بقدر ما يعتصر قلوبنا الحزن والأسى والألم الكبير لفراقك أيها الزميل العزيز والأخ الكريم بقدر ما نفتخر ونتباهى بعظمة موقفك البطولي وتضحيتك الغالية بأن وهبت دمك الزكي وروحك الطاهرة فداءً للوطن ودفاعاً عن أبناء الشعب.. فارتقيت إلى ربك شهيداً آثرت نفسك ودمك الزكية ليحيا غيرك بأمان وعزة وكرامه فهنيئاً لك الشهادة.. وللحديث هنا وفي هذا المقام عن هذا الشهيد والبطل الهمام الزميل المقدم أحمد الزعكري وزد بعض السجايا والخصال التي كان يتحلى بها شهيدنا رحمه الله.. فقد كان صادق الكلمة قوي الشكيمة والعزيمة كريم الأخلاق حميد السجايا طيب الأثر والخبر (فعلاً وقولاً).. عرفناه وعايشناه فترة طويله من الزمن وسنين عديدة زمالة وصحبة وأخوة.. أحببناه حباً جما, حيث أحب الجميع وأحبه الجميع.. ألفنا وألفناه بأخلاقه الكريمة وبشاشته الدائمة وحنكته العسكرية وشخصيته الاجتماعية المتميزة والمتفردة بجوهر معدنها الأصيل والنقي الذي ظل على الدوام لامعاً كالذهب الخالص لم يشوبه كدر أبدا ولم نجده في يوم من الأيام دون تلك السجايا الحميدة.. تقرأه يميناً وشمالاً طولاً وعرضاً ومن مختلف الجوانب والاتجاهات يظل في كل الحالات هو ذلك المعدن الأصيل النقي الثمين.. فقد كنت أيها الشهيد البطل شهماً كريماً شجاعاً وفياً سموحاً متواضاً متمتعاً برجاحة العقل وبالبصيرة الثاقبة ووسع الاطلاع والمعرفة وغزارة الثقافة .. تجر معه في تاريخ الحضارات وحقب الخلافات وعصور الدويلات وفي شتى العلوم والمجالات تجده رباناً ماهراً في سفينة الثقافة والعلم والمعرفة الملم وقائع التاريخ وتفاصيل الأحداث ومحطات الزمن العابر .. لايمل طول الحديث والجلوس معه على الإطلاق وإلى جانب كل ذلك كان أشد الحرص على إنجاز ما يسند إليه من مهام وأعمال إعلامية وصحفية بتميز وإبداع والكادر الاعلامي في دائرة التوجيه المعنوي بكل كافة منتسبي الدائرة على علم بما كان يبذله من جهود مضنية وجبارة ليقدم مواد ومواضيع إعلامية متميزة ونوعية في صحيفة «26سبتمبر» ومجلة الجيش وموقع «سبتمبر نت» كما كانت له كتابات في العديد من الصحف الرسمية ومنها الجمهورية والثورة و14 أكتوبر .. وكان لمواضيعه الإعلامية العسكرية أثرها الفاعل والكبير في الجانب المعنوي لمؤسسة الوطن الدفاعية . فقد كان مثالاً للتفاني والإخلاص في أداء واجباته الإعلامية العسكرية والوطنية دون كلل أو ملل لا يهدأ له بال ولا تغمض له عين حتى ينجز ما يوكل إليه من مهام وعلى الوجه الأكمل والأمثل.. بهذا فإن قلنا أننا خسرناه فذلك لما كان يمثله من قلم صحفي متميز وهامة إعلامية سامقة في رصيد الإعلام الحربي.. لكنه نداء الواجب الوطني العظيم الذي لباه مجيباً بحب واقدام وحماس دون توانٍ أو نكوص عن العهد والقسم فخاض سلاحه وقلمه العديد من ميادين الفداء وساحات الوغى وجبهات القتال في مواجهة العدوان ومرتزقته منتصراً لوطنه الغالي حتى ارتقى إلى باريه شهيداً قال تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون)..