واكشوط - سكينة اصنيب أثارت ظاهرة الأغاني والفيديو كليب الشبابية الجديدة غضب فئات واسعة من الموريتانيين بسبب جرأتها في الخروج على تقاليد المجتمع وقيمه، من خلال ظهور فتيات غير محتشمات ومشاهد فاضحة. وأمام الانتقادات والدعوات المطالبة بمحاكمة منتجي وإبطال هذه الأغاني، اضطرت الشرطة في النهاية إلى استدعاء بطلة أشهر فيديو كليب جريء في موريتانيا للاستماع إلى أقوالها في محاولة لتهدئة الشاعر الناقم، من سلوك الفنانة الصاعدة ليلى مولاي، التي دافعت عن نفسها أمام الاتهامات الموجهة لها، مؤكدة أنها "تسعى إلى تطوير الفن الموريتاني"، على حد قولها.
ورغم عدم بث هذه الأغاني على القنوات الفضائية الموريتانية، فإن انتشارها في الأسواق وعلى مواقع الإنترنت أثار انتقادات شديدة في المجتمع الموريتاني المحافظ، ووصلت إلى خطب الجمعة في المساجد، وتتضمن الأغاني إحاءات وعبارات جريئة ومشاهد ساخنة تظهر فيها فتيات بملابس مكشوفة تظهر أجزاء من الجسم. وسجلت أغنية "بدأ من نواكشوط" للمغني الموريتاني حمزة براين، المصورة على طريقة الفيديو كليب نسبة مشاهدة عالية بعد نشرها على "يوتيوب"، وجاءت أغلب التعليقات سلبية ومستنكرة لفكرة الأغنية وطريقة تصويرها، واعتبارها خروجاً على عادات المجتمع الموريتاني، وترويجاً للانحلال الأخلاقي، بينما اعتبرها البعض عملاً فنياً يعكس رؤية شبابية وذوقاً معاصراً. كما انتشرت بعدها أغنية شبابية صورت في فندق بالعاصمة نواكشوط، وهي الأغنية التي أثارت غضب الشارع الموريتاني أكثر، وانتقد الجمهور مشاهد الإغراء الغريبة جداً عن المجتمع الموريتاني. ويأتي إنتاج هذه الأغاني بعد بث المسلسل الاجتماعي الجريء "بنت الناس" الذي حاول كسر تقاليد المجتمع المحافظ بنشر ثقافة عصرية وتشجيع الشباب على التحرر من العادات القديمة، وهو ما اعتبره المهتمون موجة فنية جديدة تخدم الحراك الفني، وتعكس وجهة نظر التيار المتحرر في موريتانيا. ناقد: احتضان المواهب أفضل من قمعها وفي هذا الإطار، يقول الناقد أحمدو ولد لمرابط، إن الخطوة التي قام بها الشباب بإنتاج أغانٍ غريبة عن المجتمع هي تعبير عن جيلهم وأفكارهم، ورغم رفض الكثيرين لأغنية "بدأ من نواكشوط" فإن هذا لا ينفي أنها عمل فني ناجح ومتكامل، ولأول مرة في موريتانيا ينجح مغامرون بإمكانيات متواضعة في إنتاج أغنية رائعة من ناحية التصوير والمونتاج والألوان و"الريميكس" الموسيقي. ورفض الناقد الادعاءات التي أطلقها البعض بأن هذه الأغاني محاولة لنشر الفاحشة ويقف وراءها أجانب، واعتبر أن الموضوع لا يخرج عن نطاق "لوثة" فنية جديدة تواجه الرفض كما حدث في مجتمعات أخرى عرفت محاولات فنية مماثلة وصفت بالجريئة والمشجعة على الخروج عن العرف والعادات. وأضاف أن حدة الرفض في المجتمع الموريتاني لهذه الأعمال تعود إلى طبيعة المجتمع المحافظ الذي يرفض المساس بقيمه تحت أي ذريعة، مشيراً إلى أن ردود الفعل الرافضة للأغاني شكلت حملة دعائية ضخمة لم تحلم بها الشركة المنتجة للأغنية. ودعا الناقد إلى احتضان المواهب الفنية الجديدة وتوجيهها لإنتاج أعمال مهمة، وتوقف عن نظرة التخوين والإقصاء التي توجه لها، فرغم السيئات التي يراها البعض في هذه الأعمال فإنها كشفت عن مواهب قادرة على تطوير الفن لو توافرت لها الإمكانيات والدعم.