح وفي آيات كثيرة إلى المحافظة على الأمن بكافة جوانبه .. الأمن للدين، الأمن للنفس، الأمن للمال، الأمن للعرض والنسل، وهذه هي الضروريات الخمس التي جاء الشرع لحفظها، بل جاءت لحفظها جميع الشرائع والأديان، ولنتأمل في قول أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام "وإذ قال إبراهيم ربي اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر" صدق الله العظيم. وعلى قَدْر حرص الناس يكون لهم الأمن من الله والأمان وعلى قدر تفريطهم يحل عليهم العذاب والهوان من الله عز وجل. فكيف لو عاملنا الله بعدله في قوله تبارك وتعالى : "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين:" صدق الله العظيم. فانظروا معي إلى الآية السابقة حيث قال سبحانه " بشيء من الخوف" فكيف لو ابتلانا الله بالخوف كله، وهذا من رحمة الله بعباده. لا بد أن نعلم أن الأمن مسؤولية الجميع فهي ليست فقط مسؤولية رجال الأمن الساهرين على أمننا وأماننا واستقرار أوطاننا، بل هي أيضاً مسؤولية الشعب أفرادا وجماعات، أن نحافظ على أمن وأمان هذا الوطن .. وطن الثاني والعشرين من مايو العظيم، قبل أن يتربص بنا أعداء الوطن العظيم والوحدة المباركة والثورة الخالدة. ماذا سيكون ردُّك لو مددتُ يدي إلى يدك قائلاً لك فلنتمسك ولنحافظ على أمن بلدنا؟ ❊ مندوب اتحاد الطلاب بقسم الصحافة والإعلام في كلية الآداب- جامعة عدن.